Site icon IMLebanon

حفل “الصبيّة الملكة” رفع عتب أم عودة إلى الحياة؟

 

 

بعدما رافق عهود لبنان… انتخاب ملكات الجمال في لبنان يفقد بريقه

 

لانتخابات الجمال في لبنان تاريخ عريق بدأ في العام 1939 مع انتخاب جميلة الخليل كأول ملكة جمال للبنان ولها كتبَ الأخطل الصغير «الصِّبَا وَالجَـمَالُ مُـلْكُ يَدَيْـكِ/أيُّ تَـاجٍ أعَـزُّ مِـنْ تَاجَيْـكِ»، ليمر بعدها هذا «الإستحقاق»بمراحل ذهبية وفضية وملتبسة اللون وحتى داكنة ابتداء من العام 2019 الذي شهد توقف حفلات انتخاب ملكة جمال لبنان وأخواتها وتمديداً غير مسبوق لولاية الملكة مايا رعيدي. ولطالما رافق انتخاب ملكات الجمال عهود لبنان في عزه وكبواته وسقوطه فهل يكون للإعلان اليوم عن عودة حفل انتخاب ملكة جمال لبنان رمزية ما ام مجرد حفل رفع عتب؟

شهد الجمال عهده الذهبي في لبنان الخمسينات والستينات وحتى منتصف السبعينات وترافق حينها مع اسم ريمون لوار نقيب المراسلين الأجانب في لبنان الذي ترأس لجنة انتخاب ملكة جمال لبنان. وأزهرالجمال وأزدهر في عقود العز هذه ووصل عدد ملكات الجمال في العام 1966 إلى ست وستين ملكة كما أحصت مجلة «الشبكة» حينها. وبلغ قمة تألقه مع وصول جورجينا رزق الى عرش جمال الكون في العام 1971، ليعود ويغرق في فوضى انتخابية غير منظمة أيام الحرب الأهلية ويصبح لكل زمرة وزعيم حي وقبضاي ملكته تحت مسميات عديدة.

 

فوضى الجمال المنظمة

 

حتى لقب ملكة جمال لبنان تشظى وتشرذم وصار للبنان في إحدى السنوات سبع ملكات حملن لقب ميس ليبان بوجود مسلحين في الحفلات وصالات الانتخاب، الى ان انتظم الأمر من جديد مع توحيد مرجعية الانتخابات تحت لواء انطوان مقصود الذي تولى إدارة ورئاسة مسابقة ملكة جمال لبنان وأعاد تنظيمها ووضع شروطاً لها وتولت محطة الـ LBC تنظيم وبث حفل انتخاب ملكة جمال لبنان بدءاً من العام 1988.

 

واستمر انتظام انتخاب ملكة جمال لبنان في فترة إعادة الإعمار بعد الحرب وازدهرت معها ألقاب الجمال المختلفة: ملكة جمال الفصول والفاكهة والأزهار والجامعات والمنتجعات والمرابع الليلية والمصايف وبلدات لبنان المقيم والمغترب. وصار للجنارك ملكته وكذلك للكرز وللتفاح وللكرمة فتاتها، و للصيف والربيع والشاطئ والرياضة ملكة وللبدينات ملكة تماماً كالرشيقات وللعرب مليحة ولعارضات الأزياء Miss Top Model. وكان لجبيل ملكتها ولكسروان ملكة منافسة وللمغتربين ملكتهم وإن انقسمت الى اثنتين في مرحلة من المراحل، وحتى الانترنت المتعثر في لبنان انتخبت له ملكة بعد أن توّج كأكثر خدمات الانترنت تعثراً في العالم. «ملكات لسن كالملكات» وحفلات قليلها يرتدي طابعاً رسمياً معترفاً به من وزارة السياحة وكثيرها تنفيعات تحت غطاء الجمال.

 

وأعادت تلك الفورة الجمالية بدءأ من التسعينات وحتى أواخر العقد الثاني من الألفية الثالثة الى لبنان العز الذي كان له في فترة الستينات وساهمت حفلات انتخاب ملكات الجمال في الترويج للسياحة وتنشيط حركتها تحت رعاية حاكم مصرف لبنان ودولار الـ1500، لتنتهي فقاعة العز المزعوم ويغرق البلد وجميلاته بدءاَ من تشرين الأول 2019 في سلسلة أزمات متصاعدة جعلت الجمال وملكاته في أدنى أدنى الاهتمامات. وللمرة الأولى منذ العام 1939 لم ينتخب لبنان ملكة جمال رسمية لثلاث سنوات متتالية ومدد لآخر ملكاته مايا رعيدي ( تم انتخابها في حفل نظمته الـ MTV، وكادت رعيدي تحتفل بيوبيلها الخشبي( خمس سنوات) لو لم تبادر محطة LBC الى الإعلان عن حفل انتخاب ملكة جمال لبنان الجديدة في تموز المقبل.

 

فهل يفتح هذا الحفل الطريق لعودة كؤوس الجمال إلى لبنان؟ وهل لا يزال لها مكان في هذا البلد المأزوم أم أن سكرة الصيف الحافل بالسياح والمغتربين لا تعدّ الكؤوس؟

 

جمال خجول

 

مكتب أنطوان مقصود مقفل، حاولنا التواصل معه لنعرف منه أجواء حفل انتخاب ملكة جمال لبنان وأخواتها من ملكات، لكن مقصود رفض رفضاً قاطعاً الحديث في هذا الشأن قائلاً إن اللبنانيين آخر همهم هذا الأمر اليوم لا بل من المخجل التحدث في الموضوع وسط كل ما يعانيه لبنان من مآس وكوارث، ومع تأكيده أنه يكن لمحطة lbc ( آي) كل الاحترام إلا أنه يفضل الابتعاد عن حديث الجمال «حتى ما يسبونا الناس».

 

ملكة جمال المغتربين

 

الاتصال الثاني كان ببلدية ضهور الشوير حيث يقام كل عام مهرجان المغتربين الذي يتخلله حفل انتخاب ملكة جمال المغتربين وهو ثاني أبرز حفل انتخاب بعد ميس ليبان. ولضهور الشوير الحق الحصري في تنظيمه منذ العام 1960. أفادتنا رئيسة دائرة الإعلام والأنشطة في البلدية نسرين عطايا أن آخر انتخاب لملكة جمال المغتربين كان في صيف العام 2019 وتوقف في السنتين الماضيتين «هذه السنة بدأنا التحضيرات» تقول عطايا و»استحصلنا على رخصة من وزارة السياحة وأرسلنا مكاتيب التكليف الى بلدان الاغتراب لإجراء مباريات لانتخاب الملكات كل في بلدها، وعادة ما كان يبلغ عدد البلدان المشاركة بين 12 و 17 بلداً من المنتسبين الى الجامعة اللبنانية الثقافية حول العالم، لكن لهذا العام لم يكن لدينا العدد الكافي للمشاركة إذ لم تجر انتخابات إلا في عدد قليل من البلدان فارتأينا تأجيل الحفل الى العام المقبل على أن تشارك الصبايا المنتخبات هذا العام في حفل السنة المقبلة».

 

تؤكد عطايا أن ملكة جمال المغتربين حدث ثقافي ووطني بقدر ما هو جمالي والهدف منه تعريف الشابات من أصل لبناني الى جذورهن و بلدهن وتشكيل رابط بين لبنان المقيم والمغترب. وكان يعدّ للمشاركات برنامج ثقافي سياحي على مدى اسبوع يزرن خلاله أبرز المواقع السياحية اللبنانية ويتعرفن الى العادات اللبنانية. وكان حفل الانتخاب يساهم بشكل فعال في تنشيط السياحة والحركة في ضهور الشوير والعديد من المناطق والمنتجعات والمطاعم التي تزورها الملكات ويحضره ما يقارب 1500 شخص مع لجنة تحكيم مختارة وبتمويل من رعاة متعددين وينقل على شاشة MTV ويتولى اهم المصممين وخبراء الماكياج والمزينين الاهتمام بالمتباريات ما يجعله شعلة حركة ونشاط على كافة الصعد واستمرارية لتقليد بدأ منذ أكثر من نصف قرن.

 

حفلات تحيي المناطق

 

فتاة الكرمة كانت رمزاً لمدينة زحلة وكان حفل انتخابها يقام ضمن مهرجانات الكرمة التي تحييها بلدية زحلة كل صيف وتتضمن فعاليات متعددة أبرزها موكب عربات الزهورالذي تترأسه فتاة الكرمة. كميل العموري المسؤول عن هذه المهرجانات يروي كيف كان لحفل انتخاب فتاة الكرمة في الماضي نكهة خاصة عفوية وشعبية حيث كان الانتخاب يتم خلال عشاء تتقدم فيه المتباريات من الحاضرات في الحفل ويتم اختيار واحدة منهن ثم تغيرت الأمور ودخلت المحسوبيات على عملية الانتخاب وطرأت الخلافات فانسحبت البلدية من هذه العملية. خلال جائحة كورونا توقفت مهرجانات الكرمة لتعود هذا الصيف بحفلات مجانية مختصرة لا تكلف الكثير لا سيما في غياب الرعاة وتضم حفلات فنية ومسرحيات ونشاطات ترفيهية للأولاد، ولا يبدو أن لفتاة الكرمة فيها اي حضور.

 

ملكة جمال كسروان في كازينو لبنان كما ملكة جمال جبيل في إده ساندز حفلان كانا يشعلان قرى المنطقتين حماسة ويدفعان بأهل القرى وبلدياتها ونواديها الى السعي لدعم الصبية المتبارية. والحفلان من إعداد مركز بيبلوراما الإعلامي وكانا يخلقان نشاطاً سياحياً عامراً في القضاءين بعد أن ينالا إذن وزارة السياحة وموافقتها على لجنة التحكيم. وتقول السيدة دنيا الحاج المسؤولة عن إعداد وتنظيم حفلات الجمال في بيبلوراما إن آخر حفل انتخاب جرى في تشرين الأول عام 2019 وبجهد تم إنجازه بعد بدء انتفاضة تشرين ثم توقف كل نشاط وتؤكد «نحن اليوم بصدد إعادة دراسة الحدث الجمالي لكن التاريخ لم يتحدد بعد ربما يكون في أواخر الصيف. وكمؤسسة بيبلوراما لدينا صفحة خاصة تتقدم الفتيات من خلالها للمشاركة كما أننا ندعو الشابات في القرى عبر البلديات والجمعيات للمشاركة. وهنا لا بد من الإشارة الى أهمية حفل الجمال الذي يقام بالنسبة للصبايا في قضاءي كسروان وجبيل إذ أن كل صبية تتأهل تفتح أمامها الفرصة لعيش تجربة جديدة تتعلم من خلالها الكثير وتطل على مجتمع جديد وتكتسب الخبرة اللازمة للتقدم مثلاً الى لقب ملكة جمال لبنان او الى وظيفة جديدة عدا عن الجوائز المالية التي تفوز بها من تنال اللقب والسفرات السياحية للمشاركات. وكان كل حفل يضم نخبة من المحترفين من مصممي أزياء وخبراء ماكياج ويستقطب جمهوراً واسعاً ويحظى برعاية إعلامية وتمويلية ليأتي على المستوى المطلوب».

 

جمال ما قبل الأزمة لم يكن متوقفاً على لبنان بل وصل الى أوروبا حيث كان حفل انتخاب ملكة جمال أوروبا يجرى على أرض كازينو لبنان ويتفوق في إعداده وتنظيمه على أي حفل أوروبي آخر ليكون الأنجح كما يقول روجيه زيلير رئيس منظمة ملكة جمال أوروبا وكما تؤكد آخر ملكة أوروبية متوجة في لبنان الأوكرانية إيرينا التي صرحت في حديث سابق انها سعيدة جدا بتتويجها على ارض لبنان هذا البلد المضياف الجميل وشعبه الراقي واشادت بتنظيم هذا الحفل.

 

وما جمعه الجمال يوماً بين لبنان وأوكرانيا فرقته الحروب والأزمات فعسى أن يعود الى البلدين جمال أيامهما قبل تيجان ملكاتهما…

 

ملكة جمال الفلسفة

 

وفي مسلسل الملكات في الستينات وفق مقال نشر على موقع المدن فازت جورجينا رزق في آذار 1969، بلقب «ملكة جمال الفلسفة»، ونقلت «الشبكة» عنها قولها بهذه المناسبة: «لا أعرف شيئاً عن الفلاسفة ولا أقرأ كتب الفلسفة، أفضل قراءة المجلات، وأحب السبور والعزف على البيانو وسماع الموسيقى». في العام التالي، حصلت «ملكة جمال الفلسفة» على لقب «ملكة جمال لبنان ثمّ توّجت على عرش جمال الكون في العام 1971 لتبقى حتى اليوم أشهر الملكات.