Site icon IMLebanon

لبنان: فشل جمهورية

“نعيش في نظام برلماني حيث التركيز يجب أن يكون على كيفية بناء الثقة بين الأفرقاء بدل جمهرة الناس”.

لا شيء يحجب الرؤية الحالية عن لبنان. هو، بوضوح، جمهورية فاشلة، لكن رغم وضوح الرؤية هذا، الفشل ليس نتيجة حدث مفاجئ من هنا أو هناك، بل لتراكمات كثيرة.

لكن هناك ما هو أبعد من ذلك؛ لا يمكن حصر الرئاسة بمرشحين سيجعلهم تاريخهم يقفون عند طرف واحد، فعلى الرئيس أن يجمع ويوحد الأمة بدلاً من تقسيمها. الإدعاء بأن المطلوب هو “رئيس قوي” في غير محله، خصوصاً في نظام برلماني حيث التركيز يجب أن يكون على كيفية بناء الثقة بين الأفرقاء بدل جمهرة الناس.

أزمة تلو الأخرى، وكارثة تجر كارثة! بدءًا بالإقتصاد، حيث كل الإستثمارات معلقة نتيجةً لإختلال نمط عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، اضافةً إلى العبء الكبير المتمثل بمسألة اللجوء السوري ومقاربته العرجاء من المعنيين. كثر الحديث عن إمكان حل الحكومة. هذا أيضاً نتيجة الفراغ الرئاسي ونتيجة تجزئة صلاحيات الرئيس على 24 وزيراً، إن ترميم الديموقراطية من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية هو السبيل الوحيد لإنهاء الشلل الحالي، تليه فوراً إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد…

إذا اردنا أن نحلل تبعات الجمود الرئاسي، بعيداً عن خصوصيات بعض أنصار الكرسي، لوجدنا قضايا أساسية تجب معالجتها، لكنها للأسف، أصبحت شبيهة بمصطلح “الفيل داخل الغرفة” الذي يراه الجميع لكن لا أحد يريد فتح سيرته! هذا “الفيل” موجود منذ سنين عدة وتفسيره في واقعنا اللبناني هو التالي: عدم الثقة بين المكوّنين الشيعي والسني، فالمشكلة عند السنة هي سلاح “حزب الله” وإمكاناته، والمشكلة عند الشيعة هي المخاطر التكفيرية. وما كان من تمدد التطرف في المنطقة جراء الحرب في سوريا وتورط الجهتين فيها إلا العامل الذي جعل الراحة بينهما مفقودة.

لنكن واقعيين، “حزب الله” لن يتراجع عن إلتزامه الدفاع عن النظام في سوريا لأسباب عدة منها إستراتيجية ووجودية. في المقابل، لا يزال المجتمع السني يعيش هاجس أحداث 7 أيار، ما يجعله غير قادر على المصالحة مع سلاح “حزب الله” المقاوم ويعتبره تهديداً للداخل اللبناني. في رأيي، الطريقة الوحيدة لإنتخاب رئيس للجمهورية هي أن يوقف الطرفان (أي السنة والشيعة) مسعاهما لإنتخاب بطل يدافع عن قضيتهما، بل السعي إلى إنتخاب شخص يعمل على مقاربة هواجسهما معاً ويعمل على التوفيق بينهما، فيشعر “حزب الله” بأنه محاط ومدعوم في هذه المرحلة الصعبة في قضيته النبيلة وهي مقاومة العدو الإسرائيلي، ويشعرالطرف السني بأن “حزب الله” لن يستعمل قواه العسكرية ضده. إن النية لإيجاد حل عملي لهذا الإختلاف يجب أن تكون جزءاً من خطة إنعاش الرئيس العتيد.

إن أي مرشح رئاسي يمثل نقطة تحول لجهة على حساب جهة أخرى، غير مرغوب فيه وفي ترشيحه، لا بل هو جزء من المشكلة لا من الحل.

الرئيس المسيحي المطلوب هو الذي يفهم تلك المعوقات السلبية ويعمل من موقعه كقوة وساطة بين الجهتين وكجسر أمان بينهما، من خلال الإعتراف بهواجس الطرفين. أسمي هذا: “رئيس عادل”.

لنأمل اننا نستطيع أن نتواصل ونتكلم مع “الفيل” الموجود في الغرفة اللبنانية ونستبدله برئيس عادل لكل اللبنانيين، لأن لبنان بلا رئيس جمهورية فاشلة.

رئيسة حزب “الديموقراطيون الأحرار