Site icon IMLebanon

13 تشرين… بماذا الاحتفال؟

 

 

لن يعكر مزاج الرئيس عون تفخيخ الرئيس بري الجلسة الثانية لانتخاب رئيس بتعيينه 13 تشرين موعداً لها ممارساً ضده نكداً سياسياً من النوع اللئيم. نوابه سيقاطعون، أنصاره سيحتفلون كما العادة بـ”اليوم المجيد”، وهو سيرفع شارة النصر أمام زائريه. هكذا تعودنا عليه وعلى تياره: الأسود أبيض، والأبيض أسود، و”زمن الانتصارات” على قدم وساق!

 

لو أجرى الرئيس عون فحص ضمير لقرر النوم موصياً بعدم إيقاظه قبل أن يحل 14 تشرين. 13 تشرين هو يوم للخجل الوطني والشخصي وليس للاحتفال ولا للتباهي. ومهما حاول جبران باسيل تزوير التواريخ ومصادرة شهداء الجيش اللبناني سيبقى ذكرى هزيمة نكراء جرَّها على نفسه وعلى لبنان جنرال قفز الى القصر فاستولى على القرار مطلقاً شعارات تحاكي مشاعر الناس، وهي موجة شعبوية لم توصل دولة ولا مجموعة الا الى الخراب.

 

كل مواطن حر كان يدرك أواخر الثمانينات طبيعة الوصاية السورية وممارستها الاحتلالية، لكن لم يكن لعاقل أن يوافق على مشروع انتحار يقوده جموح شخصي لا يعير وزناً لتوازنات داخلية صعبة أو لظروف اقليمية معاكسة. وللتذكير، فإن الجنرال عون حالف حينذاك ديكتاتور العراق صدام حسين فيما كان غريمه حافظ الاسد يشارك في تحرير الكويت جنباً الى جنب مع القوات الأميركية ليقبض الثمن إطلاقاً ليده في لبنان!

 

لا داعي للتكرار. الرواية معروفة منذ التعهد بتكسير رأس الأسد وصولاً الى نداء الاستسلام لقائد الجيش آنذاك اميل لحود. وبين التاريخين نهر من الدماء يتحمل مسؤوليته الأساسية من قاد المغامرة ويحاول تياره اليوم اعادة تركيب أحداثها ليحولها انجازات فيما هي لا تضم فعلياً سوى مآسٍ وبطولات فارغة وتحوير وقائع، ثم شراكة في الفساد.

 

كان يمكن للرئيس عون التعويض عن 13 تشرين برئاسة راشدة تستفيد من أكثرية نيابية وشعبية لم تٌمنح يوماً لرئيس. فشل وخيَّب آمال لبنانيين كثيرين. اليوم لن يكفيه اتفاق الغاز والترسيم “التاريخي” لتوضيب “مسك ختام” يجعله يغادر بعبدا ليل 31 تشرين بـ”ريحة طيبة”. لا يُصلح ألف عطار رئاسة ست سنوات أفسدها دهر ممارسات وتحالفات وصفقات، مثلما لم ينجح سابقاً تحويل حربي “التحرير” و”الالغاء” الى تواريخ تعفي من الإدانات.

 

على أي حال، لا بأس بجرعة معنويات تجعل وقع انتقال فخامته الى الرابية بلا توريث أقل مرارة. صحيح أنه أدى في قضية ترسيم الحدود البحرية دور الواجهة التنفيذية لـ “حزب الله”، لكنه يعتقد نفسه صاحب انتصار، فيما الاتفاق يتكشف عن التباسات وتنازلات عن خطوط وعلامات كان يمكن أن تكسبنا مئات الكيلومترات لولا “لزوم التفاوض البناء” وحاجة “المنظومة” الى تعويم نفسها على حساب حقوق لبنان.

 

13 تشرين مثل 31 تشرين، تنذكر ما تنعاد.