تصاعدت الآراء المناصرة والمناهضة لقرار الإحتياط الفدرالي بإبقاء معدل الفائدة ثابتاً. هذا القرار بحسب الكثير من المحللين جاء عقب التطورات التي حصلت في الاقتصادات العالمية خصوصاً في الصّين بالإضافة للتقلبات في الأسواق المالية العالمية والتراجع في معدلات التضخم.
بالرغم من التحسّن والتطوّر الملحوظ الذي شهده الاقتصاد الأميركي في الفترة الأخيرة وبالرغم من تصريح رئيسة المصرف الفدرالي «جانيت يلين» وعدد من الأعضاء عن إحتمال رفع أسعار الفائدة خلال هذه السنة، فإن هذا الإحتمال، إذا كانت سيرتبط بالوضع الاقتصادي العالمي المتقلب، من الأنسب التريث لفترة أطول لدرس ومراقبة تأثير هذه التقلبات على السوق الأميركي.
الأسواق الأوروبية (منطقة اليورو) والصينية بالإضافة الى الأسواق الناشئة تعاني من انخفاض في معدل التضخم بالإضافة الى معدلات البطالة المرتفعة (معدل البطالة في euro zone في أسوأ حالاته).
أما إذا كان القرار القادم متربطا بشكل أساسي بالوضع الداخلي ومدة تعافي المؤشرات الاقتصادية الأميركية فهذا يعني أن رفع أسعار الفائدة آت بلا محالة هذه السنة. خصوصاً أن يلين صرّحت في الاجتماع الأخير أن الاقتصاد يسير بشكل جيد.
كما أن التوقعات تشير الى استمرار الأداء الإيجابي مع ارتفاع الناتج المحلّي الإجمالي بوتيرة سريعة وتراجع معدل البطالة بأكثر من توقعات الفدرالي الأميركي.
مخاوف عالمية
إذا نظرنا الى الوضع الاقتصادي والمالي الحالي عالمياً ومع أخذ العلم بتحذيرات إقتصاديين ومسؤولين في البنك الدولي مع رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي وما قد يحمله هذا القرار من تبعات على الأسواق العالمية (الصين، منطقة اليورو، الأسواق الناشئة…) والتمني بالترويّ قبل أخذ هذا القرار، نجد أن يلين تمتلك عاملين يمكن أن ترتكز على إحدهما.
– الوضع الاقتصادي الأميركي
– تبعات قرار رفع سعر الفائدة الأميركية على هذه الأسواق العالمية خصوصاً تلك التي تعاني من عدم استقرار في الوقت الحالي وما قد ينتج من ذعر في هذه الأسواق في حال رفعت أسعار الفائدة.
هل حان الوقت؟
إن متابعة التصريحات المتعددة من قبل يلين تؤكد أن الخيار والعامل الذي يجب أن ترتكز عليه هو الوضع الأميركي الداخلي وذلك لأسباب عدة:
أولاً، إن رفع سعر الفائدة الأميركية بات امراً متوقعاً ومحسوماً في السوق، إن كان على مستوى التدابير أو على المستوى النفسي، وذلك سيجنّب ذعراً في الأسواق العالمية، بالإضافة إلا ان المستثمرين باتوا يتطلعون الى مرحلة ما بعد رفع أسعار الفائدة. كما ان تصريحات يلين توحي بأن الصعود التدريجي للفائدة سيكون بطيئاً.
ثانياً، السياسة النقدية الفضفاضة المتّبعة لدى المصارف المركزية في اوروبا والصين واليابان وهذا من شأنه أن يعوّض التأثير السلبي الناجم عن رفع أسعار الفائدة الأميركية.
ثالثاً، البحث من قبل المستثمرين العالميين عن فرص استثمار في الاقتصادات الناشئة بالإضافة الى توقعات بتحسّن الاقتصاد الصّيني في الفترة المقبلة.
يبقى ان نراقب مدى تأثير التراجع المخيف لأسعار النفط على القرار، حيث ان أي رفع لمعدلات الفائدة قد يؤثر بشكل سلبي على هذه الأسعار. وإذا نظرنا الى الوضع الاقتصادي الأميركي حالياً نجد أنه العامل الوحيد الذي يمكن ان يتوقف عنده المصرف المركزي الأميركي كعامل مهم قد يؤثر على الدورة الاقتصادية الأميركية.
بصرف النظر عن الأوضاع الاقتصادية العالمية والتقلبات المالية في الأسواق الأوروبية والأسواق الناشئة، فإن العالم بأسره بات حاضراً وجاهزاً لأي تغيير في أسعار الفائدة الأميركية، ويبدو أن الحقبة السوداء التي دامت سبع سنوات (منذ الأزمة في 2008) أوشكت أن تطوي الصفحة.