IMLebanon

العمال الفلسطينيون في لبنان: ويستمر الحصار

 

 

تُعد نوعية الحياة للاجئين الفلسطينيين في لبنان من الأسوأ بين جميع الدول العربية، لا سيما في سوق العمل. إذ يعاني الفلسطينيون من معدلات بطالة مرتفعة، لا مقارنة بالمواطنين اللبنانيين فحسب، بل أيضاً بالمعدلات العالمية.

 

علاوةً على ذلك، حتى عندما يتمكن الفلسطينيون من الحصول على عمل، فإنهم يواجهون ظروفاً شديدة السوء، تتسم بالأجور المنخفضة، والعمل غير النظامي، والمشقة البالغة.

 

رغم مرور عقود على وجودهم في لبنان، لا يزال القانون اللبناني يعتبر اللاجئين الفلسطينيين أجانب، ويُلزمهم بالحصول على تصاريح عمل. هذا الواقع يضع العامل الفلسطيني في حلقة مفرغة بين وزارة العمل وصاحب العمل، ما يعرّضه للابتزاز والاستغلال من قِبل أصحاب العمل.

 

وإلى جانب ذلك، يحظر القانون اللبناني على الفلسطينيين ممارسة العديد من المهن كالطب والمحاماة والهندسة، ما يحد من فرصهم خارج إطار العمل اليدوي.

 

توجد عدة مبررات رسمية لهذه القوانين، إلا أن إحدى الذرائع «حسنة النية» تتمثل في أن منح اللاجئين هذه الحقوق الأساسية قد يُعتبر شكلاً ضمنياً وغير مقبول من التوطين الدائم لهم في لبنان، مما يُهدد حقهم في العودة.

 

لا يزال القانون اللبناني يعتبر اللاجئين الفلسطينيين أجانب ويلزمهم بالحصول على تصاريح عمل

 

بغضّ النظر عن النوايا، فإن هذه القوانين تُسهّل استغلال رأس المال للعمالة غير النظامية والرخيصة، ولا سيما من فائض السكان اللاجئين.

 

فحرمان الفلسطينيين من الانضمام إلى النقابات يحرمهم من التمثيل وحق التفاوض الجماعي لتحسين ظروفهم والحماية التي توفرها الدولة. ويتجاوز هذا الواقع البعد الاقتصادي، إذ تُعزّز هذه السياسات أيضاً رغبةٌ مستمرة في الحفاظ على التوازن السياسي والطائفي الهش في لبنان، من خلال منع الفلسطينيين من ترسيخ وجود أكثر ديمومة واندماجاً.

 

كما أن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية ينسجم مع المقاربة الأمنية التي تعتمدها الدولة اللبنانية في تعاملها مع هذه الجماعة، إذ يُسهّل ذلك إدارة مجتمع محروم من حقوق اجتماعية راسخة.

 

تُظهر الرسوم البيانية أدناه أحدث الأرقام حول توظيف الفلسطينيين في لبنان حسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي تم نشرها في تقريرها بعنوان «المسح الاجتماعي والاقتصادي للاجئين الفلسطينيين في لبنان 2023».

 

■ القسم الأول – البطالة والفلسطينيون في لبنان

1. بطالة مرتفعة بشكل استثنائي مقارنة بالمعايير العالمية

 

يزيد معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عن ستة أضعاف المعدل العالمي وثلاثة أضعاف المعدل في لبنان. بل إنه يتجاوز معدلات البطالة في جميع دول العالم باستثناء إيسواتيني (34.4%) وجنوب أفريقيا (33.2%) في 2024.

 

■ معدل البطالة 2023

العالم 4.9%

لبنان 11.5%

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32.3%

 

2. ثلاثة أشكال من التمييز

 

وفقًا لمسح الأونروا لعام 2022-2023، تبلغ نسبة الفلسطينيات (بعمر 25 عاماً وما فوق) الحاصلات على شهادة الثانوية العامة 23.9%، مقارنة بـ21.4% لدى الرجال، فيما تبلغ نسبة الحاصلات على شهادة جامعية 12.8%، مقابل 12.2% للرجال.

ورغم أن اللاجئات الفلسطينيات في لبنان يتمتعن بمستويات تعليم ومحو أمية أعلى من نظرائهن الرجال، إلا أنهن يواجهن تهميشًا حادًا في سوق العمل. ويُعزى هذا الإقصاء إلى أن الفلسطينيين يمتهنون بشكل شبه حصري أعمالًا شاقة جسديًا، تُعتبر – وفقًا للأعراف الاجتماعية – غير مناسبة للنساء.

 

■ معدل البطالة 2023

الفلسطينيون 35.6%

الفلسطينيات 31.3%

 

 

يقيم اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا في لبنان منذ عام 2011. ووفقًا للأونروا، شكّلوا ما نسبته 14.8% من إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حتى عام 2017. ومنذ سبتمبر 2016، فُرض عليهم حظر تام على دخول الأراضي اللبنانية.

ويواجه هذا الجزء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أوضاعًا أسوأ من نظرائهم، خصوصًا من حيث معدلات الفقر والأمية والبطالة. فهم يعانون تمييزًا مزدوجًا تفرضه الدولة، كونهم فلسطينيين من جهة وسوريين من جهة أخرى.

 

■ معدل البطالة 2023

اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان 31.7%

اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في سوريا والذين فرّوا إلى لبنان 38.8%

 

يشكل الفلسطينيون المقيمون في المخيمات الرسمية للاجئين 45% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (بحسب إحصاءات 2017)، ويواجهون أوضاعًا أشد قسوة من غيرهم، إذ يعيشون في مناطق معزولة تخضع لمراقبة لصيقة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتفتقر إلى الاندماج مع المجتمع اللبناني الأوسع. هذا العزل الجغرافي والاجتماعي يُسهم في تقليص فرصهم في الحصول على العمل، مقارنة بالفلسطينيين المقيمين خارج المخيمات.

 

تسهل القوانين استغلال رأس المال للعمالة غير النظامية والرخيصة لا سيّما من فائض السكان اللاجئين

 

■ معدل البطالة 2023

اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيمات 34.9%

اللاجئون الفلسطينيون المقيمون خارج المخيمات 30.1%

 

 

3. ما من وظائف للمتعلمين

يواجه الفلسطينيون الحاصلون على تعليم عالٍ في لبنان بطالة مرتفعة نتيجة القيود القانونية التي تمنعهم من ممارسة العديد من المهن كالطب والمحاماة والهندسة، إلى جانب استثنائهم الكامل من الوظائف في القطاع العام. هذا الواقع يتركهم في حالة من الترقب والانتظار، غالبًا على أمل إيجاد فرصة عمل خارج البلاد. ويعكس هذا الانسداد في الآفاق ما ورد في مسح الأونروا لعام 2022-2023، والذي أشار إلى أن نحو ربع العائلات الفلسطينية في لبنان (26.7%) لديها فرد واحد على الأقل يعيش في الخارج، بمتوسط مهاجرَين لكل عائلة.

 

 

■ المستوى التعليمي معدل البطالة 2023

غير متعلم 17%

حاصل على بكالوريا فنية 27.8%

حاصل على الثانوية العامة 34.7%

حاصل على شهادة جامعية 34.8%

حاصل على شهادة امتياز فني 39.9%

 

 

■ القسم الثاني – الافتقار إلى الأمن الوظيفي

1. في عام 2022، عملت نسبة 62.4% من قوة العمل اللبنانية في القطاع غير النظامي، وهي ظاهرة أكثر وضوحًا بين العمال السوريين والفلسطينيين. تعني الوظائف غير النظامية غياب الأمان الذي يوفره عقد العمل القانوني، فضلًا عن الفوائد الاجتماعية الضرورية التي ترافقه.

 

■ نوع العقد النسبة 2023

لا يعرف ما إذا كان عمله مشمولًا بعقد عمل رسمي 54.2%

لديه عقد عمل رسمي غير مصدّق من قبل كاتب العدل 5.1%

لديه عقد عمل رسمي مصدّق من قبل كاتب العدل 6.6%

يعمل بناءً على اتفاق شفوي مع صاحب العمل 34%

 

2. يعكس واقع افتقار 40% من العمال الفلسطينيين في لبنان لوظائف منتظمة بدوام كامل انتشار انعدام الأمان الوظيفي وتقليص ساعات العمل، مما يؤدي إلى نقص في الدخل الثابت وأجور غير كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية.

 

■ نوع الوظيفة النسبة 2023

وظيفة منتظمة بدوام كامل 58.0%

وظيفة منتظمة بدوام جزئي 19.9%

العمل بالقطعة/الخدمة 11.8%

الوظائف غير المنظّمة (العشوائية) 7.6%

الوظائف الموسمية 2.5%

 

 

3. تلقي الدولة اللبنانية بمهمة توظيف الفلسطينيين على عاتق الأونروا، وهي إحدى ذرائعها لحرمانهم من حقوقهم. إلا أن الأونروا توظف فقط 2.1% من الفلسطينيين. بهذا، يرزع أغلب العمال الفلسطينيين في لبنان تحت رحمة القطاع الخاص، وهو مجال تتحمل الدولة اللبنانية فيه مسؤولية واضحة لإنشاء وتنفيذ اللوائح التنظيمية.

 

■ قطاع التوظيف النسبة 2023

القطاع الخاص 84.2%

قطاع المنظمات غير الحكومية 3.0%

الأونروا 2.1%

الفصائل السياسية 1.9%

القطاع العام 1.2%

قطاعات أخرى 7.7%

 

 

4. يعمل عدد قليل جدًا من الفلسطينيين في المهن ذات المهارات العالية التي توفر أجورًا أعلى، ولذلك سببان رئيسيان: الأول هو منع الفلسطينيين من ممارسة المهن الحرة. الثاني هو أن متوسط المستوى التعليمي للسكان فوق سن الـ25 منخفض بسبب قلة الخدمات التعليمية المقدمة لهم، حيث إن حوالي خمسهم (21.2%) لم يكمل التعليم الابتدائي و وأغلبيتهم (54.2%) لم تكمل المستوى التحضيري المطلوب.

 

■ الفئة الوظيفية النسبة 2023

أصحاب الوظائف الأولية (اليدوية / المنزلية / التنظيف / البناء / الحصاد) 35.7%

الموظفون في قطاع الخدمات والمبيع والأسواق 18.7%

الحرفيون والعاملون في المهن ذات الصلة 14.6%

مشغلو الآلات والمعدات وعمال التجميع 10.1%

المهنيون 7.5%

غير ذلك 13.4%

 

* مقال مترجم عن النسخة الانكليزية من «الأخبار»