في وقت كانت طاولة الحوار منعقدة في مجلس النواب كان رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل يحاور رابطة خرّيجي الاعلام برئاسة الزميل عامر مشموشي. كان الحوار مفتوحاً على كل القضايا الاساسية، ومنها موقفه من الحكومة والنفايات والجلسة التشريعية والرئاسة.
يحرص الجميّل على وصف موقف الكتائب بأنه لا يشكّل تمايزاً بل هو تحرر من الارتباطات الاقليمية والدولية والداخلية. موقف الكتائب مستقلّ بالكامل، ويعبّر عن قناعاتها الوطنية.
ولدى سؤاله: كيف يكون مستقلاً والكتائب جزء من الحكومة؟ أجاب الجميّل: لا نعتبر أننا جزء من المشكلة الحكومية، فهذه الحكومة شكّلت لثلاثة أشهر بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية، وقد شارَكنا فيها ليس على أساس فريق عمل، بل على اساس ان تكون حكومة جامعة.
وخلال وقت قصير أصبحت، ونحن موجودون فيها، الجسم الوحيد المتبقّي، وتحوّل وجودنا الى هدف الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة. لكن في المقابل نقول انّ هذه الحكومة اذا لم تقدر على تخفيف هموم الناس ورفع النفايات يصبح وجودها وعدم وجودها سيّان، ومن هنا نقول للرئيس سلام: اذا أقفلت الامور تماماً تصبح مسؤوليتك مصارحة اللبنانيين، وتحمّل المسؤولية.
وعمّا إذا كان قد وضعَ مدى زمنياً للاستقالة من الحكومة؟ قال: لا مدى زمنياً لذلك وطالما هناك فرصة لحلحلة الامور فسنستمر، لأنّ ذهاب الحكومة، وهي آخر معقل مُتبقّ، يجعل لبنان عرضة لخطر التحوّل الى بلد فوضى على غرار ما يجري في المنطقة.
وأضاف: ليس المطلوب من هذه الحكومة، بغياب رئيس للجمهورية، أن تأخذ قرارات سياسية كبرى تُلزم لبنان، هذه فترة تصريف اعمال، ولا تستطيع الحكومة اتخاذ قرارات كبرى بغياب سلطتي رئيس الجمهورية ومجلس النواب. هناك اليوم سلطة غير موجودة، ويجب ان تنبثق من انتخاب رئيس جمهورية وإجراء الانتخابات النيابية.
وعن معارضة عقد الجلسة التشريعية وخطر فقدان أموال القروض، أشار الجميّل: نحن، برفضنا عقد جلسة تشريعية، لا نخسر اللبنانيين بل نربحهم. ما سيصدّق عليه مجلس النواب هو قروض وليس هِبات، وهذه القروض ستزيد الدين العام في بلد أصبح دولة مفلسة. ميزان المدفوعات سلبي، النمو سلبي، ووسط كل ذلك نتوجّه الى طلب المزيد من القروض لإنشاء سد بسري وجنة، فهل هذا معقول؟
إنّ أفضل طريق الى الانهيار الكامل هي المزيد من طلب القروض. انا رجل علمي ولا أطلق رأياً ايديولوجياً، لبنان على حافّة الافلاس ويجب علينا أن نتقشّف، لا أن نستدين، المُفلس لا يشتري سيارة فيراري ليتنقّل، بل بيسكلات، وأنا أؤكد أنّ وراء كل ما يجري صفقات وفساداً.
وعن رفضه المطامر في كسروان والمتن بخلفية مذهبية، قال: لقد دعمنا خطة شهيّب التي تقضي بإنشاء مطمرين في عكار والبقاع، وهذا كان قرار مجلس الوزراء. لقد وصل الموضوع إلينا مُمذهباً ولسنا نحن من مَذهَبه، فإذا لم يكونوا قادرين على تطبيق الخطة «فليشرّفوا» الى مجلس الوزراء لنقرر ماذا سنفعل. لقد تحمّل جبل لبنان مسألة النفايات 30 عاماً، أي الناعمة وبرج حمود، فلتتحمّل الاقضية الاخرى كما تحمّل جبل لبنان.
وعن التغيّب عن الحوار، أوضح: إنّ عدم حضورنا هو للضغط على المتحاورين كي يحلّوا مشاكل الناس، فالحوار بات يساهم في إبقاء التعطيل لجلسات الحكومة. إذا حلّ موضوع النفايات نعود الى طاولة الحوار.
وعن الانتخابات الرئاسية، تبدو وسطية الجميّل واضحة إذ يقول: اذا استمرّ كل فريق برغبته في الانتصار على الفريق الآخر فلن ينتخب رئيس للجمهورية ولن ينتخب مجلس نيابي. 14 آذار تنتظر انتصار المعارضة السورية، و8 آذار تنتظر انتصار الاسد، ولا أحد سينتصر خصوصاً بعد التدخّل الروسي، والطرفان رهاناتهم خاسرة.
وبالتالي، نحن نحتاج الى رئيس يحيّد لبنان عن الصراع السوري ولا يكرّس انتصار محور على محور في المنطقة. لَو وَصل ايّ رئيس ينتمي الى اي محور في المنطقة ولَو بالقوة، سيخلق مشكلاً في البلد. الشيعي لن يستطيع أخذ لبنان الى محور يريده، والسنّي كذلك، والمسيحيون لا يستطيعون أن يأخذوا طرفاً في هذا الصراع، هذه لعبة بوكر لا رابح فيها ولا خاسر.
ويشرح الجميل أكثر: اذا انتخب العماد عون رئيساً يكون المحور السوري الايراني قد ربح، واذا انتخب الدكتور جعجع يكون المحور السعودي قد ربح. وانا لا اعتقد انّ أياً من المحورين سيربح، فلن يصِل الى الرئاسة لا الحليف الاول للسعودية، ولا الحليف الاول لإيران.
لكنّ العماد عون مستقلّ، يسأله أحدهم، فيجيب بضحكة طويلة: «قويّه هَيدي». في إشارة الى ارتباط عون بإيران والنظام السوري.
ولدى سؤاله: لماذا رشّحتَ كارلوس غصن للرئاسة على طاولة الحوار وماذا علّق النائب جنبلاط على هذا الترشيح؟ أجاب الجميّل: رَشّحته باعتباره شخصية كفوءة وليس جزءاً من الصراع اللبناني (رَدّ جنبلاط: فلنفتّش عن مرشّح من الصين).
أمّا النائب جنبلاط فهو بطبيعته متشائم، والمشكلة ليست عندي بل عند من يخرج عن المنطق. جنبلاط مستعد أن يبتعد عن المنطق كي يكون قريباً من الواقع، امّا أنا فمتمسّك بالمنطق وأسعى ان أطبّقه على الواقع.
وعن الحوار مع حزب الله والكتائب، قال: لا حوار مع الحزب بل هناك تواصل مستمر، والعلاقة موجودة مع جميع الاطراف باستثناء الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يفتخر باغتيال الرئيس بشير الجميّل.
ختام اللقاء كان عن الطائف والدستور، حيث أبدى الجميّل الخشية من وجود مظهر انقلابي يتمثّل في عدم الاحتكام الى شروط اللعبة، كموضوع تشريع الضرورة (الدستور) مؤكداً في الوقت نفسه انّ الطائف ليس ديناً لا يُمسّ، وهو قابل للتطوير من داخل النظام، ولم ينس أن يذكر انّ الرئيس أمين الجميّل لم يكن موافقاً على الطائف، وانّ الرئيس السابق للحزب الدكتور جورج سعادة لم يكن يمثّلنا في الطائف حيث تمّ إقرار الاتفاق.