Site icon IMLebanon

أبحث عن زعيم سُنّي!

 

بداية أودُّ الإشارة إلى أنّ دستورنا طائفي، وقوانينا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا مُشبّعة وغارقة ومُغرقة في الطائفيّة، والبلد «مُركّب» ويعمل على هذا الأساس، من ذروته إلى أخمص قاعدته، حتى إشعار لاحق.

ومن هذا المنطلق فإنّ الزعيم المذهبي لا يُلام على اهتمامه بطائفته ورعاية مصالحها، واعتباره هذا الأمر أوّل الأولويات لديه، وبالتالي لا يصحُّ القول بأنّ ما يفعله غير قانوني أو لا شرعي أو مُعيب أخلاقياً.

زعماء وقادة الطوائف المسيحيّة يحملون راية «أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار وهو خطّ أحمر»، ويتسلّحون بشعارات «استعادة حقوق المسيحيين» و»الميثاقية» وغيرها من الشعارات، ويستفيدون من تأويلاتها وتحميلها شتى التفاسير ويطبّقونها بمختلف الأوجه والأشكال، في لبنان وفي شتّى أصقاع الأرض، وعلى الشؤون كافة، للوصول إلى خدمة مصالح طائفتهم.

زعماء وقادة الطائفة الدرزية يستعملون بمهارة وحرفيّة «بيضة القبّان» وفنون «التكويع» والمناورات والتهويل ورفع الصوت للوصول إلى غايتهم ومُرادهم في خدمة مصالح طائفتهم.

زعماء وقادة الطائفة الشيعية خرجوا من نير الحرمان الذي ظلّلهم لعقود مُتباهين بالسلاح زينة للرجال، وككل مارد خرج من قمقمه وتمدّد، من السُخف مُجرّد التفكير بأن يعود برضاه طائعاً إلى قمقمه ومحبسه، أو أنْ ينكمش باختياره. لذا فإنّ مُحرّري لبنان 2000 ولبنان 2006 ولبنان 2017، كافأوا أنفسهم بأنْ قبضوا على زمام البلد بكل هدوء ومن وراء الكواليس، ورسّخوا في النصوص وفي بعض النفوس، أنّ قوّة لبنان في معادلته الذهبية «جيش وشعب ومقاومة»، وهم لا يُقصّرون في ابتداع الأساليب والطرق لخدمة مصالح طائفتهم.

تبقى الطائفة السُنيّة يتيمة في العراء يتناتش الآخرون حصصها ومواقعها، من دون أي زعيم سُنّي، ولا أي حاضن خارجي .. وهي ابتُليت (البلاء هنا بمعنى المحنة التي تنزل بالجماعة لتُختبر بها) بزعماء وطنيين يفرضون عليها مقولة «نحن إم الصبي» و»الوحدة الوطنيّة أولاً» و»الإعتدال» و»التضحيّة من أجل الإستقرار» و»ربط النزاع» و»الدولة هي ملاذنا».. وخلافه..

حسناً.. لنأخذ مثالاً على سبيل المثال لا الحصر هو التوظيف. إذا كانت الدولة لا تُساعدني ولا تُنفّذ قرارات التعيين، بل وتُناقض قوانينها حين تُجمّد قرارات التوظيف بحجّة عدم وجود مُناصفة بين الطوائف (علماً بأنّ هذا ينطبق على الفئة الأولى فقط)، في حين تقضم بقيّة الطوائف حصّة السُنّة بمثابرة وبشكل منهجي، فماذا نفعل؟ لقد أوقفنا العدّ والتعداد استجابة لاتفاق الطائف، ولكن ليس ذنبنا إطلاقاً أنّ أعداد المسيحيين تتناقص باستمرار!

إذا كان أحدكم قادراً على أنْ يضمن لي بشكل قاطع أنّ الطائفيّة السياسيّة ستختفي من لبنان وستعمّ العدالة والمساواة بعد عقد من الزمن، أو بعد نصف قرن، أو حتى بعد قرن .. فسأستمر في بلع الموس والعضّ على الجرح. أما في حال عدم وجود هذه الضمانة الأكيدة فأنا لا أخجل من أنْ أجاهر علناً وبالفم الملآن بأنّ العيش المُشترك والوحدة الوطنية والميثاقية، بل والاستقرار، لا تعنيني بشيء ما دمتُ مُستهدفاً بالحرمان والإقصاء والظلم، وأشعر بالجوع والمرض والبرد، وأفقد حقي وحق أولادي وأحفادي في المساواة وفرص الحياة والعيش الكريم.

أبحث، وغيري كثر، عن قادة ومرجعيّات وزعماء سُنّة، أو حتى زعيم سُنّي واحد، مُستنفرٌ، مُستشرسٌ، مُكرّسٌ، روحاً وقلباً وقالباً، وفعلاً وعملاً، لخدمة طائفته .. ولنا في العديد من زعماء بقيّة الطوائف خير مُلهم ومعلّم وأسوة وقدوة ومثال يُحتذى!!