Site icon IMLebanon

لبنان ١٩٨٢… ٢٠٢٢ (٤٠ عاماً من أجل اللاشيء)

 

نجح الموفد الاميركي فيليب حبيب في ٢٤ تموز ٨١ بوقف اطلاق النار في جنوب لبنان بين منظمة التحرير واسرائيل، وشهد الجنوب هدوءاً ملحوظاً نتيجة التزام الفلسطينيين بالاتفاق. خلال شهري نيسان وأيار ١٩٨٢ كانت اسرائيل تروج لاجتياح لبنان شمال الليطاني او شمال الاولي، وكان الفلسطينيون يتظاهرون في المخيمات ضد وقف اطلاق النار ويطالبون بالعودة الى العمليات العسكرية من جنوب لبنان، في ٣ حزيران كانت محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في بريطانيا وفي ٤ حزيران بدأ الاجتياح وصولا الى العاصمة بيروت حيث استكمل فيليب حبيب مهمته باتفاق خروج منظمة التحرير من لبنان بقيادة ابو عمار من مرفأ بيروت ٣٠ آب ١٩٨٢.

 

خروج منظمة التحرير من لبنان انهى حقبة من الصراع في المنطقة بدأت مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في ١٥ ايار ٤٨ واعلان دولة اسرائيل وتأسيس جيش الدفاع الاسرائيلي في ٢٦ ايار، وهزيمة جيش الانقاذ وتهجير ٧٥٠ الف فلسطيني، وتوالت حروب الجيوش من العدوان الثلاثي عام ٥٦ وصولا الى حرب الايام الستة ٦٧  واحتلال اسرائيل للقدس والضفة والجولان وسيناء، وصولا الى حرب ٧٣ وصدور القرار ٣٣٨ والذي تضمن تنفيذ القرار ٢٤٢ والشروع فورا بمفاوضات السلام، والذي ادى الى اتفاقات فك الارتباط وانتهاء حروب الجيوش، مما جعل من فكرة المقاومة الشعبية المسلحة من لبنان الاطار الوحيد للنزاع وصولا الى اجتياح ٨٢ وانتهاء فكرة المقاومة الفلسطينية المسلحة بعد ٤٤ عام على نكبة  فلسطين .

 

نشطت الدبلوماسية الاميركية بتفعيل المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية، وبتغطية لبنانية موصوفة نتيجة ما حققه الاجتياح الاسرائيلي من انعطافات صادمة سياسية واعلامية ونخبوية كانت تعبّر عن سخطها على ممارسات المقاومة الفلسطينية في لبنان، في ١٧ ايار ١٩٨٣ اعلن عن الاتفاق النهائي وبادر المجلس النيابي في ١٤ حزيران ٨٣ الى اجازة توقيع الاتفاق مع اسرائيل  بالتزامن مع تحركات اعتراضية لاسقاط اتفاق ١٧ ايار وانطلاق المقاومة الوطنية المسلحة، جاءت انتفاضة ٦ شباط ٨٤ بالتزامن مع مغادرة البوارج الاميركية وتعليق الدبلوماسية الاميركية في لبنان.

 

بعد ٤٠ عاما من مرارات الاجتياح وجور الاحتلال الاسرائيلي وعنف المواجهات تحقق الانسحاب الإسرائيلي  في ٢٥ ايار ٢٠٠٠ بعد ١٨ عاما كانت قد شهدت الكثير من الاغتيالات والانقسامات والحوارات والقمم والمؤتمرات والتسويات والانماء والإعمار وعودة الابناء والاشقاء والاصدقاء وتحقيق الازدهار الذي عاد الى التداعي والانهيار من جديد على وقع التمديدات والقرارات الدولية والاغتيالات والانسحابات والثأريات والحروب والاعتصامات والتوغلات والانتقامات وتغيير التحالفات والطموحات الرئاسية والفئوية والعبث بقواعد الانتظام واثارة النعرات والانخراط بالنزاعات والمتاهات الخارجية، والتي جعلت من صمت ١٤ شباط ٢٠٢٢ شديد البلاغة في التعبير عن المرارة والاسى والخيبة بمستقبل لبنان، ذلك الصمت الذي يفسره الان ضجيج الملاحقات والانهيارات المالية والامنية والقضائية والوزارية والرئاسية، وتحويل ركائز الدولة الى حطام وركام بالتزامن مع العودة الغامضة الى القليل القليل من اتفاق ١٧ ايار ٨٣ مع ترسيم الحدود البحرية والاختراقات الجوية من اجل ١٧ ايار الانتخابية ٢٠٢٢، التي ستؤدي اذا حدثت الى وقوف لبنان الرسمي والأهلي في ٤ اب ٢٠٢٢ على أنقاض مرفأ بيروت للبكاء على ضياع ٤٠ عاما من الانجازات والشهداء والتضحيات والصداقات والوعود والاحلام.

 

حضور النائب السابقة الإعلامية نايلة جبران التويني المؤثر في صمت ١٤ شباط كشف الكثير الكثير من الغياب والغوغاء، وذكرني بكتاب الراحل الكبير الاستاذ غسان التويني (قرن من اجل اللاشيء) لأقول بمرارة الى كل من يهمه الامر (٤٠ عاما من اجل اللاشيء).