Site icon IMLebanon

عون في قلب المنظومة والثمن الجيش والرئاسة

 

 

 

من العام 1989 وإلى اليوم، لم يتوقف التخريب العوني المتعمد للجيش، والتضحية به على مذبح الأهواء الخاصة. سبق ميشال عون عصره، بأن احتل المرتبة الأولى في سلسلة من قادوا المؤسسات والدول التي تولوا مسؤوليتها إلى الخراب. من حرب مع «القوات اللبنانية» بعد عودته من تونس بوعود رئاسية، إلى حرب تحرير دفع فيها الجيش والمناطق التي كانت تحت سيطرته، نخبة من اللبنانيين، قتلوا وهاجروا من أجل حلم الإقامة الدائمة في بعبدا، إلى حرب مع «القوات اللبنانية»، رسمت خطوط الموت والدماء في الأحياء والشوارع، إلى أن انتهى الجيش بدفع ثمنها غالياً، في 13 تشرين، لأنّ الجنرال الذي وعد بأن يستشهد في مقر قيادته، هرول الى السفارة الفرنسية، بعدما كان يرفق شعارات الصمود قبل أسبوع من المجزرة، برحلات بالملالة بين القصر والسفارة، كي يصل بأمان، فيما أبطال ضهر الوحش والكحالة، يعدمون بوحشية على يد جيش حافظ الأسد.

 

إنه سلوك تحويل المؤسسة إلى منصة للإسترئاس، وتوريث المؤسسة للوريث، كي يستعملها كما استعملها هو، منصة لتحقيق المصالح الذاتية، التي هي على طلاق دائم مع الحد الأدنى من المبادئ. هذه المؤسسة بنظر الجنرال الذي أمعن فيها تخريباً، هي ملك عائلي، فلا جيش إذا لم يكن عونياً، حتى ولو كان على بطاقة هوية قائده اسم هذه العائلة. واستكمالاً «لنكران الذات» ولسلوك رجال الدولة، لا يوجد قصر في بعبدا إلا إذا كان شاغله عون أو الوريث.

 

صدق إيلي الفرزلي عندما وصف عون بأنه الأناني الأكبر، وهي شهادة تأتي من عارف وزائر وفاعل ومروج لرئاسة عون، حتى نصف عهده المثمر.

 

رتب الوريث سلسلة من الزيارات، وفي وجدانه مأساة غزة، لكن لقاءاته مع جميع من التقاهم، كان لها هدف واحد: منع التمديد لقائد الجيش، سعياً منه ومن مرشده على الطريقة «النيرونية» المعروفة، إلى الثأر ممن لم يقبل بتحويل الجيش إلى مزرعة، كما لقطع طريق بعبدا، على من يطمح لاستعادة الحد الأدنى من مقومات الدولة.

 

من أجل استمرار المزرعة والتقاسم، وبعدما بلع اتهاماته لحكومة تصريف الأعمال ورئيسها، عرض باسيل على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، صفقة رابحة لكل أركان المنظومة: سلة تعيينات لقيادة الجيش والمؤسسات الأمنية والمجلس العسكري، ينال فيها اسم قائد الجيش والعضو الأرثوذكسي في المجلس العسكري، فيما يعين العضو الشيعي من حصة بري، ورئيس الأركان من حصة الاشتراكي، ويحضر أيضاً لتعيين مدير عام الأمن العام وحاكم مصرف لبنان. أما الرئيس ميقاتي فسيستعيد حكومته باجتماع وزرائها العونيين، والرئيس بري سيستعيد التشريع في مجلس النواب، فيما ستستشهد الرئاسة الأولى، وستغيب في الفراغ المديد، وفي حال انتخاب الرئيس فسيتحول إلى أسير مكبل لا أدوات لديه، ولا قدرة على الفعل.

 

هي حرب تخريب ما بناه جوزاف عون في الجيش، وما يطمح اليه إذا ما وصل الى بعبدا، وفي الحالتين، يعتبر ساكن الرابية، أنّ ما فعله قائد الجيش سيكون نموذجاً خطراً، فهو نموذج خال من بواخر الكهرباء، أي بواخر العهد، وهو نموذج لا يحلم بأن يكذب على اللبنانيين، عبر رفع شعارات الشراكة والحقوق، التي كانت تعبيراً عن الشراكة في السمسرة، وشفط كل الحقوق لصالح العائلة.

 

لم يعد مشهد الحرب التي تشن على جوزاف عون عادياً. من وضعوا على لوائح عقوبات الفساد بالتكافل والتضامن، يستميتون في القضاء على فرصة ممكنة، يمكن أن تحافظ على الاستقرار. إنها اليد نفسها التي خربت الجيش ونشرت سلوك المحاصصة والتبعية، وهي تستعد لتنفيذ آخر مهماتها «الجليلة».