لم يحجب الوضع الامني، الذي عاد من بوابة التهديدات الارهابية وما بينته التحقيقات مع الموقوفين من تحول لبنان الى هدف للمجموعات المتطرفة الساعية لاسقاط المظلة الحامية للاستقرار وتشريع الساحة الداخلية امام الفتن والمؤامرات، الملفات السياسية الخلافية التي باتت تهدد باسقاط الحكومة «المخلخلة» اصلا، في تشابك مصالح مقصود أوغير مقصود، يصب في خانة تلك المجموعات المتطرفة، على مختلف المستويات ولا سيما الاقتصادية على ابواب موسم الصيف.
وفي إنتظار اكتمال المشهد «الرمضاني الحريري»، مع نهاية الافطارات الـ16، دخلت المملكة العربية السعودية على الخط السني بقوة، حيث يقيم السفير عسيري افطارا في دارته تحت عنوان «لم الشمل» وتوحيد صف الطائفة في مواجهة الاخطار المحدقة، يحضره رؤساء الحكومة السابقون والمفتون والمشايخ، استكمالا للعشاء الاول الذي جمع القيادات السياسية اللبنانية،كمقدمة للقاءات اشمل تجمع مختلف القوى السنّية من وزراء، نوّاب ورؤساء احزاب، في اطار الحوار السني – السني، من اجل توحيد الكلمة لاعادة الدور الوطني والعروبي للشارع السنّي بحسب مصادر سنية.
جمعة تأتي بالتزامن مع مساعٍ قام بها «تيار المستقبل» من اجل ترتيب البيت السنّي، بدأت مع عودة زعيم «الازرق» الى لبنان حيث كانت له سلسلة لقاءات مع شخصيات سنّية كانت في مواجهة خطه السياسي، منها الوزيران السابقان عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي، واخيراً الرئيس نجيب ميقاتي الذي انتج التقارب معه تشكيل لائحة «ائتلافية» موحدة في طرابلس خاضت الانتخابات البلدية، اضافةً الى تطورات «مهمة» كان محورها وزيران سنّيان، الاول الوزير المُستقيل اشرف ريفي الذي حصد الاكثرية في الانتخابات البلدية في طرابلس في وجه إئتلاف عريض من قيادات سنّية، والثاني وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعلن ان «ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية اتى بمبادرة اميركية – بريطانية – سعودية قبل ان يتبنّاها الرئيس الحريري، ما أثار موجة تساؤلات وتحليلات حول وحدة الكلمة والموقف داخل الطائفة السنّية، وتحديداً داخل «تيار المستقبل» الذي يرفع لواء الاعتدال والمحافظة على «أمانة» العيش المشترك».
اللافت وسط كل ذلك، بحسب مصادر مطلعة انه جاء بين مراجعتين، الاولى، مستقبلية مع رفع اللجنة المكلفة تقييم نتائج الانتخابات البلدية تقريرها الاولي للرئيس سعد الحريري والذي تضمّن تحليلاً للنتائج وتحديدا لمواطن الخلل التقصير، لاخذها في الاعتبار وعدم تكرارها في الاستحقاقات المقبلة، في سياق مراجعة التحالفات الداخلية والخارجية، ناصحا بالعمل جديا من أجل استعادة ثقة الجمهور، مؤكدا ان نتائج طرابلس لا تعني بأي شكل من الأشكال نهاية «المستقبل» أو ظهور قيادات سنّية بديلة، رابطا بين مزاج الناخب المضطرب والمشكك نتيجة الوضع الاجتماعي والسياسي الذي خلفته تطورات المنطقة ومتغيراتها السريعة، والثانية، سعودية، بعد التصريحات الاخيرة «المفاجئة» لوزير الداخلية نهاد المشنوق التي «اضرّت» بالوضع العام، وضرورة التخفيف من وطأتها، خصوصاً مع العهد الجديد في المملكة، بعد ما امنته من مادة دسمة لاعداء المملكة في الهجوم عليها، خاصة انه اتى من اهل البيت.
اوساط مراقبة للتطورات على الساحة السنية، رأت ان عشاء اليرزة سيكرس القرار السعودي بانهاء الاحادية السنية التي احتكرها آل الحريري طوال السنوات الماضية وادت الى انهيار مشروع المملكة في لبنان والى فقدان المستقبل ولحلفائه وغطائه المسيحي بعكس حزب الله الذي استطاع اسر حليفه المسيحي، ما دفع بالرياض الى اعادة ترتيب اوراقها وفتح قنوات الاتصال مع الاطراف السنية المختلفة من الوزير السابق عبد الرحيم مراد الى الرئيس سليم الحص الذي زاره السفير السعودي بعد مقاطعة طويلة، مرورا بالانفتاح على الرئيس نجيب ميقاتي التي اقفلت في وجهه ابواب المملكة منذ اسقاط حكومة الحريري عام 2011 والوزير السابق فؤاد مخزومي المحسوب على قطر.
وفي هذا السياق تتحدث المعلومات عن محاولة لاحتواء انتصار ريفي عبر الضغط على اعضاء البلدية لعدم انتخاب أحمد قمر الدين رئيسا، في محاولة لتوجيه ضربة للواء أشرف ريفي بعد الخسارة التي مُنيت بها مرجعيات المدينة، مدرجة تحت هذا العنوان تسريب خبر السفر المفاجىء لمحافظ الشمال الى الخارج للعلاج، رغم التأكيدات بعدم مغادرته الاراضي اللبنانية، محذرة من انتفاضة شعبية طرابلسية في حال مصادرة اصوات اهل المدينة والانقلاب على النتائج.
وفي رأي الاوساط ان الخلاف داخل العائلة المالكة وما سرب عن تهديدات للرئيس الحريري من قبل «المحمدين» انعكست تضييقا غير مسبوق على «اوجيه» وصل الى حد «قب الباط» عن الهجوم الذي استهدف مكتب الحريري في الرياض، افضى الى حل وسط يقضي بلامركزية الزعامات السنية، وهو ما ترجم عمليا في طرابلس بظهور نجم اللواء اشرف ريفي، الذي تحدث النائب جنبلاط عن تلقيه الدعم من الامارات في معركته، ما يعني مليا دعما سعوديا ذلك ان الامارات لا يمكن ان تتحرك عكسا للرغبة السعودية. مع العلم ان الوزير المستقيل قام بزيارة الى المملكة بعيد الانتخابات مباشرة.
قد تنجح الخطة السعودية في ترتيب البيت السني في الطريق نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية على ما يقول نائب مخضرم، معتبرا ان الرياض وافقت على بنود الصفقة الرئاسية القاضية بانتقال الرئاسات الثلاث الى الصف الثاني، وعليه بدأ التحرك في عشاء اليرزة 1 على ان يتظهر اكثر في اليرزة 2، رغم الحديث عن ملامح لشخصية اصبحت شبه واضحة بعد خروج السنيورة، المشنوق، وريفي من السباق.