Site icon IMLebanon

الرهينة

لم يكتشف أحد منهم البارود، عندما يُجمعون على أن الجلسة الخامسة والثلاثين لانتخاب رئيس جمهورية لن تختلف عن سابقاتها التي لم يكتمل نصابها، فالمشهد نفسه سيتكرر في هذه الجلسة، رغم تمنيات رئيس المجلس نبيه برّي للجميع بأن يستفيدوا من الظروف المتاحة ويلتقوا جميعاً تحت قبة البرلمان لانتخاب الرئيس قبل أن تسقط الثمرة التي أصبحت ناضجة سيتكرر بحيث يقاطعها فريق الثامن آذار كالعادة، ويحضرها فريق الرابع عشر منه رغم الاختلافات العريقة التي تعصف بين مكونيه الأساسيين تيّار المستقبل والقوات اللبنانية على خلفية ترشيح الأول للنائب سليمان فرنجية الذي يُشكّل رأس حربة النظام السوري وترشيح الثاني للنائب العماد ميشال عون الذي يُشكّل بدوره رأس حربة النظام الإيراني، وتمسك كل منهما بمرشحه وبالاسباب التي جعلته يقدم على اتخاذ قراره، وهذا المشهد المتكررة يُعيد طرح السؤال الذي اطلقه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في وقت سابق إلى أين؟ هل لأن الظروف الدولية لم تنضج بعد لكي يسمح بأن يكون للبنان المرتبط مصيره، بمصير المشاريع التي تطبخ في المطابخ  الدولية للمنطقة رئيس، يُعيد انتظام المؤسسات الدستورية التي  تتلاشى الواحدة بعد الأخرى نتيجة استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، أم أن الأمر بات أبعد من ذلك بكثير بحيث يستهدف كيان هذا البلد نفسه، بدءاً باستمرار  الشغور في رئاسة الجمهورية وانتهاءً بإلغاء باقي مؤسساته الدستورية، وليس أدلّ على ذلك سوى استمرار تعطيل مجلس النواب واستمرار شلل السلطة الاجرائية والتنفيذية أي الحكومة، بمعزل عن المحاولات الجارية الآن لإعادة ضخ الدم في شرايينها بعودة مجلس الوزراء إلى  عقد جلسات شبه دورية بعد توقف قارب النصف سنة من عمر هذه الحكومة التي تضم فريقي 14 و8 آذار.

الجواب على هذين السؤالين ليس واضحاً تماماً حتى الآن، لكن  الشيء الوحيد الواضح هو أن موضوع انتخاب رئيس جمهورية، خرج نهائياً من يد اللبنانيين، وأصبح بيد الخارج وتحديداً بيد دولة ولاية الفقية، كما عبر مؤخراً النائب وليد جنبلاط في إحدى تغريداته التي تناول فيها مصير الانتخابات الرئاسية والتي اختصرها بعبارة واحدة، وهي أن الرئيس سيأتي على سجادة إيرانية، وهي عبارة كشفت غير المستور وهو أن الدولة الإيرانية باتت هي الوحيدة التي تتحكم بمصير هذا الاستحقاق والتي لا يبدو انها في وارد الإفراج عنه، قبل أن تتحقق كل أهدافها في منطقة الشرق الأوسط، وما  المواقف التي أطلقها السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير إلا الدليل القاطع الذي لا يحتمل أي تأويل على انه لا يوجد أي إرادة عند إيران للسماح للبنانيين بانتخاب رئيس لهم، في المدى المنظور، حتى ولو أتى الرئيس من فريقها الذي وفرت له الدعم والغطاء الكافيين.