Site icon IMLebanon

رُفع الدعم قبل ترشيده؟

 

 

أولى المواد الغذائية التي أصبحت اليوم غير مدعومة هي اللحوم والدواجن التي فُقدت من الاسواق. وإن وجدت فإنّ سعر كيلو اللحمة يباع بـ100 ألف ليرة والفروج بـ50 ألف ليرة وكرتونة البيض بـ60 ألف ليرة!

 

وقع المحظور ودخلت البلاد في مرحلة رفع الدعم، من دون المرور بالمرحلة الانتقالية التي تفترض ترشيد الدعم وخفضه تدرجياً الى حين رفعه بالكامل. فبعد مناشدات مصرف لبنان المتكرّرة الى الحكومة والمعنيّين، بالتوصل الى قرار حول ترشيد الدعم وخفض كلفته، لأنّ مصرف لبنان لم يعد يملك الامكانيات المالية لتدعم ما قيمته 6 مليارات سنوياً، وبعد ان نضب احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية واستُنزف على سياسة دعم لم تؤد سوى الى هدر اموال المودعين، قرّر مصرف لبنان أخذ المبادرة منفرداً، عبر الإعلان عن تعديل آلية الدعم، من خلال الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان، قبل إتمام أي عملية استيراد للسلع المدعومة.

 

وقد أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في كتاب أرسله إلى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، عن «تعديل آلية بيع الدولار بالسعر الرسمي مقابل الليرة، بحيث تتطلب الآلية الجديدة الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان لأي طلبات جديدة».

 

وفي حين لم تُبلّغ وزارة الاقتصاد والتجارة بعد بتفاصيل الآلية الجديدة، من المتوقع عقد اجتماع بين الطرفين في اليومين المقبلين لتوضيحها وتحديد السلع التي ستبقى مدعومة. إلّا انّ مصادر معنيّة أوضحت لـ»الجمهورية»، انّ قرار البنك المركزي جاء بعد بلوغه سقف الاحتياطي الالزامي، وعدم تمكنه من السير بسياسة الدعم القائمة، من خلال منح موافقات مباشرة لكل الطلبات التي ترده عبر الوزارات المختصة، او من خلال اضطراره الى تسديد قيمة فواتير المستوردات التي يقوم التجار باستيرادها وبيعها بالسعر المدعوم، قبل تقديم الطلبات والحصول على موافقات الوزارات او مصرف لبنان.

 

ووفقاً للآلية الجديدة، سيُحظّر على الشركات والتجار الاستيراد قبل الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان، مما اعتبرته المصادر بمثابة «ترشيد للترشيد»، حيث سيتقلّص عدد السلع الغذائية المدعومة الى مستويات متدنية جدّا قد لا تتخطّى أصابع اليد. مقدّرة ان يستمرّ الدعم فقط على السلع التي تمسّ بالأمن الغذائي مثل القمح والخميرة والسكر وحليب الاطفال…

 

اما بالنسبة الى طلبات الاستيراد التي سبق ان تمّ ارسالها الى مصرف لبنان، او المستوردات التي قامت بها الشركات قبل الاعلان عن الآلية الجديدة، أكّدت المصادر انّ كافة الطلبات السابقة التي تمّت الموافقة عليها، والتي تمّ ارسالها الى مصرف لبنان سيتمّ تسديد قيمتها، إلّا انّه لم يعد يتمّ قبول أي طلبات جديدة الى حين تبلور تفاصيل الآلية الجديدة التي وضعها مصرف لبنان.

 

وبما انّ طلبات الدعم كافة متوقفة حالياً، فإنّ السلع الغذائية التي تحظى باستهلاك كبير والتي لا يتمّ تخزينها، مثل اللحوم والدواجن وغيرها، أصبحت اليوم غير مدعومة. ورغم انّها شبه مفقودة من الاسواق، إلّا انّه سيُعاد طرحها وبيعها ولكن بأسعار أكثر بـ 3 الى 4 أضعاف الاسعار المدعومة. أما السلع الغذائية المدعومة الاخرى، والتي يوجد مخزون منها في المستودعات، فقد علمت «الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد في صدد الطلب من كافة المستوردين الذين استفادوا من الدعم، بتقديم تقرير محاسبي من قِبل شركة تدقيق متخصّصة عن المخزون المتبقي من السلع المدعومة، لمتابعته مع حماية المستهلك في السوق، لأنّه من غير المنطقي ان ترتفع أسعار السلع التي يوجد مخزون منها بين ليلة وضحاها، ويجب ان تحافظ على السعر المدعوم الى حين نفاد كامل المخزون. ولكنّ السلع الغذائية الاخرى كاللحوم والدواجن تبدّلت أسعارها وأصبحت غير مدعومة!

 

الصيادلة

في هذا السياق، أعلنت نقابة الصيادلة، أنّها «تابعت بقلق كبير الوضع الذي وصل اليه القطاع الصيدلاني، في ظل الانهيار الشامل الذي يعصف بوطننا من دون ان يرف جفن واحد للمسؤولين عن هذا البلد وشعبه الذي يحتضر ولا من يسأل».

أضافت في بيان: «أيها السادة، إن كنتم تجهلون حقيقة الوضع الدوائي محلّياً فهذه مصيبة، وان كنتم على علم بالوضع المأساوي وتتجاهلون إقرار الحلول فهذه جريمة في حق شعب ووطن».

تابعت: «أيها السادة، انّ غياب آلية واضحة للدعم من جهة وتقاعس مصرف لبنان عن التوقيع على فواتير استيراد الدواء من جهة أخرى، وعدم وضوح آلية اصدار البطاقات التمويلية ومصدر تمويلها إن وجد، وما اذا كان الدعم سيستمر بهذه الضبابية، وضع بثقله على القطاع الصيدلاني. فها هي الشركات المستوردة باشرت ومنذ اكثر من أسبوع، اعتماد سياسة تسليم الدواء بالقطارة قطعة واحدة او لا شيء، والصيدلي يدفع الثمن. فهو في تماس مباشر مع المرضى ويتلقّى برحابة صدر ردود فعل المرضى الموجوعين الذين يحاولون ايجاد الدواء، لا سيما الادوية المزمنة، والتي يهدّد انقطاعها حياة المواطن. هذا الصيدلي الذي بات ضحية السياسات المالية غير الواضحة التي تسبّبت بضرر معنوي ومادي كبير له، بحيث بات عاجزاً عن مساعدة مرضاه وتقديم الرعاية الصحية لهم بسبب فقدان الدواء هذا من جهة، ومن جهة اخرى فقد جزءاً كبيراً من قيمة رأسماله، وانّ استمراره بالعمل بات من سابع المستحيلات اذا لم يتمّ اتخاذ التدابير الآيلة الى وضع سياسة دوائية واضحة المعالم».

أردفت النقابة: «حذّرنا من هذا الوضع مراراً وتكراراً وليس هناك من يسمع، بالرغم من الجهود الجبارة لوزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن مشكورًا، لتجنيب القطاع الصيدلاني مرارة الانهيار. لذلك، تطلق نقابة الصيادلة صرختها الاخيرة، لربما تخرج المنظومة السياسية بأي حل من شأنه اخراج القطاع الصيدلاني من غرفة العناية المركّزة ومعه الشعب، الذي بات بين البحث عن علبة حليب للاطفال وعلبة دواء وتنكة بنزين ورغيف خبز، كمن يعيش مأساة يومية يتمنى الموت فيها على الذلّ الذي يعيشه في بلد ينهار بمؤسساته كافة، والمسؤولون عنه ما زالوا يبحثون عن التوافق في ما بينهم حول جنس الملائكة، قبل ان يستمعوا الى صرخة شعب يحتضر».

 

المحروقات

أما بالنسبة الى المحروقات، فأكّد ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا في تصريح امس، أنّ «شائعات كثيرة بُثّت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول رفع الدعم عن البنزين، ونحن كموزّعين لم نتبلغ أيّ مشروع برفع الدعم، وسعر البنزين لم يرتفع».

إلّا انّ محطات المحروقات في بعض المناطق امتنعت عن تزويد السيارات بمادة البنزين، ورفعت خراطيمها بحجة أنّ الشركات لم تزودها بالمادة، في حين شهدت محطات البنزين في مناطق اخرى زحمة منذ الصباح الباكر، بعدما توقفت أمس الاول وصباح امس عن بيع بالبنزين.

وبعد ان اصطفت السيارات طوابير أمام المحطات، علماً انّه يتمّ تزويد كلّ سيارة بالحدّ الاقصى بقيمة 25 الف ليرة فقط، عادت أكثرية المحطات ظهراً ورفعت خراطيمها ووضعت شرائط وعوائق بلاستيكية أمامها.