Site icon IMLebanon

إيران: مركز القوة الجديد في الشرق الأوسط

لدى تشريح الرسالة التي وجّهها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى صنّاع القرار الأميركيين، نستخلص مؤشرات كثيرة عن رؤية إيران للمستقبل، على الأقل في خطابها.

أولاً، يصف ظريف الأزمة المحيطة بالاتفاق النووي بأنها “مفتعلة”، ويدعو إلى وقفها على الفور من طريق الديبلوماسية من أجل التوصل إلى حل عادل للجميع.

طوال عقود، كانت إسرائيل الحليف الأقرب للولايات المتحدة بلا منازع في الشرق الأوسط. لم تتوقّف الحملات المنهجية والمتواصلة التي تشنّها إسرائيل لإذلال أعدائها العرب إلا خلال الحكم القصير ولكن التاريخي لرئيس الوزراء إسحق رابين. مذذاك، تحتدم المعركة داخل إسرائيل كما خارجها حول السبيل للتعامل مع المنطقة والمجموعة الكبيرة من “الأعداء” المحيطين بإسرائيل. في السنوات الأخيرة، صبّ اليمين الإسرائيلي جام غضبه على إيران، فأظهرها في صورة الشيطان وبثّ الخوف لدى الولايات المتحدة وأية دولة تصل إلى مسامعها أخبار عن الطموحات النووية الإيرانية.

فيما دفع كل من اليمين الإسرائيلي والأميركي البلدين نحو مزيد من التطرف والعدوان، دعمت السياسة الخارجية الأميركية المصالح الإسرائيلية طوال عقود، غافلةً عن واقع أنها لا تخدم مصالحها بهذه الطريقة. علاوةً على ذلك، باتت الاستخبارات الأميركية الفاشلة مصدراً للإحراج، مما أدّى إلى تراجع سلطة الولايات المتحدة، وانحسرت تهديداتها وعقوباتها إلى مستوى غير مسبوق. وليس الربيع العربي سوى خير مثال على هذه الإخفاقات.

في غضون ذلك، تتحدى إيران المجتمع الدولي وقراراته، وتفعل دائماً ما يناسب القيادة الإيرانية. وهي لا تختار الاعتدال أو الحوار إلا إذا كانا يخدمان المصالح السياسية الإيرانية.

يشكّل المقال الذي نشرته صحيفة “النيويورك تايمس” هذا الأسبوع بقلم وزير الخارجية الإيراني الذي قاد فريق بلاده في المفاوضات في لوزان، تكتيكاً استراتيجياً قبل الاتفاق النووي النهائي. فمن خلاله يوجّه ظريف إنذاراً إلى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين “للاختيار بين التعاون والمواجهة، بين المفاوضات والمزايدات، وبين الاتفاق والإكراه”.

فيما تقصف السعودية اليمن بلا هوادة في غارات جوية دموية أسفرت عن مقتل المئات وتدمير منازل مدنيين ومقار منظمات إنسانية فضلاً عن مواقع الحوثيين، توجّه إيران رسالة بقلم وزير خارجيتها تطلب فيها “تقويماً رصيناً” و”قيادة شجاعة”. إلا أنها تبقي في الوقت نفسه خيارات التصعيد مفتوحة على مصراعَيها.

ليس واضحاً كيف ينوي ظريف أن يمحو مشاهد الأعلام الأميركية والدمى التي تجسّد شخصيات أميركية تحترق على وقع هتافات “الموت لأمريكا”. وليس واضحاً أيضاً كيف سيتمكّن الشرق الأوسط بكامله من محو نتائج الاجتياحات والحروب والموت والدمار والنزوح على وقع الهتافات الأميركية “اقصفوا اقصفوا اقصفوا”.

قال ظريف في رسالته إنه “ليس بإمكان أية دولة أن تحقّق مصالحها من دون أخذ مصالح الآخرين في الاعتبار”.

قبل توقيع “الاتفاق النووي المنتظر”، كما وصفه ظريف، عليه أن يجيب عن السؤال الآتي: هل تنوي بلاده والأفرقاء الذين يدورون في فلكها، مثل “حزب الله”، أن يأخذوا في الاعتبار أمن إسرائيل والسعودية وسواها من دول الخليج، كما يدعو إليه في رسالته؟