تنكر شرائح واسعة من مؤيدي حزب الله، ما اصبح عليه وضع الحزب الحالي، بعد تداعيات حرب المشاغلة التي اشعلها ضد إسرائيل اثر عملية طوفان الأقصى، لمساندة حركة حماس في قطاع غزّة، والخسائر الفادحة التي مني بها جراء ذلك، باغتيال كبار قادته ومسؤوليه البارزين، وتدمير واسع النطاق في بنيته التحتية، وتراجع نفوذه السياسي والعسكري، واضطراره للموافقة على وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١، وبعده مباشرة خسارة الحزب لقاعدته الخلفية بسوريا، بعد سقوط نظام بشار الاسد، وانسحاب عناصر الحزب من مراكزه وقواعده فيها من دون اطلاق رصاصة واحدة، وترفض مقولة ضعف دور الحزب وانحسار قوته، وخسارته لموقعه السابق، وتقلص سيطرته الامنية والسياسية، بفعل تنامي قوة الدولة، والمطالبة المحلية والدولية بتسليم سلاحه غير الشرعي، للدولة اللبنانية، استنادا للقرار الدولي المذكور.
اكثر من ذلك، تعتبر هذه الشرائح المؤيدة للحزب، ان عودة الحزب للتعافي من جديد مسألة وقت، والدليل على ذلك الاحداث قدرته على حشد الدعم الشعبي الواسع، كما حصل خلال تشييع الامينين العامين لحزب الله حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، الاحداث المتلاحقة التي تحصل تباعا، إن كان في استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق الجنوب، او الداخل اللبناني، لاسيما الاشتباكات المسلحة التي جرت على الحدود اللبنانية السورية، وتداعياتها التي تؤثر على الداخل اللبناني، كما على الاوضاع بالداخل السوري، وقبلها المواجهات التي حصلت على الساحل السوري ضد الادارة السورية الجديدة، وكلها تؤشر إلى ضعف واهتراء هذه الادارة، وعدم قدرتها على احكام سيطرتها على الاراضي السورية، ما يمهد لانتفاضة شعبية من معارضيها، وعودة سوريا امتدادا للحزب، وضمن التحالف مع النظام الايراني المعهود.
هذا الإنكار لواقع حزب الله الحالي من البعض، يقابله واقع جديد على الارض، يناقض آماني واوهام هؤلاء، بدءًا من المتغيرات الدراماتيكية بالمنطقة كلها، والتي فرضت تبدل موازين القوى، المحلية والاقليمية والدولية، بعد النتائج التي افرزتها الحرب الإسرائيلية ضد الحزب، وصولا إلى تسليم الحزب بضرورة الموافقة على اتفاق وقف اطلاق النار مع إسرائيل، وما تردد عن ورقة الضمانات الاميركية الجانبية لإسرائيل، والتي تضمنت استمرار اطلاق يد جيشها، بالمراقبة داخل الاراضي اللبنانية، بالتزامن مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة، خارج هيمنة ونفوذ الحزب، وهو ما يحصل لاول مرة منذ عقدين، مع تزايد المطالبة الداخلية والخارجية لتسليم سلاحه إلى الدولة اللبنانية، بعد زوال كل ذرائع ومسببات وجوده، وفشله بحماية الحزب وقادته وكوادره واللبنانيين جميعاً، خلال الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وخسارته خط الامداد المباشر مع ايران بعد سقوط نظام الاسد، وانفصال العراق عن هذا المحور، وضعف النظام الايراني نفسه.
هذه الوقائع والمتغيرات، تؤكد الدخول بمرحلة جديدة في لبنان والمنطقة، تختلف عن مرحلة اطلاق يد الحزب وتمدده وانفلاشه، وتسلحه،بقرار اقليمي ودولي، ضمن الدور المنوط بالنظام الايراني ككل، وتؤشر إلى استحالة العودة إلى ما قبل عملية طوفان الأقصى، حيث لا يُجدي الانكار في عودة الحزب إلى ما كان عليه سابقاً.
