Site icon IMLebanon

على هامش ضربة إسرائيل لإيران:إخفاق المتحاربين

 

مهّدت عملية طوفان الأقصى لكل ما تلاها: كانت الأهداف تتهاوى، هدفا وراء هدف، تدمّر غزة، وتدمّر الضاحية، ويدمّر الجنوب، ويجول العسس الإسرائيلي على وحدة الساحات، يجمعها تحت أهدافه، بدّ أن يعمل على تفكيكها، خطط منذ ربع قرن لمثل هذه البرهة التاريخية: ينهي ضرباته، بالضربة القاضية: ينتهي لضرب إيران، ويدعوها للتعاون معه، حتى يتمكن من إعادة سكان الشمال، ومن إعادة الأسرى، ويجفف جواره الإقليمي من السلاح: تدخل شريكا مضاربا معه، لنزع سلاح حزب لله وسلاح غزة.

الضربة الإسرائيلية لإيران، هي لإحياء دورها، لا لإسقاط دورها. تقول لها: إن لك دورا أساسيا، في تجفيف السلاح في المنطقة. فلا يكفي أن تكوني جدارا وقلعة في وجه حل الدولتين، بل المطلوب منك: أن نكونا معا يدا واحدة، بلا فلسطين كلها، بلا القدس كلها، بلا الضفة وغزة.

 

الضربة الإسرائيلية لإيران تقول أشياء أخرى: تعالوا ندخل في شراكة تاريخية واحدة، تنادي على الملك قوروش، تستيقظه، ألم يكن ضد بابل، غداة استيقظت على محنتها؟!

الضربة الإسرائيلية البارحة لإيران، برهنت على إخفاق المتحاربين: إسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى. بدت إيران البارحة أقوى، لأن إسرائيل اعترفت لها من خلال هذه الضربة، أنها ملكة الساحات كلها. جعلتها حقا، ملكة الساحات كلها… غير أنها تقول لها في الوقت عينه: «بعدك عن تمنها يا دياب بعيد».

تأهّب وحذر يلفّان إسرائيل وإيران، بعد ليل 26/10/2024، ولبنان على أبواب الحصار البري، بعد الحصار البحري، وبعد الحصار الجوي، وشمال غزة، إنما يعيش أحلك أيام الحرب، وتل أبيب تشدّد ضرباتها، في ليلة إيران، على حزب لله، وتضرب بست غارات جوية، حارة حريك، وتقتل الإعلاميين في حاصبيا، وتقيم في الوقت عينه، محاكمة إستثنائية عندها، لـ«عملاء»… تجسسوا لصالح إيران. وتجعل أكثر من ربع اللبنانيين، نازحين، بعدما سوّت بلداتهم في الجنوب بالأرض، وبعدما استهدفت السيد حسن نصرلله في حارة حريك، وجعلتها منذ ذلك التاريخ المشؤوم هدفا يوميا لها.

 

الحرب الشاملة، دخلت شهرها الثاني، وهي تقول بلسان بلينكن: من الملحّ التوصل لحل دبلوماسي في لبنان وحصر السلاح بيد الدولة. وإسرائيل البارحة كرّرت، من خلال ضربتها لإيران، الكلام نفسه، وأرسلت رئيس الموساد على رأس وفد، للاجتماع بالقاهرة، مع رئيس المخابرات الأميركية ومع رئيس المخابرات المصرية، لتقول لا لسلاح المقاومة… أية مقاومة، في لبنان وفي غزة…

«حزب لله»، يسعى فيما تبقّى له من الوقت المستقطع، لحماية «قاعدته اللوجستية» في سوريا، بينما تشنّ تركيا الغارات، واحدة تلوى الأخرى على شمال شرقي سوريا، وتوقع عشرات الضحايا. أما «إجتماع الدوحة»، فهو يقوم بمساعٍ حثيثة، لإختراق جمود «هدنة غزة» بـ«صفقة مصغّرة»، وتستمر المواجهات البرية القوية في جنوب لبنان، تؤكد للقاصي والداني، أن الإختراق الإسرائيلي له، إنما هو إحتراق لجميع الجهود المنصبة، في «برهة» إيران الملتهبة.

خرج فؤاد حسين وزير خارجية العراق البارحة علينا، بتصريحه الأقوى، قبل ليلة إيران، بثوانٍ معدودة: سماء العراق ليست فضاء للحرب. وإندفع أردوغان في الوقت عينه، يطلب من بوتين السير بالتطبيع بين أنقرة ودمشق، لأن البرهة مناسبة. فكان صدى دعوة هذا الأخير في قمة «بريكس»: ضرورة أن يسهم التفاهم بين أطرافها، على خفض التوتر بين الصين والهند.

أمام السيناريو الإسرائيلي للإنتقام، وأمام خطة خامنئي للرد، يقع اليوم سلاح «حزب لله» و«سلاح غزة»، بل سلاح الساحات كلها في الجوار الإقليمي لإسرائيل. فهل ستقبل الولايات المتحدة، بما يفرضه هذا السيناريو، بعدما مهّد له السنوار في السابع من أكتوبر-2023، قبل أن يلاقي حتفه؟

إخفاق المتحاربين، هذا ما تشي به المعادلة. فهل تستطيع الولايات المتحدة، أن تقول كلمتها، ولم تتبقَّ، إلّا بضعة أيام قليلة على إسدال الستارة على رئاستها، في5/11/2024. وها نحن نرى كامالا هاريس مشغولة عن المتحاريين في إسرائيل وفي إيران، بلعبتها: تحفز ناخبيها على تجمعات عظيمة لأجلها، وترصّعها بالنجوم، من كبار الدولة، ومن أشهر المغنين.. في حين أن جارتها هافانا غارقة في العتمة الشاملة، وتتراكم عليها الأزمات المعيشية الخانقة، بحيث لا تستطيع رفع صوتها.

أما نحن، فننتهي إلى الشاعر عمر أبو ريشة، يخفف عنا، نغرّد بشعره اليوم، بعدما كان زمانا يغرّد بها:

«يا للرئاسات كم أغرت مناصبها/ وكم كبار على إغرائها صغروا.

ناموا على بهرج الدنيا وما علموا/ أن الفراش على المصباح ينتحر.

إن خوطبوا كذبوا، أو طولبوا غضبوا، أو حوربوا هربوا، أو صوحبوا غدروا.

على أرائكهم سبحان خالقهم/ عاشوا وما شعروا.. ماتوا وما قبروا».