Site icon IMLebanon

ضحكة جعجع «الخبيثة» تجاوزت مكر الحريري

يروي العارفون بمشاركة سمير جعجع في ذكرى 14 شباط ان رئيس القوات كان مصمماً منذ اعلان تفاهم معراب ورغم كل الارتدادات السلبية وتداعيات ترتيب العلاقة مع الجنرال ميشال عون على علاقة جعجع بحليفه الأزرق على المشاركة في المناسبة، وكانت كل الأوساط القواتية تشير الى غياب «الحكيم» لأسباب أمنية ومشاركة وفد قواتي من الصف الاول، لكن سمير جعجع وحده كان يعلم انه سيحضر الاحتفال وان سليمان فرنجية سيغيب وسيحضر من يمثل المردة «والتيار الوطني الحر» تمثيلاً عادياً بعد الاصطفافات السياسية الجديدة وترشيح فرنجية من قبل الحريري و«الفيتو» الحريري المستمر على الرابية، وكان جعجع يدرك ان سعد الحريري سيستقبله بالاحضان والقبلات ويتوقع بعض الغمزات واللطشات على تحالفه مع الرابية لكن جعجع تقول مصادر مسيحية، لم يتوقع ان تصل «وقاحة» الحليف الى حد ادارة الظهر له على مسرح 14 آذار و«التزريك» له باحتضان سامي الجميل والوقوف بين الجميل الأب والابن، كما لم يتوقع جعجع تلك المزحة الثقيلة التي رماه بها الحريري في ما خص توفير الكثير على المسيحيين فيما لو تصالح قبل سنين مع ميشال عون، تلك المزحة التي ضحك لها جعجع ضحكة خبيثة تجاوزت مكر سعد الحريري واستعماله منبر 14 آذار للتجريح بالحليف السابق متناسياً ما بينهما من «خبز وملح» في السياسة، ولتكون تلك الرسالة الضربة الثانية الموجعة التي يتلقاها سمير جعجع من سعد الحريري بعد صدمة ترشيح خصمه السياسي في بنشعي.

فلا حاجة اذاً للقول ان ذكرى 14 شباط كانت «القشة التي قصمت ظهر البعير» بين الحليفين السابقين، وان المناسبة التي ارادها الحريري محطة لترميم صورة 14 آذار تحولت الى مناسبة ظهرت فيها كل الانشقاقات والتصدعات داخل جسم 14 آذار النحيل والمنهوك بالانقسامات تؤكد المصادر، فلا توزيع القبل على أشرف ريفي يعني ان وزير العدل تناسى تلك الاهانة التي وجهها اليه زعيم المستقبل ونزع عنه الصفة التمثيلية وصلة الارتباط به، ولا سحب خالد الضاهر من المقاعد الخلفية واظهاره على الاعلام يعني مصالحة كلية لـ«المطرود» من المستقبل والعفو عما مضى، اما الاساءة لجعجع فلها ارتداداتها الأقوى وقد ظهر ذلك في ردود فعل القواتيين على مستوى القيادة اذ اعتبروا ما حصل اعتداء على كرامة سمير جعجع ورمزية مشاركته في ذكرى اغتيال رفيق الحريري وفقدان الحريري لمستوى اللياقة في اهانة ضيفه في عقر داره.

ولعل مواقف القوات عبرت عن ندم القوات على المشاركة ولو ان الحكيم اكتفى بالعذر الامني او لو انه تصالح مع عون منذ خمسة عشر عاماً وان مصالحة عون افضل من مصالحة الحريري مع النظام السوري الذي يتهمه بقتل والده. فتلك العينات من مواقف القوات تدل على ان ما انكسر يصعب اصلاحه بعد اليوم بين جعجع والحريري وان مسلسل الغدر بين معراب وبيت الوسط لم ينته وسيكون له توابع في السياسة ومن دلالاته التي ستظهر قريباً في الانتخابات البلدية التي سيكون التحالف بين القوات والرابية متيناً وشاملاً في كل المناطق وحيث يجب على غرار ماكينة حزب الله وامل في الاستحقاقات.

تداعيات ذكرى 14 شباط قوية على القوات تضيف المصادر، وهي تشبه تداعيات ترشيح فرنجيه الذي يعتبر الخصم التاريخي لمعراب الذي لم يتصالح معه منذ 37 عاماً، كما ان ترشيح فرنجيه يعتبر نكثاً بالوعد السياسي والتحالف القائم مع معراب التي لم تخطىء يوما مع الحليف الأزرق سواء في القانون الارثوذكسي او الاستحقاقات السابقة وحتى في اعلان النيات مع الرابية.

بات بحكم المؤكد ان الامور لم تعد تشبه نفسها بين الحليفين السابقين تؤكد المصادر، وبدا ذلك واضحاً في مظاهر احتفال 14 شباط وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين القوات والمستقبل، وفي كلام قيادات المستقبل واقتناعها بترشيح فرنجية وكل ما قاله من كلام في مناسبة 14 شباط.

وبالتالي فان «المصيبة» صارت تقرب اكثر بين القوات والرابية، ونظرية التحالف بينهما صارت بحكم المؤكدة رئاسياً ونيابياً وبلدياً ونقابياً بعدما «بجت» بين الحكيم والشيخ. بدون شك فان الخصم المسيحي السابق صار مصراً على النزول بكل قوته ودعمه الى جانب ميشال عون، ومن المؤكد ان جعجع سيكون امام خيارات مصيرية بعكس الرابية التي ستقطف ثمار هذا التأييد بحسب المصادر، فهو سيكسب التأييد المسيحي وسيحصل على العفو عما مضى على الساحة المسيحية فتربح معراب مسيحياً على امل ان يكسب عون رئاسياً، الا ان جعجع خسر الشارع السني في حين ان عون بقي محافظاً على تحالفه مع حزب الله وتفاهمه مع حارة حريك الطويل الأمد خصوصاً بعد هجوم الحريري على «حزب الله» والنظام الايراني.

وفي مطلق الاحوال فالواضح ان العلاقة بين المستقبل ومعراب تسير نحو الانحدار الافقي وربما وصلت الى نهاية العلاقة فصورة جعجع هي الصورة الاخيرة في 14 شباط وفق المصادر، فحليفا الامس لم يعودا نفسيهما، فتيار المستقبل يرى اليوم أن معراب اختارت طريقها وان على معراب ان تكون نفسها معراب الامس التي رفضت ان تسير بالقانون الارثوذكسي كرمى لعيون حليفها وان الاحرى بها كانت ان تتفهم حيثيات ترشيح فرنجية بان المستقبل والسعودية يرفضان ميشال عون ويضعان الفيتو الابدي عليه، في حين اوحت الامور ان جعجع اعطى فسحة امل للعلاقة انهاها الحريري على المسرح فزعيم معراب يتمسك بالنظرية نفسها بالمقلوب، فسمير جعجع لا يمكن ان يهضم ترشيح خصمه السياسي والتاريخي، وعليه فان الامور وصلت بين الحليفين الى طريق الافتراق وحيث ان القوات بدون شك تسير نحو اكمال مشوار اعلان النيات مع الرابية انتخابياً وبلدياً ورئاسياً فيما يسير المستقبل بمن اختاره رئيساً من قلب فريق 8 آذار ليكمل معركته الرئاسية.