Site icon IMLebanon

المختبرات الطبية مهدّدة بالتوقّف

   

 

لا نهاية للأزمات في القطاع الاستشفائي. كلما تدحرجت الأزمة المالية والنقدية، كبرت المشاكل في المستشفيات، الخاصة منها والحكومية. وفي كل يوم ثمة ما يستجدّ، ليُنذر بأن الأسوأ لم يأتِ بعد.

 

أول «غيث» الأزمة الاقتصادية كان باتباع المستشفيات سياسة التقشّف المالي التي بدأت بخفض دوامات العاملين ورواتبهم تالياً. توسّعت تلك السياسة، لتدخل معها المستشفيات نفق «تقنين» في الخدمات، عبر دمج الأقسام الطبية قبل إقفال بعضها والتوقف عن تقديم الخدمات فيها. قبل فترة وجيزة، دخلت الأزمة في المحظور، مع توقف عددٍ من المستشفيات عن تقديم العلاجات الكيميائية لمرضى السرطان، وخفض جلسات غسل الكُلى، بسبب عجزها عن دفع مستحقات شركات الأدوية. ولحقت ذلك معضلة تأمين المستلزمات الطبية والأجهزة، بسبب تراكم ديون مستورديها في ذمة المستشفيات التي لم تتمكن من تسديدها. وبلغ الأمر حدّ تهديد مستوردي تلك المستلزمات لعددٍ من المستشفيات بالامتناع عن تسليمها الكثير من المواد الطبية ما لم تبادر إلى الدفع. وقد وصل هؤلاء أيضاً إلى المحظور، فلا هم قادرون على سدّ حاجات المستوردين من المال، بسبب عدم تقاضيهم أموالهم من الجهات الضامنة منذ ما يقرب العام، ولا المستوردون قادرون على تسجيل فواتير جديدة من دون تسديد ما سبق، لتغطية «نفقات» تعميم مصرف لبنان الذي يفرض عليهم تأمين 50% من قيمة المستوردات بالدولار الأميركي بسعر السوق.

دخلت الأزمة، اليوم، نفقاً أخطر. فالمستشفيات لم تعد قادرة على شراء ما تحتاج إليه من المستلزمات «لأننا مجبرون على الدفع بالدولار الأميركي وهو ما يستحيل الآن»، يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون. وهذا ما انعكس نقصاً فادحاً في المواد التي تُستخدم في غرف العمليات، بداية، من المشارط إلى خيوط الجراحة وغيرها. ومنذ الأسبوع الماضي، تعاني مختبرات المستشفيات نقصاً في بعض المواد المهمة، ومنها «الكواشف» (reactant) وهي الخليط الكيميائي الذي يُستخدم في الفحوص الطبية. وقد وصل النقص في تلك المادة الأساسية إلى حد «استعارة» مختبرات المستشفيات الكواشف اللازمة من بعضها البعض. وفي هذا الإطار، يشير هارون إلى أنه «عم نستقرض من بعض، يعني إذا مختبر مستشفى لا يملك المواد لفحص الكوليسترول يستعير من مختبر مستشفى آخر، إلى أن تحل الأزمة». لكن، على ما يبدو أن الدرب طويل. هذا ما يقوله هارون. وما يجعل هذا الأمر صعباً، هو عدم صرف الجهات الضامنة مستحقات المستشفيات إذ يعود بعضها إلى ثمانية عشر شهراً.

 

عدد كبير من المختبرات توقّف عن إجراء الفحوصات التي تتطلب موادّ باهظة الثمن

 

 

مع ذلك، هي ليست أزمة مختبرات مستشفيات، فالمختبرات الخاصة أيضاً تواجه أزمة مشابهة، وإن بدرجة أقلّ. ولئن كانت نقيبة أصحاب المختبرات، الدكتورة ميرنا جرمانوس، تلفت إلى أن الوضع لا يزال مقبولاً بالنسبة إلى بعض المعدّات «التي نستخدمها ومنها الكواشف، إلا أن الأزمة آتية لا محالة». وقد بدأت بوادرها من خلال توقّف بعض الفحوص المتخصّصة في عددٍ كبير من المختبرات، وهي الفحوص التي تتطلب موادّ معينة أسعارها باهظة الثمن «مثل فحوص الهورمون وفحوص الدي إن إي».

الأزمة آتية في القريب العاجل. تقول جرمانوس. وهي بدأت أصلاً عبر محاولة مستوردي المعدات الطبية فرض مبالغ إضافية بالدولار على أصحاب المستشفيات «لتغطية فارق سعر الصرف». وتشير جرمانوس إلى محاولة أصحاب المختبرات التفاهم مع المستوردين على «تقسيم الخسارة بيننا وبينهم، وعلى ألا نتحمّل وحدنا هذا الثقل».

 

من ملف : اللبنانيون أمام «القتل العمد»