Site icon IMLebanon

الحريري يُفرغ بعض ما في جعبته في 14 شباط

 

 

لم يتردد كلّ من النائبين السابقين أحمد فتفت ومصطفى علوش والوزيرين السابقين معين المرعبي وحسن منيمنة من المشاركة في إطلاق «المجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان»، بصفتهم الشخصية طبعاً، لا كممثلين عن «تيار المستقبل»، أو أصدقاء حاليين، أو سابقين. ومع ذلك، يقول أحدهم إنّ هذه الخطوة لم تزعج رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهو الذي لم يوفّر «حزب الله» من انتقاداته في مواقفه الأخيرة، مع العلم أنّ المشاركة في هكذا تجمّعات معارضة ليست من أدبيات سلوكه السياسي، خصوصاً وأنّها تدلّ في لحظات التخبط الاستثنائية التي يشهدها «تيار المستقبل»، على أنّه نوع من مظلة سياسية قد يستعين بها المشاركون اذا ما قرروا خوض المعترك الانتخابي في حال بقي الحريري خارج الحلبة، وهو المرجح، أو الاحتماء بها اذا ما قرر الحريري الاعتكاف طويلاً خارج البلاد. وهو احتمال أيضاً.

 

في مطلق الأحوال، سواء عاد الحريري إلى بيروت للمشاركة في الاستحقاق النيابي، أم لم يعد، فإنّ خطوة من هذا النوع هي دليل كاف على حالة الارباك التي تصيب «تيار المستقبل» وتضعه في مهبّ الريح والمجهول، خصوصاً وأنّ تسارع المهل على الروزنامة الانتخابية يثبت بما لا يقبل الشكّ بأنّ رئيس «تيار المستقبل» سيكون خارج لائحة الترشحيات الرسمية.

 

إلى الآن، الثابت الوحيد على طاولة «المستقبليين»، هو «انطفاء» الماكينة الانتخابية. معظم الأحزاب الأساسية حرّكت ماكيناتها وآلات حساباتها واستعرضت مرشحيها ومشاريع المرشحين… باستثناء «تيار المستقبل» المطوّق بقرار مركزي يحول دون فتح مكاتبه الانتخابية، بعدما عجز كُثر عن سحب موقف حاسم من الحريري، لمعرفة ما سيكون قراره النهائي ازاء الاستحقاق الانتخابي.

 

آخر السائلين كان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة القلق من تداعيات سلبية قد تتعرض لها البيئة السنية في حال قرر الحريري الانكفاء، سواء لجهة تشتت «تيار المستقبل» ونواب الطائفة واستفادة المجموعات المتطرفة من هذا الفراغ، ولهذا حاول السنيورة طمأنة مضيفه بأنّه في حال قرر البقاء خارج البلاد في المرحلة المقبلة، فهو سيعمل على حفظ مكانته ومكانه أسوة بما حصل خلال مرحلة ما بعد العام 2011.

 

بالنتيجة، يواجه «المستقبليون» أكثر من سيناريو:

 

أولاً، أن يعود الحريري ليقود المعركة الانتخابية، وهو احتمال ضعيف جداً خصوصاً في ضوء ما يقال عن قرار أبلغته المملكة السعودية لبعض حلفائها، بأنّها غير معنية بالاستحقاق النيابي اللبناني ولن تكرر تجاربها السابقة، بمعنى أنّها لن تكون شريكة في المعارك الانتخابية ولن تقدِّم أي دعم مالي لأي فريق لبناني.

 

ثانياً، أن يعود الحريري ليكتفي بتقديم الدعم لبعض الشخصيات فيكون انخراطه جزئياً، وهو احتمال تتساوى نسب حصوله مع نسب عدم حصوله.

 

ثالثاً، أن يترك للمستقبليين ومن يدورون في هذا الفلك حرية الخيار. وهو المرجح خصوصاً وأنّ عدداً من هؤلاء، لا سيما من تمكّنوا من تكوين حيثية شعبية لهم وقادرين على نسج تحالفات تساعدهم على حجز مقعد في البرلمان، متحمسون لخوض الاستحقاق ولو من دون مظلة سعد الحريري الرسمية والمباشرة.

 

الأكيد، أنّ زعامة سعد الحريري ليست لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة. الارث السياسي وسمة المظلومية وشخصيته المحببة لدى ناسه، رسمت صورة بورتريه خاصة به، سيكون من الصعب جداً أن تسمح بوراثة هذه الزعامة، فقط لأنّه لن يكون شريكاً في هذا الاستحقاق، وثمة استحالة أن يتمكن أي من خصومه السنّة أو حتى حلفائه من لعب دور جامع لأبناء الطائفة، حتى لو كان من آل الحريري. ولكن بمعزل عن هذه المعادلة، سيكون الحريري ملزماً ببوح بعض ما في داخله خلال استحقاق 14 شباط المقبل. لن يكون بمقدور رئيس «تيار المستقبل» أن يتجاوز المناسبة من دون أن يدلي برأيه في الاستحقاق النيابي، أقلّه تلميحاً من خلال ارسال بعض الإشارات. وهذا ما ينتظره الحريريون.