Site icon IMLebanon

التاريخ لا يكذب

 

 

لا شك في أنّ القوى الأمنية تمتاز في لبنان عن سائر الموظفين فالضباط يتوجهون الى دورات تدريبية في أميركا وأوروبا وسواهما… والضابط اللبناني هو من أبرز الضباط في بلدان عديدة، ويجب الأخذ بالإعتبار أنّه ليس في لبنان تجنيد إجباري، فالخدمة العسكرية في رتبها هي اختيارية من الجندي الصغير الى الضابط الكبير، لذلك عندما يقدّم الانسان شيئاً الى وطنه فلا فضل له في ما اختار من مسار لحياته.

 

تاريخ حافل للعسكر في لبنان فعهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي حكم بالعسكر، كان من أحسن العهود، وفي أيام «المكتب الثاني» (أي المخابرات اليوم) كان الأمن في لبنان الأكثر استتباباً وكان للدولة هيبتها ومهابتها، ولولا «اتفاق القاهرة» الذي عُقد في عهد دور العسكر الذي كان قد امتد من عهد شهاب الى عهد الرئيس شارل حلو، والذي أبرمه قائد الجيش آنذاك المرحوم العماد اميل بستاني… لكانت الدنيا بقيت بألف خير.

 

تجربة ثانية للعسكر كانت في عهد الرئيس الأسبق إميل لحود وهي الأسوأ بتاريخ لبنان، كان يردد حتى قبل وصوله الى سدة الرئاسة: سأسجن الحريري، طبعاً يريد أن يحبس الحريري لأنه، أي لحود، فاشل، وصاحب شعارات فارغة من الأمانة والاستقامة ولم يكن يملك شيئاً منها.

 

تميّز عهده منذ اللحظة الأولى بمحاربة رفيق الحريري، فبدلاً من أن يستفيد من وجود هذه الشخصية العالمية المرموقة، عمل على إبعاده عن الحكم طوال سنتين من الفشل في عهد لحود، الى أن أعاد الشعب الحريري الى السلطة في الانتخابات النيابية بدعم شعبي هو الأكبر بتاريخ لبنان، فجاء الحريري على رأس أكبر كتلة نيابية وتحدّى السوريين، وللتذكير كانت بيروت كلها للحريري، وطرابلس كذلك وسائر الشمال، وأيضاً صيدا والبقاع… أي حيث يوجد أهل السُنّة، ومثال ذلك أنه عندما مُنع أحمد فتفت من أي لائحة «نزل» منفرداً وجاء بأصوات لم يحصل عليها المرحوم الرئيس عمر كرامي.

 

ويكفي أنه في عهد إميل لحود استشهد الرئيس الحريري ونخبة من أهل السياسة والفكر في لبنان، والمصيبة الثانية أنه بعد التمديد له خربت الدنيا وما زلنا نعاني من هذا الخراب حتى اليوم.

 

وفي السياق، يمكن القول إنّ تمسّك بشار الأسد بالتجديد لإميل لحود شكل المدخل لما أصاب سوريا من أحداث مفجعة لم تنته بعد، خصوصاً بعدما رفض عروضاً قدّمها له الموفد الأميركي «أرميتاج»… فلم يقبل أن يتخلى عن التمديد للحود…

 

في أي حال إنّ «الامتيازات» والتقديمات التي يتمسّك بها العسكريون، اليوم، في الخدمة وفي التقاعد، تقررت يوم كان قائداً للجيش قبل توليه الرئاسة… وها هي تسبب مشكلةً كبيراً أمام إقرار الموازنة، بقدر ما تسبب إشكالاً في الشارع كان مستغرباً حتى من وزير الدفاع أمس، خصوصاً ظاهرة محاولة العسكريين المتقاعدين إقتحام السراي فيما مجلس الوزراء مجتمعاً فيه… وهذه سابقة سلبية جداً!