Site icon IMLebanon

“حزب الله” ورياض سلامة “وتطبيع” العلاقة ثالثهما

 

قد تكون العلاقة بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبين “حزب الله” قدرية لا مفر منها، ولا بديل عنها ولا يملك الطرفان من الناحية الواقعية سوى الإقرار بوجودها ولا يمكن تجاوزها تحت أية ذريعة كانت.

 

قدرهما وفق منطق الأمور والحسابات الدقيقة ان يتعايشا ويتساكنا لأن رداءة الأوضاع المالية والخانقة الاقتصادية لا ترحم ولا تعفي أحداً من المسؤولية الكبرى التي تنتج عن المزيد من الانهيار والغرق نحو انفجار اجتماعي لا يبقي ولا يذر. مؤخراً آثر “حزب الله” أن ينأى بنفسه عن الهجمة التي تعرض لها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. لم يجعل الموضوع اولويته بل على العكس حين اشتدت الازمة المالية أرسل “حزب الله” موفداً الى سلامة للتباحث بأمر إيجاد مخارج لصغار المودعين لتحصيل اموالهم من المصارف وحصلت خطوات معينة في هذا السياق. معروف ان الموضوع الاقتصادي يتقدم لدى “حزب الله” على اي شأن آخر في المرحلة الراهنة ما يستوجب السؤال هل يمكن ان يبحث “حزب الله” بحلول للأزمة المالية مع رياض سلامة؟ وما هو مستوى العلاقة بينهما في الوقت الراهن؟ وهل حصل وزار وفد من “حزب الله” سلامة قبل فترة؟

 

قد لا يجد الطرفان مصلحة للحديث عن علاقة او لقاء جمعهما لكن مثل هذا اللقاء ليس مستغرباً أو مستبعداً أو مفاجئاً لمن يعرف خفايا العلاقة بينهما ممن يتحدث عن مساع بذلها عدد من الاطراف لجسر الهوة بين الحاكم والحكومة من جهة وبينه وبين الافرقاء الآخرين ومن بينهم “حزب الله” من جهة ثانية.

 

بين الحاكم و”حزب الله” لا علاقة سلبية ولا ايجابية بالمطلق، هي علاقة يحكمها “التطبيع” في المرحلة الحالية. لطالما كان التعاون قائماً عبر قنوات مختلفة من النائب امين شري ومعه الصحافي مصطفى ناصر سابقاً، وإستمرت من خلال شري ومعه آخرون الى ان تولى مؤخراً المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم تنسيق التشاور بين الطرفين. هي علاقة ينكرها الطرفان ولا يجدان مصلحة مشتركة في المجاهرة بها ولكنها واقعة لا محالة لضرورتها وحاجتها لا سيما في ظل الظروف المتردية التي يشهدها البلد.

 

في الآونة الاخيرة تولّدت قناعة لدى “حزب الله” وآخرين ان المشكلة مع حاكم مصرف لبنان لن تصل الى نتيجة مجدية بقدر ما ستزيد الامور تعقيداً، وان خوض معركة سلامة ستكون مكلفة على البلد، وتجنبها يجنب “حزب الله” مشكلة اضافية مع الاميركيين الذين لا يخوضون حرباً لبقاء سلامة في منصبه لكنهم بالمقابل قد يجدون في ازاحته دليلاّ يبحثون عنه يدين “حزب الله”.

 

المتابع لسياق تراجع الهجمة على سلامة من رئيس الجمهورية الى الحكومة والتعاون الذي صار قائماً مع رئيس الحكومة حسان دياب يقول ان الجميع التقى على التسليم بأن لا بديل حالياً عن سلامة لاعتبارات عدة، فأسندوا اليه مهمة المساهمة في الخروج من التدهور الحاصل. ويلاحظ هنا كيف ان لقاء سلامة مع دياب وزيارته الى بعبدا استتبعا بخطوات ايجابية ملحوظة على مستوى الصيارفة او دعم السلع الاضافية والتي هي اجراءات الحد الادنى التي قد لا تشبع ولا تغني من جوع بقدر ما تحرك الستاتيكو السلبي السائد في البلاد. وقد تركت للحاكم حرية التصرف ضمن الامكانات المتوافرة وهي ليست واسعة ولا كبيرة على اي حال.

 

وكما ان العهد والحكومة و”حزب الله” فضلوا كسب الوقت مع سلامة ريثما يتم ايجاد معالجة ولو جزئية للمأزق المالي، كذلك الامر بالنسبة الى سلامة الذي يجد ان من مصلحته تراجع الهجمة عليه وتهدئة الموجة لكسب الوقت أيضاً. فقد لا يجد ان من مصلحته الانسحاب في عز الهجوم عليه وقبل ان يسدد بعض الخطوات في مرمى خصومه ليظهر انه لم يكن السبب في الازمة وإن كان يتحمل مسؤولية لا ينكرها أقرب المقربين اليه.

 

يتقاطع الطرفان في كونهما يتعرضان للضغط ذاته. في فترة من الفترات كان “حزب الله” يرى ان الحاكم ينصاع الى الاوامر الاميركية في مواجهته بينما كان الحاكم يرى في ما يقوم به سداً منيعاً لحماية “حزب الله” وجمهوره بدليل أنه أعلم “حزب الله” مسبقاً بالعقوبات الاميركية على بنك جمال.

 

اذا حصل اللقاء بين “حزب الله” والحاكم، وقد يحصل من دون الإشهار او الإعلان عنه، فإن تنظيم الاختلاف وتأمين التواصل لا يفسد في الود قضية. انها قصة ابعد من حاكم وحاكم، ومن حزب وحاكم، انها قضية استمرار بلد وعندها تدوير الزوايا يصبح هدفاً مطلوباً يحتاجه الطرفان.