Site icon IMLebanon

تضامن خُلَّبي

 

 

ستبقى عظة البطريرك الراعي المُطالبة الجيشَ بمنع الصواريخ صوتاً صارخاً وعنواناً لمرحلة يمكن تحويلها الى مساحة لقاء، مثلما يمكن للأسف الإصرار على إغراقها في النزاع بفعل تعنّت “حزب الله” وعجز الرئيس عون عن تجسير الهوة بين المتناقضين أو اتخاذ موقف وطني صريح.

 

وإذ تفاءلنا باتصال رئيس الجمهورية ببكركي مستنكراً الافتراء على سيدها إثر نطقه بـ”كلام جوهري” عن السيادة أقضَّ مضجع “الممانعين”، فوجئنا باقتصاره على المجاملات غير مستخلص منه فداحة الوضع ووجوب القيام بخطوة جدية لحوار بين الأطراف وليس بالضرورة انتصاراً لفريق على فريق.

 

رفض الرئيس التطاول على شخص البطريرك. هو واجب الحد الأدنى واستنكار ناقص. لذا لا أهمية لمضمونه كونه وضع الأمر في الاطار الشخصي والأدبي، بل ان المعنى العميق قابع في ما كان يجب أن يقال، وهو تلك “الفاصلة” التي يعرف الرئيس أهميتها جيداً، ولأجل مثيلتها تسبب بأحداث وأريقت دماء حين رفَض “اتفاق الطائف” ووثيقة الوفاق الوطني.

 

و”فاصلة” اليوم في ما يخص الهجمة المُضرية على البطريرك، هي كلمة السواء المطالبة بوقف استعمال لبنان منصة للصواريخ، والتزام “اتفاق الهدنة”، وترك اللبنانيين يعيشون ببعض سلام، تكفيراً، على الأقل، عما ارتكبته المنظومة في هذا العهد الميمون، إن لم تندم عن العهود السابقة التي ما استطاعت أن تضاهيه.

 

و”الجملة – الفاصلة” توجز معاناة اللبنانيين منذ التحرير في العام 2000. ويتحمل رئيسُ الجمهورية الحالي بالتحديد منذ وصل الى مبتغاه وحلَّ في الكرسي النتائج الكارثية لعدم الجهر بها. لقد كانت الآمال معلقة عليه بفعل حجمه التمثيلي وتحالفه الوثيق مع “حزب الله”، لكنه لم ينتزع “استراتيجية دفاع” تمهّد لوحدانية السلاح الشرعي، ولا حاول استعادة الدولة، بل تماهى مع المحور الايراني مُدخلاً الرئاسة في عزلة كئيبة ومُفقداً الجمهورية علاقاتها العربية والدولية وكل سند شرعي معنوي أو مادي.

 

كان على الرئيس القيام بمبادرة ما. وفي كل الحالات يفترض أن لا ينخفض سقفه عن مستوى رد فعل وليد جنبلاط وسعد الحريري اللذين عبّرا عن تضامنهما مع موقف البطريرك المبدئي من استعادة السيادة والدولة وتطبيق القرارات الدولية، ولا تعوض في هذا الاطار بيانات التكتل العوني التي تبيع جمهوره كلاماً سيادياً أجوف لا يمر الا على المحازبين المتشددين.

 

ماذا يخبئ الرئيس في السنة الأخيرة من عهده كي لا يؤازر كلمة حق نطق بها البطريرك الماروني أو لا يندفع الى تحرك وفاقي؟ هل لا يزال يعتقد بأنه مخلص اللبنانيين من الحفرة التي ساهم في ايقاعهم فيها، أم لا يزال مصدقاً أن “تفاهم مار مخايل” حفظ السلم الأهلي وأسس لشراكة وطنية متوازنة مع الفريق الشيعي تمهد للاصلاح والتغيير؟ الجواب عن السؤال الأخير واضح في “حجم” التشاور معه لدى اطلاق الصواريخ والمخاطرة بلبنان على وقع ضرب الناقلة في بحر عُمان!