Site icon IMLebanon

ترامب القائد الفعلي للحرب الإسرائيلية – الإيرانية فهل تكون آخر فصول «الشرق الأوسط الجديد»؟

 

بدأ مسلسل الحرب الكبرى في الشرق الأوسط في آخر المعارك بين إسرائيل وإيران، ولا يمكن الفصل بين الهجوم على إيران وما حدث في غزة وسوريا وحزب الله واليمن، كانت هذه مقدمات للمعركة الكبرى.

فالحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران مع فجر يوم الجمعة الماضي 13 حزيران 2025 تحمل دلالات شديدة الأهمية، رغم أنها ما زالت في أيامها الأولى، ولا يمكن الجزم بأنها ستظل محصورة في نطاقها الثنائي، إذ تظل هناك احتمالات كبيرة لتحوّلها إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، اعتمادا على متغيّرات عدّة.

 

نجحت إسرائيل في بداية المعركة حين قتلت بطريقة درامية غير مسبوقة قادة الجيش الإيراني وعلماء المشروع النووي، في عملية اختراق وضربة غير مسبوقة في تاريخ الحروب، أن يُقتل هذا العدد في بيوتهم في ساعة حرب.

لقد حاولت حكومة الاحتلال الإسرائيلية الترويج لمقولة مفادها أنه بإمكانها تحديد شكل الشرق الأوسط وعلاقات القوة في الإقليم بشكل أحادي، لكن الردّ الإيراني على الهجمات الإسرائيلية، يؤكد أنه لا يمكن لطرف بمفرده تحديد شكل الإقليم أو مصادرة موازين القوى لصالحه.

كانت النشوة في إسرائيل، بعد نجاح ضربتها الصباحية، حَلَّقت بها في خيال بعيد لم يصل إليه أحد من أكثر مسؤوليها وزعمائها تطرّفاً قبل ضربتها، فطرحت أنها ذاهبة لتغيير نظام الحكم الإيراني، وقالت بعد أن غرَّتها الصدمة التي ألحقتها بإيران، إن إيران «نمر من ورق»، وإن الجيش الإسرائيلي سيتوجه نحو الهدف الكبير بتشكيل نظام إيراني صديق لها، كما نجحت في دول أخرى!

 

كانت الضربة المفاجئة سببا فى اقتحام الصواريخ الإيرانية لإسرائيل بصورة لم تحدث من قبل.

المؤشر الأكثر أهمية في هذه الحرب التي أشعلتها إسرائيل بضراوة ضد إيران، ليس استفاقة إيران، بعد فجاءتها، وبدء رَدِّها على الضربة التي حقَّقت إسرائيل بها بعض أهدافها الكبرى ضد المنشآت النووية والعسكرية، واغتيالها علماء نوويين وقادة عسكريين كبار، إنما الأهم أن إسرائيل أقَرَّت ضمناً بقوة الردّ الإيراني بالصواريخ والمسيّرات، واعتبرته تجاوزاً لما سمّته (الخطوط الحمر)!

وقد فسَّرت إيران عدم تصدّيها للضربة الإسرائيلية، بأن دقّة المعلومات المتوافرة لإسرائيل ليست بفضل قوة أجهزة استخباراتها، وإنما لأنها تتحصل على ما تريده من القوى العظمى الداعمة لها التي تراقب الكوكب من الفضاء ومن اختراقاتها الأرضية، كما أن إسرائيل تتلقّى ثروة أخرى من المعلومات من مسؤولي منظمات دولية ينتهكون قوانين تأسيس كل المنظمات الدولية التي تفرض عليهم أن يكونوا محايدين، إلّا أنهم يَمِدّون إسرائيل بكل ما يفيدها من معلومات يحصلون عليها عن طريق عملهم الرسمي في إيران، الذي يسمح لهم بمعرفة أماكن المنشآت النووية وأسماء وبيانات علمائها، وكذلك مواقع المطارات العسكرية وقواعد الدفاع الجوي، وقادتها، وغير هذا، مما كان له أكبر الأثر في إنجاح ضربة إسرائيل.

كما انتقدت إيران بشدّة موقف أميركا واتهمتها بالتواطؤ مع إسرائيل، لأن أميركا اتخذت مفاوضاتها مع إيران وسيلة لتشتيت انتباهها عن الخطة الموازية زمنياً الموضوعة لإسرائيل بأن تقوم بضربتها بينما إيران مشغولة بالمفاوضات.

هذا ما يؤكد مشاركة أميركا في الحرب حين أوهمت إيران بسلام كاذب في المفاوضات، وابتلعت إيران «الطُعم»، بينما كانت إسرائيل تُعدّ المعركة مع أميركا.

وهنا يجب الإقرار بأن الموقف الأميركي من التصعيد الحالي بين إسرائيل وإيران يرتكز على عدة أبعاد:

١) حرصت الإدارة الأميركية على عدم الانخراط بشكل مباشر في الصراع, وتأكيد أن الضربات الإسرائيلية ضد إيران بشكل منفرد رغم إقرارها بأنها كانت على علم بتلك الهجمات، لكن الهجوم الإسرائيلي على إيران بهذا الحجم وتوسيع نطاق الأهداف خاصة المنشآت النووية لم يكن ليتم إلّا بضوء أخضر أميركي وبدعم عسكري ولوجيستي كامل، وهو ما اعترف به الرئيس ترامب، حيث أشار إلى أن إسرائيل قامت بضربات ناجحة بالعتاد الأميركي العظيم. كما أن الرئيس ترامب أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لأول مرة باستهداف المنشآت النووية الإيرانية على خلاف إدارة بايدن وأوباما، واللتين نجحتا في كبح الاندفاع الإسرائيلي وعدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وبالتالي يمكن القول إن هناك تنسيقا كاملا بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي فيما يتعلق بتوقيت وطبيعة الضربات الإسرائيلية على إيران, فتوقيت الضربة جاء في اليوم الـ61 لمهلة الرئيس ترامب التي منحها لإيران, والتي تقوم على إما التوصل إلى اتفاق نووي جديد خلال شهرين، وإما ستواجه بعواقب وخيمة.

٢) تسعى إدارة ترامب إلى توظيف الضربات الإسرائيلية الموجعة لإيران سياسيا في الضغط على النظام الإيراني لدفعه نحو تقديم تنازلات والتوصل لاتفاق نووي جديد وفقا للشروط الأميركية والتي تضمنها مقترح مبعوث الرئيس ترامب ويتكوف، والتي ترتكز بشكل أساسي على تصفير البرنامج النووي الإيراني وتفكيكه.

٣) إدارة أميركا للصراع الحالي بين إسرائيل وإيران والتي تقوم على المزج بين سياسة «العصا والجزرة»، أي السماح لإسرائيل باستمرار الهجمات ودعمها عسكريا، وبين الدعوة إلى استئناف المفاوضات النووية والتوصل إلى اتفاق نووي جديد، قد تقود بالفعل إلى الهاوية، فعدم كبح إدارة ترامب لاندفاع حكومة نتنياهو ومنعها من توسيع نطاق الصراع، خاصة المنشآت النووية واغتيال القيادات الإيرانية، قد يقود بالفعل إلى توسيع نطاق الحرب، خاصة أن النظام الإيراني يواجه الآن تحدّيا وجوديا.

بناءً على كل ذلك، فإن القائد الحقيقي لما يجري الآن هو الرئيس ترامب، بالفكر والتخطيط والسلاح والأموال.

فهل تكون المواجهة مع إيران هي آخر فصول «صفقة القرن» و«الشرق الأوسط الجديد»؟!