Site icon IMLebanon

عندما تبكي الأرملة لأول مرَّة.. المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية إعادة رسم الأحجام.. ولبنان أمام فرصة!

 

 

 

 

لأول مرَّة منذ قيامها، قبل 75 عاماً، تبكي إسرائيل، وهي تلملم آثار الضربات التي جنتها أيديها، منذ أن تنكرت لكل مبادرات السلام، واعتبرت أن الحرب ضد العرب والفلسطينيين، ثم ضد المصريين والسوريين والأردنيين واللبنانيين وسائر أبناء الأقطار العربية، هي وسيلة التخاطب والسيطرة والإذلال، وسائر ما يتصل بذلك من خصال وتعابير، للتعامل مع العرب، لأول مرة تشعر أن مطارها (مطار بن غوريون)  يتوقف عن العمل، وتتعطل الملاحة الجوية فيه، وتودع الطائرات المدنية في مطار اليونان وقبرص والولايات المتحدة، وأن المباني الشاهقة في تل أبيب (العاصمة الرسمية والتجارية والاقتصادية لإسرائيل) تتعرض للإهتزاز، وأن مشاهد الدمار، على نحو ما هو حاصل في ضاحية بيروت الجنوبية، او جنوب لبنان،  أو غزة والضفة الغربية وبعض الأحباء السورية وصولاً الى اليمن وايران.

وأن مبنى وزارة الحرب (وزارة الدفاع) تستهدف، وتتعرض المؤسسات المنتجة لأدوات الحرب، والاستخبارات والحرب السيبرانية والذكاء الاصطناعي وغيرها.

يجتمع الكابينت الاسرائيلي (مجلس الحرب المصغر) في ملجأ أو ملاجئ محصنة تحت الأرض، ويختبئ مجرم الحرب بنيامين نتنياهو في المخابئ السرية، مع فريقه الدموي، ورئيس أركانه وقادة الأجهزة الأمنية من الموساد والشاباك..

لأول مرة في تاريخها، منذ النشأة مع بداية حرب الاغتصاب عام 1948، وطرد الفلسطينيين، سكان الأرض الحقيقيين من منازلهم وبلادهم، تعيش أهوال الحرب وويلات الدمار، على مدى يقرب من السنتين..

تمكنت دولة الاحتلال من تسديد ضربات قاتلة لقيادة «حزب االله» وفرضت سياسة مذلة بحق عناصر الحزب والمدنيين اللبنانيين، والجنوبيين بوجه خاص، حتى بعد التوصُّل الى وقف النار في ت2 (2024). فهي، (أي اسرائيل) تلاحق السيارات المدنية بالمسيَّرات، ويمعن طيرانها الحربي وكل أسلحة الدمار التي تمتلكها في قصف القرى والمدن، ومنع الأهالي من زراعة «شتلة تبغ» أو الذهاب إلى المقابر لقراءة «الفاتحة» على أرواح ذويهم وشهدائهم، وأمهاتهم وآبائهم..

تمكنت دولة الاحتلال من محاصرة أطفال غزة، وتصدت قيادات الصف الاول في حركة المقاومة الاسلامية في فلسطين (حماس) وحاصرت القطاع بالقتل والدمار والتجويع، وسائر أشكال القتل والتنكيل، لكنها لم تقوَ على إلحاق الهزيمة بـ«حماس» وسائر الفصائل المقاتلة دفاعاً عن غزة والضفة والطامحة إلى إقامة دولة تجمع شتات الشعب الفلسطيني، وتحمي حقوقه كسائر شعوب الأرض.

لا حاجة لاستذكار جبروت «الإجرام» الاسرائيلي» منذ أن بدأت حرب طوفان الأقصى، إلى أن كانت الواقعة الكبرى، عندما تنطَّح نتنياهو لتصفية الملف النووي الايراني وتغيير النظام وجملة أهداف أخرى، وضعها في مخيلته، لفرض زعامة جيوسياسية، وجيو-عسكرية على كامل أصقاع الشرق الأوسط.

هاجمت الطائرات والمسيَّرات والصواريخ الاسرائيلية فجر الجمعة الماضي (13 حزيران) المنشآت النووية، ومراكز الأبحاث والعلماء، ومقرات قيادة الحرس الثوري الايراني، وتمكنت من تسجيل ضربات «موجعة جداً»، فقتلت 20 قائداً عسكرياً (ارتفع العدد لاحقاً) وقتلت قادة الصناعات النووية والمفاعيل من علماء وخبراء وخلَّفت خسائر قاتلة في بنية «نطنز» النووي وغيره.. وراح نتنياهو يتباهى ببطولاته وقدراته..

كادت المنطقة تغرق في «إحباط كبير» فالدولة المعتدية، تتحكم بكل شيء، حتى أن وزراء خارجية عرب، من المعتبرين من «دول الإعتدال»، والدعوة «لحل الدولتين»، منعوا من دخول مناطق معينة في الضفة الغربية..

بصرف النظر عن مداه وحجمه وتأثيره، لكن الردّ الإيراني على «الإستباحة الاسرائيلية» لسيادة دولة كبرى في الاقليم مثل ايران أعاد الاعتبار الى مسائل تتصل بوضع حدّ أو حدود للصلف الاسرائيلي وهمجية العدوان، والإفتراس المعتمَّد على تطور تكنولوجيا الحرب والقتل، والدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأميركية، ودول «الناتو» الغربية الأوروبية..

صرخ الاسرائيلي من «الوجع» الذي لحق به من جراء الصواريخ الايرانية البالستية (200 صاروخ، عدا المسيَّرات في اليوم الأول)..

وكادت الحياة تنعدم في الكيان العبري، حتى أن التعليم عاد عن بُعد بعد تعذر ذهاب التلامذة الى المدارس، والطلاب الى الجامعات، قبل الوصول الى ليلة السبت- الأحد، حيث جاءت الضربات الايرانية أشدّ فتكاً ودماراً، وسط طلب اسرائيلي رسمي للولايات المتحدة للدخول في الحرب الى جانب اسرائيل.

دمار غير مسبوق في عاصمتين من عواصم الاقليم، وبين لاعبين كبيرين، يحسب لكلّ منهما الحساب..

والسؤال الآن: ما الموقف بعد ذلك؟ وما هي انعكاساته؟

إذا اعترفت اسرائيل بعجزها عن تطويع ايران، وأن معالجة الملف النووي الايراني لن تكون على طريقة نتنياهو.. وإذا تعدَّل ميزان القوى في المنطقة، نسبياً لغير صالح فريق اسرائيل، واشنطن- وبعض العواصم الغربية، فإن مرحلة جديدة، تبدأ في الاقليم، وتفتح الباب أمام تفاهمات جديدة، لن يكون نتنياهو وفريقه الدموي- المتطرّف ضمنها، حسبما يتوقع كثيرون..

أمَّا بالنسبة للبنان، فالشهادة أن التفاهم الوطني بالنأي عن الحرب وويلاتها تقضي بأن ابتعاد لبنان خطوة وطنية، يمكن أن تستكمل بفتح الطريق أمام إلزام الاحتلال باحترام مترتبات الاتفاق على وقف النار بموجب القرار 1701.