IMLebanon

لبنان يعيش عصر المافيات

الفساد المعشش والمستوطن في حياة المواطنين منذ الولادة حتى القبر، جعل لبنان يحمل الرقم 137 في لائحة الدول الاكثر فساداً في العالم من اصل 167 دولة، كما جعل منه دولة تتحكّم بها المافيات على اختلاف انواعها، وأمّن لها الحصانة والحماية والعمل بحرّية مطلقة، تذكّرنا بالمافيات الايطالية في العشرينات والثلاثينات وحتى في الستينات، قبل أن يضع لها القضاء حدّاً، باذلاً في سبيل تحقيق هذا الهدف، الكثير من التضحيات والضحايا.

المؤلم في لبنان ان الاكثرية الساحقة من الشعب، تعيش تحت رحمة هذه المافيات، التي تمتصّها وتقهرها، ولا يبدر منها سوى «النقّ»، وكأنها أصبحت تشبه الضحيّة التي تحبّ سجّانها ومعذّبها، واذا حاول أحد من المسؤولين او السياسيين، ان يفتح معركة مع الفساد والمافيات، يتصدّى لهم الحماة من داخل الدولة وخارجها، بجميع الاسلحة المتاحة، وأهمّها سلاح المصالح الخاصة، المستند الى سلاح الطائفية والمذهبية والعائلية والعشائرية، ليحولوا دون خسارة الدجاج الذي يبيض لهم ذهباً.

ما من مرفق عام او خاص في لبنان، الاّ وتديره مافيا، ويحميه قادر، وفي ما  يلي لائحة بعدد المافيات التي تتحكّم بعيش اللبنانيين، واعتذر من القراء اذا سقطت من ذاكرتي مافيا ما لم أذكرها.

للنفايات مافيا، وللكهرباء والموتورات، وللماء والصهاريج، وللمدارس والجامعات، وللخطف، والمخدرات، والادوية، والغذاء، والمرامل والكسّارات، وللدعارة، وللخوّات، والاتصالات، والمطار، والمرفأ، والاستيلاء على أملاك الغير، والتهريب، وادارات الدولة، والالتزامات، والتجارة، وغيرها وغيرها، وكل ما يرى وما لا يرى.

* * * *

بطبيعة الحال، لا أحمّل عهد الرئيس ميشال عون، مسؤولية وجود هذه المافيات، فبعضها كان نتيجة الحرب، ومعظمها موروث من الوصاية السورية، واستمرّ بعدها وترعرع وأخذ حريته، منذ العام 2005 وأنجب مافيات متطورة، سلاحها الأساس لاخفاء جرائمها، شعار «يا غيرة الدين».

هذه المافيات اشبه «بالعلق»، واذا لم يبادر العهد سريعاً، وبالتوازي مع معالجة موضوعي قانون الانتخاب والموازنة، الى تخليص الجسم اللبناني من هذا العلق، فان المافيات عندئذ، ستتغلّب على الدولة والحكم، وتصبح هي الآمرة الناهية في مقدّرات الوطن.

ليكن القضاء على مافيا النفايات والكهرباء، بداية نهاية عصر المافيات في لبنان.