Site icon IMLebanon

«14 آذار».. نحو «ترتيب الذاكرة» والنقد الذاتي

 

هل تستعيد قوى الرابع عشر من آذار المبادرة من جديد؟ سؤال يطرح بحدة بعد مرور عشر سنوات على انتفاضة اللبنانيين في الحرية والاستقلال والعدالة التي انطلقت إثر جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، والتي أدت إلى إسقاط حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي وخروج الجيش السوري من لبنان، وانتهاء عهد الوصاية والنظام الأمني اللبناني السوري.

السؤال مشروع اليوم بعد أن تراجعت قوى 14 آذار، تحت عنوان حماية السلم الأهلي في لبنان ولم تسقط في منازلة مع «حزب الله» الذي كان يدفع البيت الداخلي نحو أزمات متلاحقة أدت إلى التقوقع في الشرانق الطائفية والمذهبية، بدل حالة الانفتاح والتلاقي التي حصلت بين معظم اللبنانيين في ذلك اليوم الذي ردد فيه أكثر من مليون ونصف مليون لبناني قسم جبران تويني بصدق وبرغبة عارمة في تحقيق السيادة والعيش في ظل دولة قوية لا في ظل حكم الميليشيات المذهبية وإعادة العمل وفق مبدأ التحاصص لا مبدأ الدولة العادلة الحامية لحقوق كل المواطنين.

لا يمكن القول إن مسيرة 14 آذار النضالية كانت في حالة تصاعدية، بل على العكس من ذلك، فهي شهدت تراجعاً لأسباب موضوعية وذاتية، منها عمليات الاغتيال المتلاحقة، والانقلاب على الشرعية، بالإضافة الى دروس «التأديب» التي قام البعض بها من أجل تعزيز هيمنته عبر استخدام السلاح، إلى جر اللبنانيين إلى الحرب السورية، مما هدد أهل البيت من قبل الجماعات الإرهابية.

في 14 آذار من العام 2005 كان اللبنانيون غاضبين فقلوبهم لم تعد تتسع لمزيد من الحزن وأخذهم إلى حروب جديدة، فهم خبروا في سنوات قليلة معنى البناء والازدهار والاستقرار الأمني والاقتصادي وراهنوا عليه في تغيير حياتهم، وهو ما لم يعجب البعض الذي لجأ إلى فرض إرادة الغير ومشاريعهم بالقوة من أجل إلغاء مظاهر الديموقراطية في حياة اللبنانيين ونظامهم السياسي.

اليوم تحاول 14 آذار عبر ورشة العمل التي عقدت في «البيال» إضافة إلى الاجتماعات المفتوحة ومتابعة التطورات عبر «لجنة المتابعة» أن تقرأ تجربة العشر سنوات من أجل المضي في الطريق الذي رسمته من أجل سيادة وحرية واستقلال لبنان وقيام دولته المدنية، فهي مسؤولة معنوياً أمام جمهورها عن إنقاذ لبنان، وهو ما عبر عنه منسق الأمانة العامة فارس سعيد في تأكيده لـ»المستقبل» أن «على 14 آذار تحديد عناوينها بوضوح في المرحلة المقبلة، وهي إن استطاعت الذهاب في هذا الاتجاه يمكن أن تنقذ نفسها وتساهم في إنقاذ البلد وإذا لم تستطع ذلك، فعليها أن تعلن أمام اللبنانيين أن هذه التجربة لا يمكن لها الاستمرار في الوضع الحالي الموجودة فيه، وبذلك يعود اللبنانيون إلى مربعاتهم الطائفية وتعيش كل طائفة همومها بمعزل عن الأخرى»، ويلفت إلى أن «أفضل ما في 14 آذار أنها مؤتمنة على التجربة اللبنانية المرتكزة على العيش المشترك فهذا هو سر البلد وسر 14 آذار».

عدد لا يستهان به من الناشطين السياسيين المستقلين في 14 آذار أصيب بخيبة أمل، من تراجع عملية البناء التي راهنوا عليها من أجل مستقبل افضل، ولعل الخلافات الداخلية وتباين المواقف بين الأحزاب المنضوية في صفوفها، ثم اهمال تمثيل المجتمع المدني والاكتفاء بالتواصل الاعلامي تسبب في طرح الأسئلة حول الجدوى من بقاء 14 آذار ولا سيما أن وعوداً كثيرة أطلقت في مناسبات احياء الذكرى الا انها بقيت حبراً على ورق وتم وضع شعارات من دون رسم خطط التنفيذ وان أخذت بعض الأمور طريقها عمل البعض على وضع العصي في الدواليب.

خلال ورشة عمل البيال، تم نقاش وثيقة تحضيرية بعنوان «ترتيب الذاكرة»، حيث استعرضت الورقة أسباب الفشل والخطر الذي تمثل بسلوكيات «حزب الله» على الدولة وتراجع دور المؤسسات. وبحسب مشاركين في اللقاء فإن النقاش تركز على نقد أداء بعض الأحزاب داخل 14 آذار، وعلى أهمية الاعتراف بالخطأ، وضرورة انشاء المجلس الوطني كونه يشكل رقابة سياسية على أداء هذا الفريق أي بمعنى آخر «كونغرس 14 آذار». 

ويضيف ان صوت النقد كان عالياً بمعنى ان عمليات «فرم» حصلت ومصارحة عالية الصوت وهو أمر قل ما يحصل مثله، فالخلوة الأولى كانت ضرورية لقول كل الملاحظات علناً، وسوف تكون هناك لقاءات اخرى، والأمر المهم والمميز والذي يدل على الجدية هو حضور الرئيس فؤاد السنيورة الذي استمع على مدى 4 ساعات الى آراء الجميع وشارك في النقاش الذي اسفر عن اتفاق على ضرورة قيام المجلس الوطني واستمرار النقاشات من أجل التوصل الى برنامج عمل واضح في كل العناوين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي الوضع العربي. هل تنجح قوى 14 آذار اليوم في انشاء المجلس الوطني الذي طرح كفكرة في العام 2011 لم تجد طريقها للتنفيذ؟ وهل يكون الانفتاح على قوى المجتمع المدني من جديد بوصلة من اجل التواصل مع المواطنين اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً من حالة المراوحة في المكان والذين يطمحون فعلاً الى دولة… ودولة «مدنية» تحدد الخيط الابيض من الأسود والحد بين الدين والدولة، بحيث تكون الأمور واضحة تماماً، فلا زغل في الصورة وانما اظهار لحالة الفصل هذه في القوانين؟