Site icon IMLebanon

تأليف الحكومة يتعثّر و«باسيل» يكمن في التفاصيل!

 

بعد مرور أكثر من أسبوعين على تكليف الدكتور حسان دياب تأليف الحكومة، يخرج الخلاف بين الرئيس المكلّف وجبران باسيل الى العلن إثر استمرار الأخير في اظهار جشعه السياسيّ من خلال التفاوض على العدد الأكبر من المقاعد الوزاريّة لصالح تيّاره وكتلته، وتماديه في محاولاته لمحاصرة وتطويق رئاسة مجلس الوزراء وانتزاع الصلاحيات الدستوريّة المنوطة بالمقام.

 

«انا من يُشكّل الحكومة»!

 

حصر الدستور صلاحيّة تأليف الحكومة برئيسي الجمهورية والحكومة وفق آليّة مفادها أنّ يتولّى رئيس الحكومة المُكلّف وضع التوليفة الوزاريّة التي يرى أنّ بمقدورها تحمُّل المسؤوليات الوطنيّة، ومن ثمّ يرفعها لرئيس الجمهورية للتوقيع عليها، فتنصرف الحكومة الجديدة بعدها الى صياغة بيانها الوزاري الذي تقوم بعرضه أمام المجلس النيابي لنيل الثقة.

 

لكن في واقع الحال، لم يتوانَ جبران باسيل عن الدخول على خطّ التأليف للمطالبة بمكتسبات وحصص وزاريّة وفرض خياراته للوزارات بذريعة وجوب اعتماد وحدة معايير لاختيار الأشخاص الذين سيتولّون الحقائب.

 

وينبغي التذكير أنّ رئيس الجمهوريّة كان قد ردّ خلال احدى اطلالاته قائلاً «لنفترض ان وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل هو من يشكل الحكومة الا يحق له ذلك، الا يترأس أكبر كتلة نيابية؟». الّا ان هكذا قول يُشكّل طعنة دستورية جديدة للعهد، ذلك أنّ تأليف الحكومة حق حصري بالدستور برئيسي الجمهورية والحكومة ومن غير المُمكن لرئيس الجمهورية تجيير صلاحياته للآخرين.

 

وإزاء المحاولة الفاضحة لتجاوز الدستور، نقلت مصادر مطّلعة عن رئيس الحكومة المُكلّف قوله لباسيل: «أنا من يشكّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية وليس مع طرف آخر».

 

إلّا أن العبرة تبقى في التنفيذ، حيث سيتبيّن في آخر المطاف مع ولادة الحكومة ما إذا تمكَّن الرئيس المُكلّف من كبح شهية باسيل في الحصول على الأكثرية في الحكومة العتيدة، خصوصاً وأنّ باسيل مصرّ على الثلث المعطّل، أي أن يحصل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر معاً على سبع وزارات.

 

الخلاف يخرج الى العلن

 

مردّ الخلاف بين الرئيس المُكلّف وجبران باسيل يتعلق بإصرار الرئيس دياب على ان تكون وزارة الخارجية من حصّته، وهو اقترح لها وزير المال السابق دميانوس قطار نظراً لإمكانيّة الاستفادة من عمله في عددٍ من دول الخليج لخدمة المساعدات للبنان، في حين يُصرّ باسيل على التمسك بالوزارة، مرشحاً لها السفير السابق ناصيف حتّي، كما رفض الرئيس دياب ان تكون وزارة الداخلية من حصة التيار الوطني الحر.

 

وكان الخلاف احتدم عندما طالب جبران باسيل الرئيس المُكلّف بعدم تسمية وزراء سابقين بصرف النظر عن تاريخ ولوجهم الوزارات السابقة، استناداً الى توجّه التيار الوطني الحرّ ترشيح شخصيات ليسوا بوزراء سابقين، في محاولة لاستبعاد الوزير السابق دميانوس قطار.

 

وفي الساعات الأخيرة تم البحث في تسويّة تقضي بإسناد وزارة الاقتصاد لدميانوس قطار عوضاً عن الخارجية التي يفضّل باسيل ان يخلفه فيها من يرتاح له حزب الله، في حين يتمسّك الرئيس المُكلّف بالحصول على وزارة الخارجيّة او وزارة الدفاع. ومن شأن ذلك ان يفتح الباب على تمديد المهلة المتوقعة لتأليف الحكومة العتيدة الى حين احتواء الخلافات بين مكونات الحكومة.

 

وفي سياق مُتّصل وبحسب معلومات جريدة «اللواء»، أعلنت دولة كبرى رفضها القاطع ان تكون أياً من وزارة الدفاع او الخارجية او الداخلية من حصة التيار الوطني الحر، خلافاً لما كان عليه الوضع في الحكومة المستقيلة.

 

نظام المُحاصصة قائم

 

إن حصل واستطاع الرئيس المُكلّف تشكيل الحكومة او لم يستطع، يرى المتابعون أنّ عمليّة التكليف والتأليف برهنت انّ الطبقة السياسيّة ما زالت تعمل خارج إرادة الناس ومصالحهم، وفق نظام المُحاصصة والمحسوبيات المعهود، وهي تُناور من خارج الأصول والاعراف وصولاً الى الالتفاف على الدستور. ذلك أنّ الأفرقاء لم يكتفوا بتحديد أحجامهم في الحكومة إلى حد فرضها على رئيسي الجمهورية والحكومة، بل يتشبّثون بحقائب يطالبون بها خصوصاً المدرارة منها، حتّى أضحت بعض الحقائب الوزاريّة «دويلات» لبعض الأحزاب لا تؤلف من دونها حكومة.

 

ويلتقي اللبنانيّون على حاجة لبنان الماسّة والفوريّة إلى تشكيل حكومة تتصدى للانهيار القائم، لكن يعتبر البعض أنّ ذلك سيكون مستحيلاً في ظلّ حكومة من لون سياسي واحد تتحكّم بها شخصيات سياسيّة مُستفزّة من وراء الستار. وترى الأوساط المتابعة انّ جبران باسيل سيكون موجوداً في قصر بعبدا طوال ولاية الرئيس عون المتبقّية، وسيعمل على التحكم بالحكومة الجديدة بوسائل عديدة.

 

يبقى أن نُذكّر إلى أين آلت مقولة «تأخير التكليف كي لا يتم تأخير التأليف»؟!