أكّد فخامة رئيس الجمهورية في مستهل الجلسة الحكومية الإثنين المُنصرم، أنّه ورئيس الحكومة، مُصرّان على إنجاز الانتخابات النيابية العامة في موعدها الربيع المُقبل.
لكن وفي قراءةٍ مُبسّطة لواقع الحال، يتبيّن جليًّا أنه وحتى تاريخه، إجراء الانتخابات مُتعذّر. فالحكومة تُصرّ على أنّه ليس باستطاعتها إنجاز الانتخابات ما لم يُستكمل التشريع (لا سيّما في ما خصّ المغتربين) أو تُلغى أو تُعلّق المواد ذات الشأن…كذا… والأنكى من كلّ ذلك ما زالت ممتنعة عن إرسال مشروع قانون معجّل بهذا الخصوص إلى مجلس النواب. مما يعني أنّ الحكومة عاجزة عن إجراء الانتخابات في موعدها، ما لم يدخل مجلس النواب تعديلًا على قانون الانتخاب. علمًا، أنّ إجراء الانتخابات حصرًا في الداخل واستثناء المغتربين (دون تعديل) سيُعرّض الانتخابات للطعن. كَون الحكومة ليس باستطاعتها اجتزاء تنفيذ القانون بقرارٍ يصدر عنها.
وفي المقلب الآخر، نائب رئيس مجلس النواب أوقف محرّكات اللجنة الفرعية. ورئيس المجلس غاب عن السمع. والمهل تنقضي ولا حياة لِمَن تُنادي.
كلّ ذلك يستدعي إعلان حالة الطوارئ، ووضع خطّة تَحرُّك عمليّة، حتى لا يضيع الاستحقاق ويتبخّر.
المطلوب اليوم التحرُّك داخليًا وخارجيًّا. داخليًا عن طريق تشكيل وفود لزيارة المرجعيّات الروحية والمدنية، وزيارة رئيس الحكومة ورئيس الدولة. وعقد مؤتمرات وندوات ولقاءات. أمّا خارجيًّا فتحريك الجاليات للمطالبة بحقوقها المشروعة في الاقتراع والمُشاركة في الحياة السياسية.
فلا يجوز أن نترك المهل تنقضي من دون أن نُحرّك ساكنًا. مع الإشارة، إلى أن التأخر في إقرار التعديلات على القانون وكما ورد في مدوّنة البندقيّة (Venice Commission,2002 ) يضرب نزاهة العملية الانتخابيّة والشفافية ومبدأ تكافؤ الفرص، ويُعرّض كامل الانتخابات للطعن.
فرئيس الحكومة مُلزَم بتحمُّل مسؤوليّاته لجهة إرسال مشروع قانون مُعجّل إلى مجلس النواب لاستكمال التشريع أو إلغاء أو تعديل ما يَلزَم من المواد ذات الصلة. وإلّا يكون أمام مسؤولية الإخلال بالواجبات المُترتبة عليه، وتترتب عليه مسؤولية ومُساءلة دستورية.
أمّا رئيس مجلس النواب فيتحمّل بدوره مسؤولية الإطاحة بمواد النظام الداخلي لمجلس النواب، سيّما المواد 109 و112 و113 و38 وغيرها من المواد. ويتحمّل مسؤولية حجز هذا الاستحقاق في أدراجه، رغم عريضة نيابية موقعة من أكثرية أعضاء المجلس النيابي ويزيد. علمًا، أنّ ذلك يُرتّب عليه مسؤولية سياسية وحقوقية منصوص عنها في القوانين المرعيّة الإجراء.
ونسأل أين دور فخامة رئيس الجمهورية مما يجري؟ فهذا الاستحقاق يعنيه أكثر من أي شخص أو فريق سياسي. فهل يُعقل أن يكتفي بإطلاق المواقف؟ علمًا، أنّ بِيَد رئيس الجمهورية إمكانيات وقدرات لتحريك المياه الراكدة في هذا الملف، منصوص عنها في مواد الدستور، لا سيما المادة 53 منه.
المطلوب اليوم تضافر الجهود لتذليل العقبات، من رئيس الدولة إلى رئيس الحكومة إلى رئيس المجلس النيابي. فلا يجوز المراوحة واستهلاك المهل. ففي العشرين من الشهر المُقبل سيُقفل باب تسجيل المنتشرين. وبعد أسابيع قليلة سيبدأ البحث في تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات. فإلى متى أصحاب القرار، أصحاب الحلّ والرّبط ينتظرون؟
وبالختام، لا بُدّ لنا مِن توجيه النداء إلى رئيس الدولة لكي يتحمّل مسؤوليّاته الدستورية، وإلى رئيس الحكومة ليتحمّل مسؤولياته الوظيفيّة، وإلى رئيس المجلس النيابي ليتحمّل واجباته التشريعية، وعدم الاكتفاء بإطلاق المواقف.
الأهّم من كلّ ذلك، أنّه يقتضي على الناخب وعند الانتخابات، حُسن اختيار مُرشّحه. مُردّدًا مع الصحافي والروائي البريطاني “جورج أورويل”:
“الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يُعتبر ضحيّة، بل شريكًا في الجريمة “. فأحسنوا الاختيار، حتى لا تندموا، حيث لا ينفع الندم.
