Site icon IMLebanon

كاغ لـ«الجمهورية»: سأبحث في إيران والسعودية وروسيا ملف الرئاسة

لم تكد المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ تعود من زيارتها إلى نيويورك أثناء انعقاد الدورة الـ71 للجمعية العامة للمنظمة الدولية، لتبدأ حزم حقائبها في اتجاه إيران مرة جديدة، ومن بعدها السعودية وروسيا. جولة سيكون أبرز عناوينها ملف الرئاسة اللبنانية، والتخفيف من حدّة التوتر بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية وانعاكساته على لبنان.

أطلّت كاغ من مقرّها في اليرزة أمس لتبديد التخمينات في شأن قمة اللاجئين والمهاجرين، ولتجديد التأكيد على التزام منظمة الأمم المتحدة أمن لبنان واستقراره وتحقيق التنمية، ولإعلان رغبتها في إعادة إطلاق محركاتها الديبلوماسية على أمل إنهاء الشغور الرئاسي.

وتقول كاغ في لقاء إعلامي مع نائب المنسّق الخاص والمنسّق المقيم والمنسّق الإنساني للأمم المتحدة فيليب لازاريني: «كانت قمّة نيويورك لحظة مهمة لوضع لبنان على الخريطة، وإعادة التأكيد على وحدة أراضيه وسلامتها ودعوة القادة اللبنانيين إلى إعلاء مصلحة لبنان».

وتشدّد على أنّ «استقرار لبنان لا يمكن اعتباره أمراً مسلّماً به بل يجب عدم تجاهل ما يمرّ به ومساعدته على تجاوز تداعيات أزمة اللاجئين السوريين عليه من كلّ النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، والتركيز على أولويّة منع الصراعات من خلال الديبلوماسية الهادئة وتحقيق التنمية».

ولكنّ يداً لوحدها لا تُصفّق، وبالتالي ما تحتاجه الأمم المتحدة «شركاء»، في نظر كاغ، التي تتطلّع الى وجود حكومة فاعلة ومؤسسات دستورية تمارس الدور والصلاحيات المنوطة بها.

وتذكّر بأنّه في بيان مجلس الأمن في 22 تموز بشأن لبنان، «لم يكن هدفنا فقط الإشادة بالجهود التي تقوم بها الحكومة برئاسة تمام سلام بل للتذكير بما نتوقعه من لبنان، بأن يضع الانتخابات النيابية سنة 2017 في سلم أولوياته، وأن يتمّ التوصّل الى حلٍّ توافقي في موضوعَي قانون الانتخابات والرئاسة».

وتقول: «رسالتي بشأن تطبيق القرار 1701 أنّ الهدوء النسبي الذي يشهده لبنان لا يمكن الخلط بينه وبين الاستقرار». وتضيف: «نحن نتمسّك بـ«إعلان بعبدا»، ونذكّر به في كلّ تقاريرنا عن لبنان، الأمم المتحدة من خلال كلّ وكالاتها تعمل لأجل لبنان، بشكل موحَّد، ولكن لا يمكن أن نكون منصفين مع لبنان إن لم يكن قادته موحَّدين»، مُعلنةً عن نيّتها القيام بجولة «ستبدأ من إيران الأحد، ومن ثمّ الى السعودية وروسيا».

وعلى رغم دعواتها القادة اللبنانيين إلى أن يكونوا سادة قرارهم، وعدم انتظار التطوّرات الخارجية، إلّا أنّها توضح رداً على سؤال لـ«الجمهورية» أنّ الهدف من زيارتها الى طهران والرياض وموسكو هو «ضرورة وتقتضيه الواقعية».

وتقول: «سأبحث ملف الرئاسة، والمنطقة كلها مهدَّدة بسبب النزاعات الطائفية، لا أحد يستفيد إذا كان لبنان ضعيفاً والمطلوب تخفيف التوتر بين السعودية وإيران، وزيارتي إلى روسيا خصوصاً كونها أحد أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين الذين يتوحّدون حول هدف واحد من أجل لبنان».

أمّا التوافق السياسي الذي دأبت على المناداة به، فهو في نظر كاغ «واجبٌ وطني في ظلّ التحديات التي يعيشها لبنان. في غالب الأحيان الوقت يداوي الجراح ولكن في حالة لبنان الوقت عدوّنا، لا يمكن الانتظار، نحن نتعامل مع المجهول».

وتقول: «المأساة السورية وانتشار التطرّف، تحدّيات تجعلنا لا نغمض أجفاننا في الليل، والحلّ فقط بتقوية المؤسسات الدستورية وحكمة المسؤولين السياسيين للوصول الى تسوية عملية».

تسوية قد تكون سلّة واحدة حسب كاغ، وعناصرها تقع ضمن إطار المحاولة الجدّية لرئيس مجلس النواب نبيه برّي للحوار والتي شملت الرئاسة وقانون الانتخابات واللامركزية الإدارية، وفق ما تؤكّد لـ«الجمهورية».

وتحذّر المسؤولة الأممية من ازدياد منسوب التوتر مع الوقت، وتداعياته على التماسك الاجتماعي في لبنان. وتقول: «اليوم هناك تعاطفٌ مع اللاجئين ولكن على المدى الطويل سيكون الخوف سيّد الموقف».

وتلفت كاغ إلى أنها وفي اجتماعاتها مع القادة الأوروبيين تذكّرهم دائماً بما يقاسيه لبنان وأنّ الأمور ليست بخير. وتقول: «حتى لو كانت أوروبا نفسها تعاني من أزمة اللاجئين، نحن نسعى لمنع هذه الدول من أن تدير ظهرها للبنان ولدول جوار سوريا، إذ إنّ عدد اللاجئين في أوروبا بالمقارنة مع لبنان، لا شيء».

مليار دولار ونصف المليار في 2016

بدوره، يذكّر لازاريني بأنّ الأمم المتحدة في لبنان أطلقت استراتيجية لتجنّب الصراعات استجابة للخطر المحدق بلبنان. ويقول: «لقد سبق وتحدّث الرئيس تمام سلام في نيويورك عن الخطر الكبير بسبب الأزمة السورية، والتحدّيات التي خلقتها على الصعيد الديموغرافي والأمني والاجتماعي والاقتصادي والبنى التحتية».

ولذلك بلورت الأمم المتحدة «إطار عمل جديداً للتعاون مع الحكومة اللبنانية من خلال مقاربات اقتصادية واجتماعية لمساعدته على التخفيف من عبء الوجود السوري، مع العلم بأنّ الحلّ المثالي عبر حلّ سياسي لسوريا يعود بموجبه السوريون الى بلدهم بشكل يحفظ سلامتهم وكرامتهم».

ويُعيد التأكيد أنّ بقاء السوريين في لبنان «أمرٌ موقت، ولا يمكن فرض قرار توطينهم في لبنان وندعو الى توطينهم في بلد ثالث، والأمم المتحدة فقط تستطيع التعبئة لضمان المزيد من المساعدات».

ويُبدي لازاريني ارتياحه لما خرج عن قمة نيويورك لجهة التزام دول اللجوء باستقبال المزيد من اللاجئين، وتعبئة الموارد بشكل افضل.

ويذكّر بأنّه من مؤتمر لندن الى قمة العمل الإنساني في اسطنبول الى مؤتمر جنيف والأمم المتحدة تطالب دول العالم الثالث بتوطين المزيد، رافضاً وصف عدم التوصل الى ميثاق عالمي للاجئين في قمة نيويورك بالفشل.

ويقول لـ«الجمهورية»: «التوطين في بلد ثالث لم يكن يتجاوز 190 الفاً، بينما كانت الأمم المتحدة تدعو الى توطين 400 الف. اليوم تمّ الاتفاق على توطين 390 الفاً وهذا يقترب جداً من سقف توقعاتنا».

ووفق الأرقام التي عرضها لازاريني، فإنّ 70 في المئة من اللاجئين السوريين الذين يعتمدون على المساعدات الأممية هم تحت خط الفقر، وما بين 60 الى 70 في المئة من الفلسطينيين هم في وضع مماثل، في حين أنّ نسبة اللبنانيين تشكّل 30 في المئة.

ويقول: «ما نحاج اليه مضاعفة الجهود، وكنا قلقين العام الماضي من تعب المانحين، حيث خفّضت منظمة «الفاو» المساعدة لكلّ لاجئ من 27 دولاراً الى 9 دولارات. اليوم هناك ارتفاع ملحوظ في نسبة دعم الأسرة الدولية، فمنذ بداية العام استطعنا أن نجمع مليار دولار ونصف من أجل المجتمعات المضيفة وللاجئين السوريين والفلسطنيين».

لكنّ ذلك يبقى غير كاف، إذ يوضح لازاريني أنّه في مجال التعليم نحتاج الى التزامات على مدار العام لتأمين ضمان توفير التعليم للاجئين السوريين واللبنانيين. ويشدّد على أنّ الاقتصاد اللبناني تعرّض إلى ضربة كبيرة، ولكنّ خلق الوظائف من شأنه ان يُعيد الثقة ويشجّع المستثمرين. ويختم حديثه بأنّ الأمم المتحدة حريصة على دعم لبنان قولاً وفعلاً ولديها نشاطات لدعم تسويق التفاح في لبنان.

ويبقى الأمل في أن تنجح الديبلوماسية التي يُسجّل لها تحقيق إنجاز نوعي في ملف التحقيق بالأسلحة الكيماوية في سوريا، بتذليل عقبات الرئاسة اللبنانية ولا سيما مع المسؤولين الإيرانيين، الذين يقدّرون لكاغ موضوعيّتها وعدم انحيازها لأيّ طرف