لن يمضي وقتٌ طويل حتّى يعلن الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي إنجاز عملية (حق الشهيد) العسكرية المصرية لهدفها في اقتلاع جذور الإرهاب في مصر، خصوصاً بعد أن أحكمت القوات المصرية محاصرة (جبل الحلال) جنوب مدينة العريش، وهو أمنعُ قواعد الإرهاب.
وكان اللواء أركان حرب محمد فرج الشحات مدير إدارة الاستخبارات الحربية والاستطلاع في مصر قد أعلن قبل وقت قصير عن «الرصد والتتبُّع لشبكات الإرهاب وتفكيك قواعد الدعم له وتجفيف منابع تمويله، إلى جانب إحكام السيطرة الكاملة على المنافذ الخارجية لمصر، وتأمين الحدود على كافة الاتجاهات الاستراتيجية بالتعاون مع الوزارات والأجهزة المعنية وتنفيذ حملات ومداهمات بالتعاون مع الشرطة المدنية وأهالي سيناء الشرفاء في إطار عملية أمنية عسكرية تسمّى: «حقّ الشهيد» لاقتلاع جذور الإرهاب من شمال سيناء، وكلّ ذلك يترافق مع مشروعات التنمية الشاملة في سيناء للارتقاء بالأوضاع المعيشية لأهالي سيناء والقضاء على البيئة والمناخ الذي يغذّي أعمالَ التطرّف والإرهاب.
وأكّد الشحات أنّ «هناك ارتباطاً وثيقاً بين جماعة «الإخوان المسلمين» وعناصر «بيت المقدس» في سيناء، مشدّداً على أنّ «المخطّط الإرهابي قد بَرز في محاولة لإقامة إمارة إسلامية متطرّفة في مدينة الشيخ زويد في أعقاب الهجوم الإرهابي في تاريخ 1-7-2015 حيث أفشلت قوات الشرطة والجيش هذا الهجوم بكلّ قوّة مدعومةً من المجهود الجوّي الذي استهدفَ كافة العناصر الإرهابية.
وكانت مختلف مصادر المعلومات قد أكّدت أنّ عناصر الجيش المصري نجحت في توجيه العديد من الضربات القاصمة عبر عملية «حقّ الشهيد» التي ركّزت على استهداف القيادات الرئيسة المؤثّرة، وتمَّ القضاء على 205 أهداف ما بين مخابئ وعناصر تجمّع للعناصر الإرهابية ومخازن أسلحة، واحتياجات إدارية و130 عربية وتصفية 500 عنصر إرهابي من العناصر الشديدة الخطورة، ما أفقدهم توازنَهم.
وأشارت المعلومات إلى أنّ «مصر نجحت في تجفيف منابع التمويل المادي والدعم اللوجستي للعناصر الإرهابية حيث ضُبط 1025 طنّاً من المواد المتفجّرة والمواد الثنائية الاستخدام، كذلك ضُبطت 115 مليون جنيه.
ولفتَت نتائج استجواب العناصر (حسب مصادر الأمن المصري) إلى «تورّط بعض الدول في تقديم الدعم لهم عبر استيراد المواد المتفجّرة وثنائية الاستخدام ودفعها إلى قيادات إخوانية مقيمة داخل مصر للتخزين والنقل والتصنيع لإمداد العناصر الإرهابية بها.
وكان اللواء الشحات قد عرض إجراءات مجابهة الإرهاب على الاتجاه الاستراتيجي الغربي والجنوبي قائلاً: «تمَّ العمل على الاتجاهين لضبط ومنعِ أعمال التسلّل للعناصر الإرهابية والتصدّي لعمليات التهريب للأسلحة والمعدّات القتالية، وتمَّ رصدُ وتتبُّع 38 حالة تحرّك للعناصر الإرهابية بالتنسيق مع القوات الجوّية وحرس الحدود فجرى توجيه ضربات أسفرَت عن إصابة وتدمير 39 سيارة بحمولات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجّرة.
الجدير بالذكر أنّه وفي اللحظة التي ستدخل فيها القوات المسلّحة (جبل الحليب) وتُنظّفه من الإرهاب، ستكون مصر قد تمكّنَت من القضاء على الإرهاب في شمال سيناء، وأنجزَت استبعاد المخطّط (الإسرائيلي – الإخواني) لإقامة الوطن البديل للفلسطينيين.
في مصر، تستمرّ العين مفتوحةً في مواجهة الإرهاب، والعمليات الانتقامية المتوقّعة ضدّ أهداف داخلية، خصوصاً استهداف الأقباط لتشتيتِ انتباه الدولة وجهودها عن معركة محور سيناء، وكذلك المحاور التي حاولَ الإرهاب فتحَها انطلاقاً من الجوارَين الليبي والسوداني.
أهمّية الحرب المصرية على الإرهاب في شمال سيناء أنّها تكشف حجم المخطّط الذي كان قائماً لتوطين الفلسطينيين في شمال سيناء والسيطرة عليهم بواسطة قوى ظلامية متستّرة بالإسلام.
إنّ مثلَ هذا الإنجاز سيلغي مشروع بحثِ الملف الفلسطيني خارج حلّ الدولتين خلال زيارة الرئيس السيسي المتوقّعة إلى واشنطن، ويبقى إفشال مشروع «إسرائيل» للعودة إلى طرح (الحكم الذاتي).
ويأتي الإنجاز المصري مترافقاً مع إشاعةٍ عكسية عن وجود مقترحات لتوطين الفلسطينيين، والإنجاز (الحربي المصري) بكُلّ معنى الكلمة في الواقع يُحبط وينجح في تفكيك الجسور الممهّدة لمِثل هذا المشروع الذي سبق للنظام الإخواني برئاسة محمد مرسي أن وافقَ عليه.
وهذا المخطّط كان يعتمد على جماعات مسلّحة عملت تاريخياً في السوق السوداء للتهريب وعلى وجود كمٍّ هائل من الأسلحة من مخلّفات حرب عام 1967 التي تركها الجيش المصري إضافةً إلى خلايا مزوّدة بأسلحة وذخائر إسرائيلية حديثة تنفّذ أدوارَ تتّصل بتخريب تشكّل قطاع غزّة كقاعدة قوية لتحقيق أماني الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
وبانتظار أن يعلن السيسي شخصياً بسط القوات المصرية لسيطرتها على آخر معاقل الإرهاب في شمال سيناء (جبل الحليب) فإنّ مصر تكون قد أفشلت المشروع الإرهابي المتصل بتوطين الفلسطينيين وزعزعة استقرار مصر، بما يُمهّد لتأكيد الثقة بقوّة ومنعة مصر وانصراف أجهزتها إلى حفظ النظام العام وإسقاط محاولات استهداف المدنيين والنَيل من وحدة النسيج الوطني وحماية الحدود، بما يُمكّن مصر من العودة للعب أدوارها الإقليمية على رغم الضغوط الاقتصادية والمائية، وبما يمهّد للقاء القمّة المصري – الأميركي الذي ينشط له وزير الخارجية المصرية سامح شكري خلال زيارته واشنطن التي بدأت أمس الأول.
في هذا، ترى مصادر أنّ لقاء القمّة المصري – الأميركي لن يكون قريباً، وأنّه سينتظر كذلك إنجاز معركة الموصل وربّما الرقة وتطوّرات يمنية، بما يعني أنّه سيكون قمّة القمم الشرق أوسطية والتي ستبحث في ملفّات كثيرة وستفتح أو تغلق الأبواب أمام حلول لاستقصاءات سياسية كبيرة.