Site icon IMLebanon

لاريجاني: سلاح حزب الله «خط أحمر» إيراني!

 

بعد القرار المفاجىء الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بوضع مهلة زمنية لسحب سلاح حزب الله، برزت مؤشرات سياسية لافتة على دخول طهران بقوة على الخط، فبحسب مصدر سياسي رفيع المستوى، كانت طهران السبّاقة في التواصل مع قيادات شيعية بارزة وجهات رسمية لبنانية، لنقل رسالة إيرانية حازمة ومباشرة مفادها أن أي محاولة لانتزاع السلاح من المقاومة، تحت أي ذريعة أو ضغط، مرفوضة بشكل قاطع، وأن إيران مستعدة لاستخدام كل أوراقها لمنع الوصول إلى هذه النتيجة.

وكشف المصدر أن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى لبنان جاءت في سياق استكمال الرسالة الأولى، مع إضافة عناصر تشديد جديدة على مستويين أساسيين:

 

أولًا، ان نزع سلاح المقاومة في لبنان لا يمكن النظر إليه كمسألة داخلية بحت، بل هو خطوة تمهيدية لمشاريع أكبر بكثير، تبدأ بفتح الأبواب أمام هيمنة خارجية طويلة الأمد، ولا تنتهي عند فرض التطبيع مع إسرائيل على الدولة اللبنانية، ومن هذا المنطلق، أكد لاريجاني في لقاء مع أحد الشخصيات، أن طهران لن تكتفي بالموقف السياسي، بل هي مستعدة للوقوف في ظهر المقاومة ودعمها بكل الوسائل المتاحة، وتأمين الحماية اللازمة لها في أي خيار تعتبره مناسباً للدفاع عن هذا السلاح.

ثانياً، ان نزع السلاح يتصل مباشرة باستهداف المكوّن الشيعي في لبنان والمنطقة، كونه الحاضنة الأكبر لحركات المقاومة في أكثر من ساحة، فاستهداف هذا السلاح، بحسب الرؤية الإيرانية، لا ينفصل عن محاولة ضرب الهوية السياسية والثقافية والاقتصادية لهذا المكوّن، بما يؤدي إلى تقليص دوره وإضعاف تأثيره في المعادلات المحلية والإقليمية.

وفي معلومات خاصة جدا، كشف المصدر أن لاريجاني نقل لأحد الشخصيات التي التقاها كلاما عن المرشد الأعلى الإيراني فحواه ان «محور المقاومة باقٍ، وسلاحه باقٍ، ومعركته باقية»، ومن هذا المنطلق، فان الزيارة شكّلت بحسب المصدر ذاته جرعة دعم قوية من طهران للثنائي الوطني وتحديدا حزب االله، بما يعزز موقفه في التعامل مع قرار الحكومة، ويفتح الباب في الأيام المقبلة أمام مواقف أكثر صلابة لمواجهة هذا القرار.

وذهب المصدر أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن الأجواء التي ستسود لبنان بعد مغادرة لاريجاني ستكون ثقيلة ومشحونة سياسياً، إذ سيكون على الحكومة اللبنانية، ومعها الجهات الدولية التي تدعم موقفها، التعامل مع الرسالة الإيرانية على أي طاولة مفاوضات محلية أو دولية… فإيران، كما يقول المصدر، لم تكن يوماً أكثر وضوحاً مما هي عليه الآن، بعدما سرّبت إلى الداخل والخارج موقفاً مفاده أن فرض «ورقة الشروط الأميركية»، لا يعني أبداً أن طهران ستسمح بكسر المقاومة أو ضرب بيئتها الشعبية.

وعليه، فإن زيارة لاريجاني حملت رسائل مزدوجة:

من جهة، إلى المقاومة وحلفائها بضرورة الصمود ورفض الخضوع لمعادلات الإكراه السياسي، وعدم تقديم أي تنازلات تمسّ جوهر القوة الردعية التي تشكّلها المقاومة.

ومن جهة أخرى، إلى خصومها في الداخل والخارج، بالتأكيد على ان محور المقاومة لن يدخل في أي مساومة تمسّ سلاحه أو ثوابته، وأن أي محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض ستُواجَه سياسيا وربما ميدانيا.

وعليه، جاءت زيارة لاريجاني في توقيت بالغ الحساسية، لتؤكد بأن طهران تعتبر معركة سلاح حزب الله معركة إقليمية كبرى، وأنها مستعدة لخوضها على كل المستويات. وبذلك، يمكن القول إن هذه الزيارة لم تكن مجرد جولة بروتوكولية أو دعم معنوي لحزب االله، بل كانت إعلاناً سياسياً صريحاً بأن مستقبل لبنان الأمني والسياسي سيكون مرهوناً، في المرحلة المقبلة، بمدى قدرة الحكومة والمجتمع الدولي على قراءة الرسائل الإيرانية بواقعية، وإدراك أن المساس بسلاح المقاومة قد يفتح على لبنان والمنطقة أبواب صراع خطير ومعقّد، يصعب التحكّم بمساره أو نتائجه.