Site icon IMLebanon

الحكومة.. وظاهرة تقديس الرئيس!  

 

ثمّة حديث أهم بكثير من الحديث عن موضوع الحكومة وتأليفها قبل تكليف رئيس مهمّته حسب الدّستور اللبناني أن يؤلّفها، بالأمس واجهنا ظاهرة خطيرة مسّت بمشاعر اللبنانيين مسيحيين ومسلمين ويفترض أنّ القانون اللبناني يعاقب عليها، ظاهرة «تأليه الرئيس» أو «تقديس الرئيس» كثير من المواطنين اللبنانيّين شعروا بالأمس أننا نعيش في كوريا الشماليّة وليس في لبنان!!

 

مثلما يحاسب القانون اللبناني أي مسّ بالذّات الرّئاسيّة فأيّ ذمّ «اذا وقع على رئيس الدولة تكون العقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين»، لكن في نفس الوقت هذا القانون اللبناني ينصّ أيضاً في موضوع «مسّ الشعور الديني تنص المادة 473 من قانون العقوبات على أنه: «من جدّف على اسم الله علانية عوقب بالحبس من شهر الى سنة». والمادة 474 على أنّه «من اقدم على تحقير الشعائر الدينية التي تمارس علانية أو حث على الازدراء بإحدى تلك الشعائر، عوقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات»، ما سمعناه بالأمس تجديف على اسم الله وتحقير للذات الإلهيّة ومسّ وتطاول على مشاعر المؤمنين نتساءل أين المرجعيّات الروحيّة منه؟

 

ثمّة عيّنتيْن نضعهما بين يديْ المعنيّين كانتا موضع تبادل ام على تطبيق «واتس أب»، الفيديو الأول لرجل يقول بملء فيه: «عنّا إنسان ببعبدا أنا شخصيّاً بالنّسبة لإلي قبل يسوع المسيح»، والفيديو الثّاني لإمرأة تخاطب الشعب اللبناني قائلة له: «إذا أنتو ما تعوّدتو تطّلعو عالسّما لفوق كلّ عمركن تطلّعو بالأرض، في بالسّما الله قاعد على عرشو عيمينو في شخص إسمو (مع حفظ الألقاب) ميشال عون، وعلى شمالو في جبران باسيل»، هذا الكلام يخضع  للمادة 473 التي تجرّم المسّ بالشّعور الدّيني، وقد مسّت مشاعر معظم الشعب اللبناني بالأمس باستثناء فئة تعتنق هكذا تفكير، والمطلوب أن يتحرّك القضاء اللبناني لمحاسبة أمثال هؤلاء المجدّفين!!

 

في موضوع الحكومة، حسم الحاج النائب محمد رعد موضوع تأليف الحكومة بتصريح على الملأ ونقطة على السّطر، الحكومة تؤلّف في حارة حريك ومؤلّفها الحقيقي هو حزب الله  وبنصّ محمّد رعد وكلامه صوتاً وصورة، بصرف النظر عن محاولات تصوير أنّ رئيس البلاد يسعى وبإصرار على خرق الدستور وممارسة بدعة التأليف قبل التكليف!! ينصّ الدستور اللبناني صراحة في بابه المتعلّق بمهام رئيس الجمهوريّة في المادة الرابعة أنّ رئيس الجمهوريّة «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم»، «توقيع المراسيم» أمر، والتدّخل في التشكيل والمطالبة بحصة من الوزراء أمر آخر، وهذا لم ينصّ عليه الدستور لا نصّاً ولا تلميحاً، ونصّ الدستور في الباب المتعلّق بمهام رئيس مجلس الوزراء في المادة الثانية أنّ رئيس مجلس الوزراء «يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها. وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها». ويفهم من سياق النصّ أن الاستشارات والتشكيل منوط بالرئيس المكلّف، ولكن!!

 

من المؤسف أنّ «التسوية الرئاسيّة» التي عقدها الرئيس سعد الحريري لتأتي بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وتأتي به هو رئيساً للحكومة طوال فترة ولاية عون، للأسف هذه «التسوية» قضت على هيبة ودور الرئاسة الثالثة وصلاحيّاتها لأنّها لم تجد من يحميها من الانبطاح أمام جبران باسيل ـ الذي شكّل هو شخصياً الحكومة المستقيلةـ وسياسة الانبطاح مورست تحت عنوان «تيسير أمور البلاد» والحقيقة التي وصلت إليها البلاد فضحت أنّ ما حدث أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه فانفجر الشعب في وجه الجميع، تلك التسوية وضعتنا أمام سابقة تاريخيّة «يُعزل» فيها رأس الرئاسة الثالثة وتكفّ يده عن ممارسة المهام والصلاحيّات المناطة به دستورياً، بل أكثر من هذا من المؤسف أنّه رئيس حكومة تصريف الأعمال مشاركٌ بل متورّطٌ في تكريس هذه البدعة وتضييع ما تبقّى من هيبة الرئاسة الثالثة!!

 

ومن عجب ما نسمع ونرى أن يعلن النّائب محمد رعد «متطاولاً» على الرئيس سعد الحريري واصفاً إياه من دون أن يسمّيه «هذه الأموال تأتي عندما يأتي من له علاقات تبعية مع قوى الخارج، وموجود في السلطة، عندها و«لكي يحفظوا ماء وجهه» يضعون ودائع ويأتون بالديون والمشاريع»، بل ذهب رعد أوقح من ذلك بكثير عندما قرّر شكل الحكومة «وإذا ما عجبهن» هناك حكومة تصريف أعمال قالها وبالفم الملآن «هذه الأزمة لا تحل إلا بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفق صيغة اتفاق الطائف، وغير هذا سيبقى البلد في ظل حكومة تصريف أعمال، وسنلاحقهم لكي يقوموا بواجبهم، والذي لا يقوم بواجباته سنحاسبه»، حزب الله يُهدّد سعد الحريري، بأنّه سيبقى رئيس حكومة تصريف أعمال وأنّه سيكون أيضاً موضع ملاحقه ومحاسبه أيضاً.. إسمحوا لنا وأوقفوا سيناريو السعي لتشكيل حكومة، هذا البلد وصل إلى هنا، لأنّ هذه «حكومات الوحدة الوطنية» وضعت رقبة لبنان وشعبه تحت «صرماية» حزب الله!