Site icon IMLebanon

بطريرك لبنان وشيعته الممتاز

 

أثار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أمس ضجة كان ظاهرها موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من سلاح “حزب الله” ولكن باطنها هو الدفاع عن هذا السلاح بأي ثمن. وأسدت ضجة الشيخ قبلان خدمة من حيث لم يرد ذلك هي أنها أتاحت لمن ساوره الفضول العودة إلى مشاهدة المقابلة كاملة التي أجرتها قناة “العربية” مع البطريرك وبثتها مساء الثلاثاء. ويتبين جليًا أن البطريرك قال الكثير، كما تبين أن قبلان لم يشاهد المقابلة إطلاقًا.

 

قال البطريرك في الشيعة ما يرتقي إلى مستوى يستحق معه الراعي صفة بطريرك الشيعة بامتياز. وسيكون من المفيد العودة إلى ما يتسع له المجال من كلام غبطته. كانت فاتحة المقابلة هو تقييمه لقرار الحكومة حصر السلاح، فقال :”بعد هذا القرار يأتي تنفيذ هذا القرار. ونشكر الله اليوم على صوت واحد: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحتى الرئيس بري كلهم صوت واحد مع حصر السلاح هذه أول مرة يحصل على المستوى السياسي الأعلى في لبنان ونحن نتوسم خيرًا هذا يأتي بالسلام إلى لبنان. الشعب اللبناني سئم وحتى إخواننا الشيعة سئموا، لإن أحدًا لا يستطيع العيش من دون سلام”.

 

أتى الدور لطرح السؤال الثاني الذي لم يذكر من قريب أو بعيد اسم الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم. وهو: سمعنا في الأيام الأخيرة عن الدعوة والتهديد بحرب أهلية إذا تم المس بالسلاح؟ فأجاب الراعي: “لا اعتقد أن هناك حربًا أهلية لأن هذا كلام مزايدة ، كما اعتقد أنا، لأن لا أحد مستعد لمثل هذه الحرب. أنا لست خائفًا من حرب أهلية أبدًا، الناس منذ عام 1975 شبعوا حروبًا”.

 

أضاف: “نسمع الشيعة اللي ما بدهم حرب واللي ما بدهم السلاح. بدهم يقيموا بيوتهم اللي كلها على الأرض يريدون أن يعيشوا مرة بالحياة وليس مرتين”.

 

خاطب البطريرك “حزب الله” ما يجب على الأخ أن يخاطب أخاه في الوطن، قال: “نأمل أن الحزب يمضي على طريق الدولة ويعرف “حزب الله” أنه لبناني مثلي مثلهم ولا أحد يحرسني ويحرسهم إلا الجيش اللبناني”.

 

أضاف: “حوارنا بعدو ماشي مع “حزب الله” ولم يتوقف. لكن صراحتنا لا نتخلى عنها، وبكركي ما فيها تساوم بدها تحكي بما هو الخير العام لصالح “حزب الله” والمقاومة ولصالح كل اللبنانيين”.

 

ويفتح البطريرك صفحة سلاح “الحزب”، قال: “سقطت المقاومة منذ أن أخذت الحكومة قرار حصر السلاح. ثم المقاومة ضد مين؟ ضد إسرائيل، شفنا شو نتيجتها”.

“المشكلة اللي كانت بلبنان أنه لم تكن هناك وحدة سلاح، لكن ليس معنى ذلك أن كل الشعب اللبناني كان موافقًا على قرارات المقاومة .كان الناس بالعين لسانهم ما فيهم يحكوا، إلى أن طلع قرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة، ما يعني أن كل سلاح غير شرعي بدو يصير بيد الدولة، وما يقولوا إن سلاح المقاومة صار شرعيًا”.

 

وخلص إلى القول: “أقول لـ “حزب الله” إنه لبناني، ويجب أن يعيش لبنانيته ولا يتطلع إلى ايران كما كان يتطلع سابقًا: من إيران بدو المال، من إيران بدو التوجيه، من إيران بدو التفكير والفلسفة والوطنية. إن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه والولاء يجب أن يكون كاملًا له. يجب أن يكون ولاء “حزب الله” للبنان قبل الولاء لطهران، وأن يتوقف أن يكون أداة مسلحة لإيران باسم مقاومة أو غيرها. الله يرحم حسن نصرالله الذي قال: أكلنا وشربنا وسلاحنا وتوجيهنا كله من إيران. كيف تكون مواطنًا لبنانيًا من دون ولاء للبنان؟ أنا أريد جوابًا على سؤالي”.

 

وخاطب الراعي إيران بالصراحة نفسها التي خاطب بها “حزب الله”، قال: “نقول للإيراني إن جماعة “الحزب” لبنانيون مثلي مثلهم، موجودون في الحكومة وفي البرلمان ومعي في المدرسة وفي المجتمع. ليش بدكم تدعموا هذا الفريق دون آخر. هذا تدخل في الشؤون اللبنانية”. أضاف: “إن وقوف إيران ضد قرار الحكومة تدخل سافر في الشأن اللبناني، وعلى إيران أن تعرف حدودها. وأهلًا وسهلًا فيها كبلد صديق مثل كل البلدان”.

 

وسئل البطريرك، هل ستزور طهران؟ فأجاب: “الآن، لا. بدها (إيران) تغيّر شوي سياستها والآن مش منيحة. وفي الحقيقة دعاني منذ أكثر من 6 سنين السفير فقلت له الآن الأوضاع لا تسمح. هناك مشكلة بين طهران والدولة اللبنانية ويجب أن تحل. إننا نريد إيران دولة صديقة للبنان مثل كل الدول الصديقة”.

 

بدأ الراعي حديثه عن الطائفة الشيعية وختمه قائلًا: “إنها طائفة لبنانية مثل كل اللبنانيين موجودة في البرلمان والحكومة والإدارات وفي كل مكان وهذا ليس بسبب المقاومة بل كان ذلك قبل المقاومة، وهذا حقها من حيث عددها ووجودها هي في البرلمان قبل المقاومة بكتير وبرئاسة مجلس النواب قبل بكتير. الشيعة بدهم يحسوا إنهم لبنانيون بكل حقوقهم. بدنا نعيش سوا، الإحساس بأنهم لبنانيون ليس تنازلًا، بل مثلي مثلهم. هم لبنانيون وأنا لبناني. مش طبيعي إنت لبناني حامل سلاح، وأنا لبناني ليس حاملًا سلاحًا. هيدي المشكلة كلها. شيل السلاح فينتهي كل شيء ونصبح لبنانيين بكامل حقوقنا وكامل واجباتنا”.

 

أتى رد قبلان الفوري وكأنه رد موجود قبل مقابلة الراعي ليقول فقط جملة التمسك بالسلاح الذي وصل عنده إلى مرتبة “سلاح الله”. أذيع رد قبلان ليس للرد على مقابلة البطريرك بل ليلبي واجب مرجعية السلاح. ويقتضي هذا الواجب الدفاع عن سلاح “الحزب” حتى ولو لم يبق شيعي في لبنان على قيد الحياة. أليس هذا ما يفهم من قول قبلان: “إذا كان بهذا البلد طائفة تتلهف لبذل دمائها وزهرة شبابها وعظيم إمكاناتها بسبيل هذا الوطن العزيز، فهي الطائفة الشيعية، بل طائفة المقاومة بكل أطيافها ووجوهها”.

 

سيكون من الظلم أن يصنف كلام البطريرك خارج كونه كلام كل لبنان عمومًا والشيعة خصوصًا. وسيكون من العبث إعطاء كلام قبلان صفة شيعية. إن لبنان وشيعته يقولون إن الراعي بطريركنا الممتاز.