رشا علي
عشية الامتحانات النهائية لهذا العام، أبلغت المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، ماريا، الطالبة في اختصاص التمريض في معهد مهني خاص، بأنها لا تستطيع إجراء امتحاناتها، لعدم امتلاكها بطاقة إقامة قانونية، ولكونها من فلسطنيي سوريا.
الخبر أصاب الطالبة بالصدمة والإحباط، ولا سيما أنها خسرت ثلاث سنوات من عمرها الدراسي، بسبب الحرب في سوريا.
ولكن قبل يومين من موعد الاستحقاق فقط، سمحت المديرية للطالبة بالمشاركة في الامتحانات، بصورة استثنائية، من دون أن تعرف شيئاً عن مصير الشهادة والعلامات والترفّع.
وهي، اليوم، تترقب قراراً استثنائياً ينقذ عامها الدراسي ويُعوّضها الأقساط التي دفعتها.
وكانت المديرية العامة للأمن العام قد توقفت، منذ نحو عام، عن تجديد إقامات النازحين من سوريا، فيما استخدم الطلاب السوريون بطاقة تعريف صادرة عن «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، لمتابعة تحصيلهم الدراسي.
إلّا أن هذا «التّسهيل» لم يشمل فلسطينيي سوريا، غير القادرين على الاستفادة، أيضاً، من وكالة «الأونروا»، للتسجيل في أي من المراحل التعليمية؛ الأساسية والثانوية والجامعية.
وبذلك، يواجه الطلاب الفلسطينيون السوريون تحديات في التعليم، ويهددون، باستمرار، بحرمانهم من الشهادات والانتقال إلى مستوى تعليمي أعلى، بسبب تعقيدات تجديد الإقامة وشروطها الصعبة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن «هناك نحو ثلاثة آلاف طالب فلسطيني سوري في مدارس (الأونروا) لا يملكون إقامات سارية المفعول، وبالتالي يتابعون تحصيلهم في الظل، من دون أن يكون لهم وجود في سجلات وزارة التربية».
ثلاثة آلاف طالب فلسطيني
سوري في مدارس «الأونروا» لا يملكون إقامات سارية المفعول
في سياق المعاناة نفسها، انتظر طلاب الشهادات الرسمية، بقلق، إعفاءهم من شرط حيازة بطاقة الإقامة القانونية للمشاركة في الامتحانات الرسمية، إلى أن أصدر مجلس الوزراء قراراً بهذا الخصوص في 14 أيار الماضي.
هكذا تلجأ الدولة اللبنانية، على الدوام، إلى «الترقيع» بدلاً من إقرار حلول نهائية، تمنع ابتزاز الطلاب، وتحمي حق الجميع في التّعلم من دون شروط، وفقاً لما نصّت عليه المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صادق عليه لبنان في عام 1972، واتفاقية «يونيسكو» حول مكافحة التمييز في مجال التعليم، التي صادق عليها لبنان في عام 1964، لجهة ضرورة «الوصول المتساوي للأطفال إلى كل مراحل التعليم وعدم التمييز استناداً إلى وضعهم القانوني».
لكن، مع اشتراط حيازة الإقامة، بمعاييرها التعجيزية المعقدة، لمواصلة التعليم، يشعر فلسطينو سوريا بأن «الهدف هو التضييق علينا من أجل العودة». لكن، «إلى أين نعود؟»، يسأل الناشط الحقوقي أمجد بدوي، إذ إن «نحو 80% من مخيم اليرموك متضرر، وتغيب عنه أبسط مستلزمات الحياة من بنى تحتية، ولا سيما الكهرباء. كما لا تتوافر فيه فرص عمل، عدا عن التغيير في سياسة النظام تجاه الفلسطينيين السوريين وتشريع قوانين جديدة خاصة بهم».
الدولة «تُرقّع»… و«الأونروا» غائبة
المديرة العامة للتعليم المهني والتقني هنادي بري تقول إن «مجلس الوزراء أصدر قراراً يمنع تسجيل الطلاب من دون إقامات قانونية من الأساس، لكن بعض المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة «الدكاكين» لم يلتزموا به، فتفاجأنا آخر السنة بعدد الطلاب غير المسجلين قانونياً في الوزارة».
وفي إطار حلّ هذا المأزق، تشير بري إلى أنه تمّ «السماح للطلاب غير الحائزين على إقامات بالترشح للامتحانات الرسمية وإجراء امتحانات نهائية في باقي المراحل التعليمية كخطوة أولى، على أن تبقى الشهادات بعهدتي ريثما يحصلون على إقامة».
ورداً على صعوبة الاستحصال على إقامات، الأمر الذي يهدد بعدم الحصول على الشهادات ومتابعة التحصيل العلمي، أكدت بري «إنني لن أبقي الشهادات في الخزانة، وسنبحث عن حلّ. أما السماح للطلاب بالتسجيل بصرف النظر عن حالتهم القانونية فيعني حكماً منحهم إقامات، وهي ليست صلاحيتنا، بل صلاحية المديرية العامة للأمن العام».
ورغم محاولات الضغط والتنديد والاعتصامات التي نفذها الناشطون والأهالي للدفاع عن الحق في التعلم، لم تتفاعل وكالة «الأونروا» مع المشكلة بأبعادها الحقيقية، وقالت إنها تنتظر الرد على المطالب.
من جهته، حمّل عضو لجنة الثقافة والتعليم في مخيم برج البراجنة، أحمد سخنيني، الوكالة والدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية مسؤولية الإهمال بحق آلاف الطلاب، مشيراً إلى أن «مسألة الإقامة لا تشكل عائقاً تعليمياً فقط، بل تنعكس أيضاً على مختلف جوانب حياة اللاجئ الفلسطيني السوري في لبنان: الزواج، الطلاق، الولادات، العمل، وغيرها».