Site icon IMLebanon

البازار الإيراني

 

تستمرّ حياة لبنان الكهربائيّة بنفس الأسلوب التقليدي المتعارف عليه عند اللبنانيّين إذ كلّما ظهر إلى العلن طلب سّلفة التقليديّة (200 مليون دولار) لاستيراد الفيول وهو العنوان التقليدي الذي يترافق مع أيّ سلفة ويتزامن مع هذا الخبر ضغطُ انقطاع التيار الكهربائي عن كلّ لبنان، وإذا كانت الأزمة انتهت عشيّة السبت الماضي بخبر موافقة مصرف لبنان على منح سلفة 100 مليون دولار لاستيراد فيول يكفي لبنان حتى آخر شهر أكتوبر فهذا يعني أننا سنعيش أزمة ثانية كهذه الشّهر المقبل و”عليكم خير”، للمناسبة لا بدّ أن نذكّر هنا أنّه وفي شهر آب الماضي عشنا أزمة السّلفة نفسها وخبر الـ(200 مليون دولار) وبعد معاناة طاحنة انتهى الأمر في آب الماضي  بإعلان مماثل لمصرف لبنان كالذي سمعه اللبنانيون قبل يومين، وقبل هذا وذاك علينا أن نسأل: أين ذهبت الشحنتان السابقتان للنفط العراقي اللتان تسلمتهما وزارة الطاقة ولم تعلن حتى السّاعة أيّ معلومة مفيدة عنهما؟ وسط هذه الصورة القاتمة رمى وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبد اللهيان قنبلة إيران الصوتيّة عندما أبدى إستعداد دولته لمساعدة لبنان ببناء “معملين لإنتاج الطاقة الكهربائية بقوة ألف ميغاوات الأوّل في بيروت والثاني في الجنوب”، الردّ الوحيد على عبد اللهيان وقبيل إطلالة وكيل الخامنئي في لبنان أمين عام حزب الله حسن نصرالله، بساعة ونصف، “الله الغنيّ عنكن” وعن معاملكم وكهربائكم ومساعداتكم من أي نوعٍ كانت، ينطبق حال لبنان مع إيران المثل الشعبي اللبناني “وقعت الفارة من السّقف، قالتلها البسينة: الله.. قالتلها الفارة: بعدي عنّي وأنا بألف خير من الله”!

 

في ختام زيارة عبد اللهيان إلى لبنان يوم الجمعة الماضي قال: “إذا طلبت الحكومة اللبنانية المشتقات النفطية من إيران فطهران جاهزة لتقديم الدعم”.. طبعاً إيران ليست “كرم على درب” فالمازوت الإيراني الأحمر الذي استجلبه حزب الله يقوم ببيعه هنا ليرسل أمواله دولارات خضراء إلى إيران، مع بلوغ الدولار سقف الـ 19500 ليرة لبنانيّة قيل أنّها بفعل شراء الدولار من السوق اللبنانيّة بأموال المازوت الإيراني، يا ويل لبنان من سرقة العملة الصعبة من أسواقه لمصلحة سوريا ومصلحة إيران، هذا الخراب العميم يأتينا من محور الممانعة الذي ابتلينا به منذ “فقّس” حزب إيران على الأراضي اللبنانيّة.

 

اعتاد اللبنانيّون أنّ الأحوال في لبنان تسير من سيئ إلى أسوأ ويُدركون أنّهم يعيشون بـ”اللطف الإلهي”، وهم لا ينتظرون من أحد أن يساعدهم على الاستمرار خصوصاً جماعة إيران ومحورها الوخيم، مثلما هم لا ينتظرون من ينقذهم من الإحساس بالخيبات المتتالية من الدولة اللبنانيّة التي لم يصدر عنها حرف واحد في موضوع العروض الإيرانيّة لأنّها دولة في الحالتيْن أجبن من أن ترفض وأجبن من أن تقبل أيضاً، دولة تستنزف المواطن اللبناني  الذي فقد نهائيّاً ثقته بها وبكلّ وعودها وشعاراتها وسياساتها، خصوصاً وأنّ اللبنانيّين يعيشون أسوأ أيام وطنهم على الأقل في الخمسين عاماً الماضية!