تشكلت الحكومة اللبنانية الحالية بتلاقي ثلاث إرادات: الإرادة التسهيلية للسيد رئيس الجمهورية، وإرادة السيد رئيس الحكومة المنفتحة الطيّبة، وإرادة السيد مرشد الجمهورية الصادقة المحبة.
ويستطيع السيد رئيس الجمهورية، بثقله المعنوي قبل الدستوري تجميد العمل الحكومي في أي وقت، كما يستطيع السيد رئيس الحكومة بحكمته وطول صبره أن يمنع انفراط الحكومة الهشة وبدوره يستطيع السيد مرشد الجمهورية أن يعطّل الحكومة ساعة يشاء متى كان في حال غضب وأن يعيد إحياءها وهي رميم متى راق مزاجه.
أريد لحكومة “معاً للإنقاذ” أن تقدم للبنانيين خطة تعافٍ إقتصادي وهي عليلة وعاجزة ومكبّلة ووليدة سياسة ابتزاز فريق لفريق. أريد لها أن تدعم التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت فيما هي تضم ممثلين مباشرين لمجموعة مسلّحة لم تعترف يوماً لا بقضاء محلي ولا بقضاء دولي ولم تسلّم يوماً مشتبهاً ولم تعترف يوماً بمحاكمة محلية أو محكمة دولية ولا بتحقيق، ولا بمحقق لا يلتزم معاييرها. أريد للحكومة أن تقر سياسة إجتماعية فإذ بها تغرق في مستنقع الأزمات. أريد لها أن تفاوض الصندوق الدولي فتم تلغيم الوفد بمستشارَين.
مارس أهل الحكم ويمارسون سياسة الإبتزاز والتعطيل مداورة. مرة تُبتز الأكثرية النيابية للحؤول دون وصول مرشحها إلى سدة الرئاسة، ويُبتز رؤساء الحكومات فيعجزون عن التشكيل إلا وفق معايير يحددها هذا الفريق أو ذاك. وليس سرّاً أن نسبة 40% من عهد الرئيس عون اتسمت بالفراغ والنسبة إلى ارتفاع مع تعطيل مجلس الوزراء إلى أن يتم “قبع” طارق البيطار بالحسنى أو بالقوة، قوة التعطيل. حتى أن رئيس المجلس النيابي ينشط في تلك السياسة، ولا يهتم كثيراً إن تعطلت ولادة أي حكومة شهراً أو خمسة أو عشرة أشهر من أجل تكريس أعراف جديدة ولا يهتم إن توقفت جلسات مجلس الوزراء شهراً أو خمسة أو عشرة أشهر من أجل مطلب باطل يراد به حق، وكمثل بند شهود الزور، الذي أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى. فيما سواه يعطّل بلداً كرمى لعيني صهر راسب في الإنتخابات.
يحتاج البلد، أكثر من أي وقت مضى، إلى حكومة تصل الليل بالنهار، ووزراء يبذلون أقصى طاقاتهم لإنجاز استحقاقات داهمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الخراب العام والفوضى الشاملة، فيما ينصب اهتمام القوة التعطيلية في مجلس الوزراء على مسألة واحدة: إقصاء طارق البيطار، باللين أو بالقوة، ومنعه بأي طريقة، ليس فقط من استجواب الوزراء ـ القديسين، لا بل الحؤول دون صدور قرار ظني في تفجير العصر.
ماذا يرجى من حكم وحكومة هما وليدا ابتزاز متبادل؟ لا شيء سوى انتظار الريح تكنّس هذا النظام.