Site icon IMLebanon

حلّ الميليشيات بعد 35 عاماً: نزع سلاح إيران و”حزب الله” معاً؟

 

 

هل يرتبط تسليم سلاح “حزب الله” بالضربة التي بدأت إسرائيل تنفيذها ضد إيران فجر الجمعة 13 حزيران؟ وهل تكون الضربة الإسرائيلية مقدّمة لنزع سلاح إيران و”الحزب” معاً؟ من خلال تسلسل الأحداث منذ عملية طوفان الأقصى، يظهر أن إسرائيل كانت أعدّت خطة شاملة لتغيير خريطة الشرق الأوسط من إيران إلى لبنان. ضربت “حماس” في غزة و”حزب الله” في لبنان والحوثيين في اليمن، وسقط نظام بشار الأسد في سوريا، وبعد قطع الأذرع حان وقت الرأس. الضربة على إيران تعني أيضاً إنهاء الحالة الشاذة التي مثّلها “حزب الله” في لبنان ولو بتأخير 35 عاماً على اتفاق الطائف.

 

 

 

كان من المفترض أن ينهي “حزب الله” تسليم سلاحه وحلّ تنظيمه العسكري في بداية عام 1991، وأن تطبّق السلطة التي تشكّلت بعد انتخاب الرئيس الياس الهراوي قرار حلّ الميليشيات عليه، ولكن ذلك التاريخ شهد بداية جديدة لمسيرته العسكرية والسياسية والأمنية بما راكم فيها من حروب ومواجهات دفاعاً عن هذا السلاح، حتى وصل إلى استحقاق التخلي عنه حكماً، وهو يحاول مجدّداً التهرّب من الالتزام بتنفيذ هذا القرار الذي كان نتيجة الحرب الأخيرة التي انخرط فيها منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول 2023، ودفع فيها ثمناً كارثياً.

 

 

 

خلافاً لما نصّ عليه اتفاق الطائف الموقّع في 23 تشرين الأول 1989، لجهة حلّ الميليشيات وتسليم أسلحتها، وحصرية وجود السلاح بيد القوى الشرعية، بقي “حزب الله” الوحيد الشاذ عن القاعدة.

 

 

 

 

 

سلسلة حروب كان يجب أن تنتهي

 

كان من المفترض أن يشكّل هذا الإتفاق بداية الخروج من الحرب والدخول في مرحلة السلام برعاية دولية وعربية أتت بالنائب رينيه معوّض رئيساً للجمهورية في 5 تشرين الثاني 1989. ولكن قبل ذلك التاريخ كانت هناك سلسلة حروب دائرة على الساحة اللبنانية:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

انقلاب المقاييس بين تشرين وتشرين

 

ما لم يتحقّق بعد اتفاق الطائف مباشرة كان يجب أن يتحقّق بعد انهيار عون وانتهاء التمرد الذي قاده ضد السلطة الشرعية الجديدة. ولكن بين توقيع الطائف في 23 تشرين الأول 1989 وإنهاء تمرّد عون في 13 تشرين الثاني 1990، أي خلال عام تقريباً، كانت انقلبت المقاييس:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تجربة “القوات” و”الاشتراكي”

 

كانت “القوات اللبنانية” تُعتبر التنظيم الأقوى عسكرياً على الساحة اللبنانية. وكان عليها أن تلتزم بتسليم السلاح وحلّ الجناح العسكري، ولم يكن مثل هذا القرار سهلاً|. بعد التواصل بينها وبين اللجنة الوزارية التي فاوضت على تسليم السلاح، التزمت “القوات” بالقرار. أخرجت قواتها العسكرية من بيروت بداية عام 1991 وفي أيار نفّذت ما التزمت به. جمع قائدها سمير جعجع الكوادر العسكرية وأبلغهم القرار الصعب. سلّمت “القوات” آليات عسكرية ومدرعات ومدافع ميدان إلى الجيش اللبناني الذي استخدمها في معركة استعادة القرار على الأرض من الفلسطينيين في شرق صيدا في تموز 1991، وأخرجت معدات أخرى وأسلحة وذخائر إلى خارج لبنان قيل وقتها إنّها باعتها إلى كرواتيا.

 

 

 

الحزب “التقدمي الاشتراكي” أعلن وقتها أيضاً أنّه أعاد إلى سوريا الأسلحة والآليات التي كان النظام السوري زوّده بها خلال الحرب ولكن من دون التأكّد من إنجاز هذه العملية ومن دون الإشراف عليها لمعرفة ماذا سلم وبماذا احتفظ.

 

 

 

حركة “أمل” أيضاً قالت إنّها أعادت أسلحة إلى سوريا ولكن أيضاً من دون قياس نسبة الالتزام بالقرار.

 

 

 

 

 

شذوذ “حزب الله” عن القاعدة

 

خارج هذه التنظيمات الثلاثة بقي “حزب الله” خارج المحاسبة. ولكن لا يمكن النظر إلى هذه العملية بأنّها كانت تحصل بالتساوي وبالتوازن: السلطة الجديدة الخاضعة للقرار السوري أخضعت “القوات اللبنانية” وتركت القوى الأخرى. الإخضاع امتدّ إلى عملية استيعاب عناصر الميليشيات حيث استبعدت السلطة عناصر “القوات”. وبدل استيعابهم بدأت حرب إلغاء جديدة ضد “القوات” انتهت بحلّ الحزب وباعتقال رئيسه سمير جعجع، وبملاحقة القواتيين ومداهمة كل مراكز “القوات” ومصادرة كل ما وجدته من أسلحة خفيفة. بينما لم يطبق مثل هذا الأمر على الآخرين فبقي “حزب الله” التنظيم الوحيد المحتفظ بسلاحه والممسك بالقرار العسكري خارج إطار أي سلطة رسمية.

 

 

 

بين 1991 و2025 خاض “حزب الله” حروباً كثيرة. استورد أسلحة من إيران. انتقل إلى تصنيع الأسلحة والصواريخ والمسيرات في لبنان. حتى أنّ أمينه العام السيد حسن نصرالله قال إنّه بدأ بتصدير هذه الأسلحة وبيعها و”من يريد فليقدم طلباً بذلك”. وعلى الدوام هدّد “الحزب” بقطع أيدي ورقاب من يريد أن ينزع سلاحه.

 

 

 

 

 

الانصياع للقرارات الدولية

 

عام 2004 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1559 الذي نصّ على نزع سلاح “الحزب” وتطبيق ما ورد في اتفاق الطائف لجهة حلّ الميليشيات وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. ولكن “الحزب” اعتبره حبراً على ورق.

 

 

 

بعد حرب تموز 2006 وافق “الحزب” على وقف النار ضد إسرائيل الذي كرّسه قرار مجلس الأمن 1701 الذي أكّد على تنفيذ القرار 1559 ونزع السلاح. وعلى رغم ذلك لم يلتزم “الحزب” بل ذهب إلى القتال في سوريا دفاعاً عن نظام الأسد وزاد من صناعته العسكرية سعياً لتحقيق توازن الردع مع إسرايل، كما كان يقول.

 

 

 

في حرب المساندة منذ 8 تشرين الأول 2023، ثم في حرب “أولي البأس” بعد تفجيرات البيجر واغتيال السيد نصرالله ثم السيد هاشم صفي الدين وأبرز قياداته العسكرية وتدمير ترسانته ومعظم مخازنه وصواريخه ومسيراته، انصاع “الحزب” لقرار وقف النار بكل مندرحاته التي تتخطى القرارين 1701 و1559 لجهة تسليم السلاح، وسقطت نظرية الردع الاستراتيجي وانكشف “الحزب” أمنياً وسياسياً خصوصاً بعد سقوط نظام الأسد في سوريا بعدما دافع عنه منذ العام 2012.

 

 

 

خرج “حزب الله” عن قاعدة تسليم السلاح طوال 35 عاماً. فهل انتهى اليوم زمن الشذوذ؟ وهل حان وقت نزع سلاح إيران و”حزب الله” معاً؟