Site icon IMLebanon

استراتيجية إيران من الصبر إلى إنقاذ ماء الوجه

 

 

45 سنة على انطلاقة الثورة الإسلامية في إيران، لم تسجل فيها الثورة الخمينية، أي احتكاك مباشر بإسرائيل. ولهذا سيسجّل التاريخ لإيران، أنها اتخذت أخيراً الخطوة الأولى في الرد، ولو على طريقة الألعاب النارية. تأخرت إيران بالرد على إسرائيل سنوات طويلة، فالاستهداف الإسرائيلي كان بدأ عقب انطلاق الثورة السورية في العام 2001، ومحاولة طهران بناء بنية عسكرية في سوريا، تعرضت لضربات إسرائيلية متتالية، كما لم توفر اسرائيل استهداف قادة الحرس الثوري، الذين قتل منهم الكثير، فيما إيران كانت تعتصم دائماً، خلف معادلة الرد في الزمان والمكان المناسبين، التي تعني اللارد.

 

وقد مثلث الليلة الحمراء التي ملأت سماء العراق والأردن بالمسيرات البدائية والصواريخ غير الفعالة، انتقالاً هاماً لإيران من موقع إلى آخر، يصح فيه القول إنها اقتربت أو تجاوزت الخطوط الحمر الإسرائيلية، من دون أن يعني ذلك حكماً تجاوز الخطوط الأميركية، التي ما زالت تمنع الانتقال إلى مواجهة كبرى في المنطقة.

 

سبق للجمهورية الإسلامية خلال الحرب مع العراق، أن تعاونت بشكل سري ووثيق مع إسرائيل التي أمدتها بالسلاح وقطع الغيار. يقول جاك سترو وزير الخارجية البريطاني السابق، إنّ تعاون الملالي مع اسرائيل في مواجهة صدام حسين، وصل إلى حد تزويد اسرائيل لإيران بمعلومات وصور جوية عن مفاعل العراق النووي، ونفذت ايران غارة فاشلة على المفاعل، سبقت غارة اسرائيل التي أودت به، ما أدى إلى القضاء على حلم الرئيس العراقي السابق بعراق نووي.

 

إنتقلت إيران بعد الليلة الحمراء، من منطقة الصبر الاستراتيجي، إلى منطقة تسعى للحفاظ فيها على ماء الوجه والهيبة الضرورية لاستمرار النظام، بعد كل ما تلقاه من غارات اسرائيلية وضربات.

 

لم يكن لهذا الانتقال أن يتم، لو لم تكن إيران متأكدة من الموقف الأميركي الرافض لتوسيع نطاق الحرب، وهو الموقف الذي يشكل غطاء لطهران، التي تكسب المزيد من الوقت، على وقع الضغط الأميركي على إسرائيل لعدم الرد، والاكتفاء بالنجاح بإحباط وصول المسيرات والصواريخ إلى أهدافها.

 

أرادت إيران أن تكرر نموذج الرد على إسرائيل، باستحضار ردها على اغتيال قاسم سليماني، مع علمها بالفرق الشاسع بين استهداف قاعدة أميركية، وبين استهداف العمق الإسرائيلي، ومع علمها بأنّ اسرائيل لن تتحمل المس بقدرتها على الردع، كما تغيير قواعد الاشتباك التي أرستها طوال السنوات الماضية، وهي قواعد أتاحت لها حرية العمل في سوريا، وتحولت بعد عملية طوفان الأقصى الى فضاء مفتوح من الغارات في لبنان، والى احتمال يتكرر كل لحظة قد يؤدي للانتقال الى حرب كبرى، باتت أهدافها معروفة ولا ينتظر اشتعالها إلا التوقيت.