Site icon IMLebanon

مع تجديد نتنياهو تهديداته لـ«حزب الله» لبنان يقبع على قنابل قد تجعل برّه بحراً.. فهل تتدخل «اليونيفيل»؟

 

برزت قضية مستودعات ومخازن أسلحة وصواريخ وذخائر «حزب الله» كأولويةٍ في خضمّ الصراع المندلع بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران وميليشياتها في المنطقة، وهي معضلة تتفاقم بسبب تحوّلها إلى نقطة تجاذب مع القوى الدولية، وإلى نقطة خلاف وتخويف للبنانيين مع تسرّب المعلومات عن وجودها في مناطق سكنية وحيوية، خاصة الموقع الذي كشفه إعلام العدو الإسرائيلي ونشر دخول وخروج الشاحنات منه وإليه، والذي تشير تقارير كثيرة إلى أنّ انفجاره سيحدث فجوة هائلة قد تصل البحر بالشويفات!

 

اليوم، مع تجديد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الإصرار على المواجهة مع «حزب الله»، تبدو إحدى المعضلات الكبرى في مقاربة ملف صواريخ الحزب هي أنّها لا تخضع لقواعد التخزين العلمية الكفيلة بضمان بقائها صالحة الاستعمال بحيث لا تشكل مصدر خطر لجهة استمرارية الصيانة لمائة ألف صاروخ يمتلكها الحزب ويوضّبها بشكل خال من قواعد الأمان، لا سيما فيما يخصّ قِصَرَ عُمـْرِ الصاروخ وحشوته المتفجرة وتـَلَفِ المحرّكات، وقد بدأت تقارير كثيرة تتحدث عن ضعف القدرة على توفير الصيانة المطلوبة، التي لا يمكن إجراؤها بدون علم إسرائيل التي ترصد بطيرانها وأقمارها الصناعية كل التفاصيل، وهي مستعدة لإصدار المزيد من المقاطع المصورة التي تؤكد وصولها إلى مواقع حساسة للحزب.

 

سبق لـ«حزب الله» أن نظّم جولة في المنشأة التي أعاد جيش العدو الإسرائيلي الحديث عنها باعتبارها تستخدم لإنتاج مواد صواريخ دقيقة التوجيه في قلب بيروت، لكنّ الحزب وقع في حرج شديد عندما قال إنّ صاحبها لا ينتمي إليه، ليتضح حسب تقارير عدة، أنّ محمد كامل فؤاد رمّال قياديّ في الحزب، وأنّ المصنع يحتوي آلات دقيقة تُستخدم في صناعة الصواريخ، ولا يمكن توافرها في مصانع أخرى، ويبدو أنّ مخازن السلاح والصواريخ ستكون شرارة مرحلة جديدة من الصراع في لبنان، يُخشى أن تكون شديدة الانفجار.

 

باءت بالفشل، الجولةُ التي نظمها مسؤول العلاقات العامة في «حزب الله» محمد عفيف في «مصنع الحديد» الواقع في محلة بئر حسن قرب السفارة الإيرانية، ولم تمرّ على خير، لأنّ جيش العدو سارع إلى نشر معلومات كشفت بدورها أنّ الحزب يتعاطى بالمسألة على قواعد هشة، منها: تطويع وسائل الإعلام المحلية وتطويع الأجهزة الرسمية لتقديم الروايات التي يريدها، والاعتماد على «جهل» اللبنانيين بالتفاصيل الأمنية والعسكرية الدقيقة.

 

أسقطت تقارير العدو رواية الحزب بأنّ صاحب المصنع لا ينتمي إليه، وكشف أنّ محمد كامل فؤاد رمال ناشط في وحدة إنتاج الصواريخ الدقيقة وأنّه زار إيران في إطار التعاون لإنتاج هذا النوع من الصواريخ. كما عرضت التقارير معلومات عن الآلات التي جرى الكشف عليها في المصنع، ليتضح أنها تُستعمل في صناعة الصواريخ، ومنها: ماكينة التقطيع بالليزر، ماكينة التقطيع الهيدروليكية، ماكينة درفلة المعادن، وهي آلات تقوم بقصّ المعادن بالزاوية المطلوبة وصناعة أجنحة توازن الصاروخ، كما تقوم بتشكيل المعدن على شكل دائري لاستخدامه في صناعة أجزاء المحرّك والرأس الحربي وأقسام تحكّم الصاروخ.

 

لهذا، فإن من المرجح أن تكون قضية مخازن السلاح والصواريخ، محطة اشتباك داخلية وخارجية، ونقطة انطلاقٍ للبحث في كيفية التخلّص من هذا المخزون لحماية المناطق المأهولة بالسكان، بما يستدعي تدخل قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» بدورها الجديد المتوسع في بيروت، مع استقدامها المزيد من الآلات المتطورة الكاشفة للأسلحة والراصدة لحركتها، خاصة أنّ ملاحقة هذه المخازن لا تهدأ وتيرتـُها، ومن الواضح أنّ «حزب الله» تلقى ما يكفي من رسائل تؤكد استحالة الاستمرار في التموضع الراهن لهذه الأسلحة.

 

هنا يبرز سؤال نافر: أين هو الجيش من كلّ ما يجري؟ لماذا يكتفي ببيانات خجولة تتناول ما جرى في قانا وقبلها في بعبدا، وبداية في مرفأ بيروت، حيث يبقى السؤال: من هي القوة القاهرة التي فرضت إبقاء الأمونيوم سبع سنوات قبل تفجيره؟ وكيف يمكن فهم الدور الراهن للمؤسسة العسكرية، أليس الحلّ الأفضل تنظيم جولات ميدانية بإشراف الجيش وبالتعاون مع قوات الأمم المتحدة، وباستخدام الآليات الكفيلة بإنجاز كشف علميّ دقيق في كلّ المواقع المشبوهة، وما هي العوائق الفعلية التي تمنع الجيش من القيام بواجباته.. ألم يحن الوقت لمصارحة اللبنانيين بالحقيقية المعروفة؟

 

كلّما تعمّقنا في هذا الملف، يتضح أنّ لبنان كله يقبع على قنبلة لا أحد يعرف توقيت انفجاراتها التي تقد تغيّير من الطبيعة الجغرافية لبعض المناطق، بينما يجهد الحزب على الخطين الفرنسي والألماني للحصول على وقت مستقطع لعدم تعرض مخازنه لضربات قاصمة تصيبه وتصيب من بيئته الحاضنة مقتلاً.

 

من الواضح أنّ الأمور لن تمرّ بالسهولة التي يصوّرها «حزب الله» وسيكون لبنان أمام تحديات أخطر، والأسوأ من هذا كلّه أنّ هذه المخاطر والخسائر البشرية والمادية التي يتكبّدها اللبنانيون، تأتي في إطار صراعات تستبيح أرضهم وأرواحهم لصالح مشروع يأكل الدولة ويسحق المصير، ويوشك أن يجعل لبنان في خبر كان!