Site icon IMLebanon

هارون الرشيد… والثنائيّة الشيعيّة؟!

«الحقيقة يجب ان تقال، لا أن تعلم» والحقيقة التي يجب ان تقال اليوم، وفي كل يوم، ان اي قانون للانتخابات النيابية لا يأخذ في الاعتبار، النظام الذي يعيشه لبنان، طائفياً ومذهبياً، والصيغ الطائفية التي توزّع الحصص على الطوائف والمذاهب في الرئاسات الثلاث الاولى وفي مجلس النواب ومجلس الوزراء ومراكز الفئة الاولى عند الموظفين، هو قانون يتناقض مع الدستور والمنطق والحق، وبالتالي لا يمكن ان يكون قابلاً للاستمرار والحياة، ولنا في القوانين التي فرضت على لبنان ايام الوصاية السورية خير دليل على ذلك، والعماد ميشال عون رئيس تيار التغيير والاصلاح عندما شارك في اجتماعات الدوحة، كان على اطلاع على مظالم القوانين المركّبة وفق مصلحة النظام الأمني اللبناني – السوري، ووفق مصالح حلفائه واتباعه في لبنان، ولذلك اصرّ على اعتماد قانون انتخابات يعود الى سنة 1960، لأنه وجده افضل بكثير من قوانين غازي كنعان.

ان النظام الطائفي، بكل بساطة وواقعية، يستلزم وجود قانون انتخابات طائفي ومذهبي، واذا وجد الاصلاحيون ان الأمر هذا معيب، وهم على حق، فليس أمامهم سوى الغاء الطائفية الغاء كاملاً، وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، كما نصّ على ذلك اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً، ام الاحتيال  على الدستور والاعراف وواقع الأمور، واقتراح قوانين انتخابات من شأنها تغذية النعرات الطائفية، واستثارة الغرائز المذهبية، مثل اقتراح قانون لاجراء انتخابات على مساحة لبنان كلّه، وفق النظام النسبي، حيث يفرض على المواطنين انتخاب 128 نائباً لا يعرفون منهم سوى عدد لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، هذا اذا عرفوا، مع معرفة الجميع، ان هناك نية سيئة تكمن وراء هذا الاقتراح، الذي يراد منه اضعاف فريق معين او طائفة معيّنة هي مكوّن اساس من مكوّنات الوطن اللبناني، او مثل اقتراح النظام النسبي، بعد التأهيل وفق النظام الاكثري، حيث يمكن ان يسقط من نال 50 بالمئة من الاصوات عند التأهيل، وينجح من نال 10 او 15 بالمئة، لأنه حصل على أصوات من غير طائفته.

* * * *

في اشارة الى اتساع مساحة الارض التي كانت تحت سيطرة هارون الرشيد، ان السماء قبضت يدها بالمطر فوق العراق وبغداد، لمدة سنوات، وعندما لحظ هارون الرشيد غيمة تعبر سماء بغداد دون ان تمطر، خاطبها قائلاً «اذهبي وامطري حيث شئت، فان خراجك يعود اليّ» وكذلك الثنائي الشيعي، حيث لا يعبأ ولا يهتمّ، لأي شكل يكون عليه النظام الانتخابي، لأنه حقق ثنائية شيعية حديدية، تنجح بالنسبي كما بالاكثري وما بينهما، ولذلك تعمد الى التسلية بالمذاهب والطوائف الاخرى، حيث هناك تعددية انتجت اقليات حليفة لها، وهذه الحالة تراها في الطائفة الدرزية كما في الطائفتين المسيحية والسنيّة، دون ان نسقط من حسابنا الطائفة العلوية، وقد اثبتت الوقائع على الارض منذ انتخابات عام 1992، ان ولاء هذه الاقلّيات، ليس لطوائفها ومذاهبها ومناطقها، بل هو للثنائية الشيعية التي تحرص على تأمين وجودها في المجلس النيابي وفي الحكومات، وحكومة سعد الحريري التي قفزت من الـ24 وزيراً الى الثلاثين، خير مثال على هذه العلاقة.

من هنا يفهم هواجس وليد جنبلاط وسعد الحريري، وسمير جعجع، وغيرهم من غير المشمولين برعاية الثنائية الشيعية، ويفهم التقارب بين القيادات الثلاث التي تملك اكثرية وازنة في بيئتها ومحيطها، وتخوّفها من الألغام الانتخابية المنصوبة لها.