Site icon IMLebanon

كلام المشنوق يعكس رغبة الاطراف المستورة

رغم تراجع وتيرة السجالات الحادة على وقع انطلاق موجة جديدة من الاتصالات والمشاورات، لترميم بعض العلاقات الشخصية المتصدعة بين قوى تقف بمعظمها خلف تأخير التشكيل، كباب لحلحلة العقد السياسية، بقيت الاجواء السلبية مسيطرة، وان لم يجرؤ حتى الساعة اي كان على البوح بها جهارا، ذلك ان الحراك الحاصل لم يتجاوز القشور الخارجية، وظل محدودا على مستوى التسريع في ابصار الحكومة العتيدة النور، في انتظار نتائج التسوية الجاري العمل عليها خلف الكواليس لكسر الحلقة المفرغة.

وحتى تبيان خيط نتائج حصيلة المساعي الحكومية الابيض من الاسود، تفاعلت المواقف التي أطلقها وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر «الاطار القانوني للانتخابات البرلمانية»، في شأن استحالة انجاز قانون انتخابي جديد خلال شهر أو شهرين، في الاوساط المسيحية خصوصا، حيث اعتبر البعض انه حمّال اوجه، ليأتي توضيح الداخلية ليضيف مزيدا من اللغط الذي كشفته زلة لسان الوزير الذي اخرج الى العلن ما كان الى الامس احد قطب تعثر التشكيل المخفية، على اساس ربط الولادة المنتظرة باتفاق مسبق على صيغة القانون الانتخابي الجديد، من خلال احياء الحديث عن السلة المتكاملة، والذي قد يكون كذلك جاء معبرا عما يختلج في صدور الكثير من السياسيين الساعين الى اجراء الانتخابات النيابية وفقا لقانون الستين، الذي يرى الكثيرون انه في ظل الاتفاق القواتي ـ العوني «الحاكم» حاليا، لن تكون هناك مشكلة مسيحية جدية على صعيد التمثيل وان كان ذلك سيأتي على حساب المسيحيين المستقلين وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.

تبرير اقنع القوات اللبنانية، التي ذهبت الى حد اعتبار ما قيل من قبيل حث القوى السياسية على ضرورة إقرار قانون جديد تفاديا لاستمرار الستين كقانون أمر واقع، ذلك انه تحدث عن صعوبة في الاتفاق خلال شهرين على قانون انتخابي جديد، وهو أمر منطقي بعد أن راوحت الجهود التي بذلت على هذا الصعيد، مكانها، منذ الـ2009، بحسب مصادرها، مؤكدة تمسك معراب بمشروع القانون المختلط المقدم من  ثلاثي القوات ـ المستقبل –  التقدمي الاشتراكي، الذي صنع في لبنان كما الانتخابات الرئاسية، مشددة على ان توافر الارادة السياسية لدى الاطراف كافة كفيل بانجاز قانون جديد يحفظ حقوق الجميع دون تهميش اي فريق، وان جرى التلاعب بالمهل لفترة وجيزة، خصوصا أن معظم تلك القوى حريصة على إقرار قانون جديد، وتتقاطع تقريبا مع التوجه الانتخابي نفسه مع خماسي القوات – المستقبل – الاشتراكي – التيار الوطني الحر – حركة أمل، وبالتالي لا يوجد إطلاقا ما يحول دون إقرار قانون انتخابي واتمام الانتخابات.

من جهتها حملت اوساط سياسية مسيحية مجلس النواب مسؤولية كبيرة في التوصل الى التصور الجديد المرجو، وتأدية دوره في انجاز صيغة لقانون الانتخاب وتقريب وجهات النظر، داعية الى وضع حد لمحاولة الصاق تهمة عدم اقرار قانون انتخابي جديد بالفريق المسيحي لان جميع القوى المسيحية راغبة بشدة في الوصول الى قانون جديد يعكس تمثيلا صحيحا لمكوناتها خلافا لقانون الستين، مضيفة آن الاوان لبلوغ مرحلة التمثيل المسيحي الصحيح الذي ينتجه قانون عصري قد لا يصب في مصلحة سائر القوى التي تحاول رمي الكرة في الملعب المسيحي لتغطية عرقلتها، داعية من يوجهون التهم جزافاً بالمماطلة في انجاز القانون الى مراجعة سجلات جلسات لجان التواصل النيابية التي عملت بجهد لبلوغ الاتفاق على قانون جديد لتحديد مكمن الخلل والجهات غير الراغبة بالخروج من دوامة الستين.

وفيما بدأت ترسم في احد المقرات الرئاسية صيغة «خلاقة» لتأجيل الانتخابات تقنياً لثلاثة اشهر قابلة للتجديد، بعد تشكيل لجنة برلمانية ومن اختصاصيين دستوريين لوضع قانون انتخاب جديد، على جري العادة، اذ ناقشت اللجان النيابية، وبإيعاز من رئيس المجلس، سابقا مجموعة من قوانين الانتخاب المطروحة وغربلتها حتى حُصرت بصيغ ثلاث، الا ان جهدها توقف عند هذا الحد، كما ان اللجنة النيابية المصغرة التي كُلفت إبان طاولة الحوار الاخيرة درسَ قوانين الانتخاب للاتفاق على أحدها، دارت دورة كاملة حول نفسها وعلّقت نشاطاتها في النقطة التي انطلقت منها من دون إحراز أي تقدم.

لذلك تعتبر الاوساط المسيحية ان تلك الخطوة لن يكون من السهل تمريرها خصوصا ان رئيس المجلس يعتبر ان ضربة العهد «القاسمة» ستكون انتخابات على اساس الستين او التمديد، فيما «رد الاجر» لبيت الوسط يستدعي لا تأجيل وقانون الستين، تأتي لعبة عين التينة المزدوجة، اصرار على الانتخابات في موعدها والا «ثورة» شعبية بدأ الحديث عنها تارة مواربة وطورا صراحة.

في كل الاحوال توحي المعطيات الخارجية والداخلية بأن لا امكانية لاتفاق على صيغة جديدة للقانون في المدى المنظور، نظرا لما يعكسه من حالة سياسية معينة، تشكل مرآة للصورة الاقليمية نظرا الى ارتباطات القوى السياسية، ما يرجح ان يبقى التعثر الى ان يتضح المشهد في المنطقة خصوصا على صعيد صراع المحورين السعودي والايراني، فانتصار أحدهما على الآخر أو التقارب والتوافق بينهما قد يكون الوسيلة الوحيدة لمعرفة اتجاه القانون الجديد الذي على اساسه سيعاد تقاسم السلطة على «البارد» بعيدا عن الدم، سواء لجهة تعزيز الطائف بوجود رئيس مسيحي قوي يعيد التوازن الى السلطات، كما وعد العماد عون اكثر من جهة، او السير في «تعديل» دستوري يفرضه واقع التوازنات الجديدة في المجلس العتيد، وقد تكون المثالثة احد اوجهه، على ما يقول سفير دولة غربية في بيروت.