Site icon IMLebanon

معركة متأخرة وطويلة: قدر المسرح اللبناني

 

 

ما هي الترجمة العملية للبيان الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بطلب من السعودية والبحرين؟ ليس في النص ما يوحي ان الوزراء وضعوا خطة متكاملة لمواجهة التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، إلاّ اذا كانت هناك قرارات غير معلنة. ولم يكن بين التوقعات أن تعلن الدول العربية الحرب على ايران في المرحلة الحالية حسب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، لا حاليا ولا في مرحلة لاحقة. فالبيان يسجل اجماعا عربيا، بصرف النظر عن تحفظات لبنانية وعراقية، على موقف قوي يدين ويستنكر كل أشكال التدخلات والانتهاكات الايرانية. وما كان يوضع في اطار الصراع السعودي – الايراني أخذ العمق العربي الواسع.

لكن من الصعب تجاهل اللاتناسب بين تصوير الأخطار الايرانية وبين مواجهة تلك الأخطار. فما أدانه واستنكره الوزراء هو مروحة واسعة من سياسات ايران وممارساتها، حيث تهديد الأمن العربي، اطلاق صاروخ باليستي ايراني الصنع على الرياض، مساندة الارهاب وتدريب ارهابيين في البحرين، تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، ودعم الأحزاب والميليشيات المسلحة في الدول العربية. وما قرره الوزراء هو حظر القنوات الفضائية الممولة من ايران، ومخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح ما قامت به ايران من انتهاكات للقرار ٢٢١٦.

 

وليس صدفة ان يصدر عن البيت الابيض بيان يفيد ان الرئيسين دونالد ترامب وايمانويل ماكرون اتفقا على ان تعمل اميركا وفرنسا مع الحلفاء لمواجهة النشاطات المزعزعة للاستقرار التي يقوم بها حزب الله وايران في المنطقة. فالمسرح يتم تحضيره لمعركة مع ايران الرابحة في العراق وسوريا ولبنان. وهي معركة متأخرة وطويلة المدى يستحيل فيها تسجيل انتصارات كاملة وهزائم كاملة.

والواضح حتى اشعار آخر، ان المعركة سياسية واقتصادية، لا عسكرية. والظاهر ان هناك من يستسهل جعل لبنان المسرح المفضل للمعركة بما يتجاوز تصفية الحسابات الى تمسك اطراف بأمور مؤذية ودعوة اطراف اخرى الى امور لم تعد ممكنة، واختصار صراعات المنطقة هنا.

لكن ما ظهر على المستوى الدولي في الايام الماضية من حرص على استمرار الاستقرار في لبنان، اعاد التذكير بأن المظلة الدولية لا تزال مرفوعة فوق الوطن الصغير. وما ظهر على المستوى المحلي من وضع الخلافات السياسية تحت سقف المصلحة الوطنية ونظام المصالح الفئوية اعطى الانطباع باننا لسنا عاجزين عن السعي لحفظ رأس لبنان وقت تغيير الدول. والسؤال الحائر هو: كيف ستكون الحسابات على المستوى الاقليمي؟