Site icon IMLebanon

أحلى أيام التعازي

 

من المتعارف عليه أن الممثلات النجمات في لبنان يكرهن بعضهن بشكل منقطع النظير، ولسان كل واحدة شبران في قفا الأخرى. لا تعترف الواحدة منهن بموهبة الأخرى، لكنهن يجدن أنفسهن يكبتن مشاعرهن أو يكذبن إن سُئلن في برنامج ثرثرة في العمق عن دور أدّته عدوة كار. “بتجنن بهالدور الله يوفقها. بتستاهل. كلنا معك حبيبتي” وحال المغنيات الواسعات الشهرة مثل حال الممثلات. مداهنات تملأ قلوبهن الغيرة ويملأ رؤوسهن إعجاب وافتخار وافتتان بالذات. نرسيس المغرم بصورته في الماء ساقية في بحرهن.

 

 

 

والذكور، من المغنين والممثلين، بأكثريتهم الساحقة نسخة طبق الأصل عن الفنانات الإناث، في أحاديثهم المنمّقة وتلوّنهم ومجاملاتهم السخيفة. وإن فُجع واحدهم بوفاة جدته يطبّ عليه زملاؤه وزميلاته ويحيطونه بالدعم النفسي اللازم كي لا يسقط في لجة أحزان من دون قعر. وفي العادة هناك كاميرات توثق انهمار الدموع والعناق والقبلات والـ “بوزات” والمشاعر الجياشة. تابع مناسبات التعازي على التيك توك وإنستا وفايسبوك تجد ما يبهج ويسلّي بعيداً من أخبار السياسة.

 

 

 

قبل أسبوع شاهدت على وسائل التواصل الاجتماعي مقتطفات من عزاء فني / ثقافي شامل. نجوم وفدوا إلى الصالون قبل الدفن وبعده. منتجون. شعراء. نقابيون إعلاميون تقاطروا للأخذ بالخاطر وتنافسوا بنظارات سود وضعوها للفت الأنظار أكثر مما هي لحجب العينين، وهذا ما يفعله أيضاً نجوم السياسة، فيخال إلى مطارد النجوم أن جاك نيكلسون حضر شخصياً إلى المدينة الرياضية في الثالث والعشرين من شباط لتكتشف أن الصورة للعماد البحار إميل لحود وقد وضع نظارات سوداً لإخفاء عينيه المحمرّتين لكثرة ما انتحب.

 

 

 

في العزاء الفني/الثقافي ظهر ذوو الفقيدة في حال من السعادة الطافحة وهم يستقبلون نجوماً من المصنّفين class A وما دون. والنجم، بحكم مهنته، شاطر في تظهير مشاعره أمام الكاميرات أكثر من الشعب العادي المكتفي بـ “الله يصبركن يا عمّو” أو “يكون مثواها الجنة”.

 

 

 

العزاء، في أي ظرف، مناسبة اجتماعية حلوة وجامعة، تشرب فنجان قهوة وتتناول من الصينية قنينة مياه معدنية احتياطاً. دسها في جيب معطفك إن لم تكن عطشاناً. في العزاء ترضي حشريتك الموروثة عن جدّة. هذه زوجة نائبنا. وهذه صديقته. وتلك شاهدتها في مسلسل رمضاني. لا بأس أن تقوم وتعرّفها بنفسك وتسألها شو رح يصير بـ “الحلقة الجايي” في العزا تثرثر مع الـ “ستارز”. تأخذ صوراً معهم لتتباهى بها أمام الجيران، وإن وقّتّ الأخذ بالخاطر حوالى الواحدة والنصف من بعد الظهر قد تشارك ذوي الراحلة لقمة الرحمة.

 

 

 

في الأربعين يتبخّر الأحبّة. في جناز السنة بالكاد يحضر الأرشمندريت، والمرتل.