Site icon IMLebanon

المال السياسي قد يلعب دورة بالصوت التفضيلي!!

بعد التوافق المبدئي في إفطار بعبدا الخميس الماضي على اعتماد قانون النسبية على أساس 15 دائرة، ستُظهّر صورة ما تمّ التوصّل اليه خلال الأيام الفائتة بين المسؤولين حول التمديد لمجلس النوّاب الحالي لمدّة 9 أو 10 أشهر أو لسنة مكتملة، لا سيما إذا ما تمّ تحديد موعد الإنتخابات النيابية في آذار من العام 2018 خلال جلسة مجلس الوزراء غداً الأربعاء. كذلك ستتمّ مناقشة الصيغة النهائية للقانون الجديد الذي يُفترض إقراره في جلسة 12 حزيران الجاري، إذا ما سارت كلّ الأمور على خير، بما فيها الإتفاق على الصوت التفضيلي في هذا القانون، وإذا ما كان سيُعتمد بشكل نهائي على أساس القضاء أو الدائرة.

والسؤال المطروح بعد أن جرت حلحلة الجمود السياسي من خلال التوافق على القانون النسبي على أساس دوائر متوسّطة، من سيفوز بهذه الإنتخابات، ومن سيُحقّق المكاسب ومن سيقع في الخسائر؟! الترجيحات كثيرة، وقد بدأت تُجيب على هذا السؤال من خلال الحسابات والتحالفات التي قد تتقلّص في دائرة معيّنة وتتضاعف في أخرى، علماً أنّ سوف يتمثّل في المجلس النيابي بنسب مختلفة هي التي تُحدّد الأحجام الفعلية.

وبعيداً عن الحسابات، تؤكّد أوساط سياسيـة عليمة أنّ الرابح الأكبر في الإنتخابات النيابية المقبلة لا بدّ وأن يكون الإعتدال، لا سيما وأنّ القوانين السابقة التي اعتـمدت (أي قانون الستين معدّلاً) قد أظهرت تطرّفاً سياسياً من جهة، وتهميشاً من جهة أخرى، ولم توصل في نهاية الأمر الممثلين الفعليين عن الشعب الى الندوة البرلمانية. وهذا التطرّف لم يعد مطلوباً اليوم، على العكس تماماً، فالأطراف كافة ترفضه لأنّه يؤدّي الى التقوقع فيما يُمثّل لبنان نموذجاً للعيش المشترك في الشرق الأوسط.

وتجد الاوساط بأنّ بعض الأطراف السياسية في لبنان استدركت هذا الأمر، وباتت تنادي بالإعتدال مثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي أعلن خلال إفطار عكّار أنّ خطّ والده رفيق الحريري هو خطّ الإعتدال، وهو لا يُشكّل مطلقاً خط ضعف، وأنّه سيُحافظ على هذا الخط ويُكمل فيه. وتقول بأنّه منذ أن انتهج الحريري هذا الخط، ووافق على التسوية وعلى انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وهو يُكمل به ويُلاقي شعبية واسعة من مختلف الطوائف والمذاهب على أدائه السياسي الذي ينسجم أكثر مع وضع البلاد القائم التعايش.

وبرأي الاوساط، فإنّ خط الإعتدال هذا ستنتهجه قوى سياسية عدّة بعد الإنتخابات النيابية المقبلة، عندما ترى من خلال النتائج بأنّ التطرّف لن يقودها الى تمثيل واسع في المجلس النيابي. وبذلك يتجه البلد الى الخيار الأنسب نحو بناء الدولة العادلة والقوية ويُصبح التنافس السياسي مقتصراً على الأداء والبرامج وليس على الخطابات المشنّجة والمتطرّفة.

ومن جهة ثانية، فإنّ التطرّف والتعصّب الديني الذي يُحاول اليوم فرض هيمنته على دول المنطقة عن طريق العنف من خلال التنظيمات الإرهابية، على ما أكّدت الاوساط، بات مرفوضاً من دول العالم ككلّ وليس فقط من شعوب المنطقة، وإلاّ لما قام التحالف الدولي للقضاء عسكرياً على «داعش»، ولما تنادى الجميع في وجه عدو واحد هو التكفير والإرهاب.

وكشفت الأوساط نفسها بأنّ التطرّف لن ينتهي بمجرّد القضاء على تنظيم «داعش»، أكان استلزم الأمر بضعة أشهر بعد أو أكثر لإخراج التكفيريين نهائياً من العراق وسوريا، خصوصاً وأنّ المتطرّفين مع هذا التنظيم باتوا يغزون العالم، إمّا من خلال مغادرتهم «أرض الجهاد» والعودة الى بلدانهم، أو من خلال تحالفهم مع هذا التنظيم حيث هم، والدليل العمليات الإرهابية التي يقومون بها هنا وهناك، وآخرها الإعتداءين اللذين استهدفا لندن. فاقتلاع الإرهاب من جذوره لا بدّ وأن يبدأ عن طريق الفكر والإقتصاد والسياسة والإجتماع، ويتطلّب هذا الأمر جهوداً دولية فعلية وتعاوناً حقيقياً بين غالبية الدول المعنية، كما لا بدّ من السعي من أجل استبداله بالإعتدال على الصعد كافة، والذي يؤدّي في نهاية الأمر الى السلام والإستقرار في كلّ أنحاء العالم. فقد أثبتت التجارب أنّ التطرّف لم يوصل يوماً الى ربح الحرب، وإن حقّق الإنتصار في بعض المعارك.

أمّا استمرار الدعم الدولي للمتطرّفين، حتى وإن نكرت الدول الكبرى هذا الأمر، فإنّه يُهدّد الأمن العالمي الذي لن يكون بمنأى عن الإرهاب، وقد يحمل أسماء أخرى غير تنظيم «داعش»، ويعتمد أساليب مغايرة قد تنشأ عنها ظواهر أكثر خطورة منه. وذكّرت الاوساط بأنّ «داعش» انبثق عن «القاعدة» التي ضربت الولايات المتحدة الأميركية في عقر دارها، واتُهمت في الوقت نفسه بخلق هذا التنظيم وتمويله ثمّ بتصفية زعيمه أسامة بن لادن.

وفي هذا السياق، شدّدت الأوساط نفسها على أنّ لبنان يسير على الطريق الصحيح، إذا ما انتهجت الأطراف السياسية كافة فكرة الإعتدال وطبّقته في محيطها، ما ينعكس إيجاباً على المجتمع والإقتصاد والبلد ككلّ، ويُسهم بالتالي في تحسين التمثيل في المجلس النيابي، كما يقوّي ثقة المواطن بدولته، على ما يريد رئيس الجمهورية من خلال بناء الدولة القوية التي يحلم بها مع شعبه.

وتؤكّد الاوساط بأنّ التحالفات السياسية قد تلعب دورها في الإنتخابات المقبلة، ولكن الأهمّ أنّ الشعب سيختار اللائحة التي تُناسبه مع الصوت التفضيلي من دون إمكانية شطب مرشحي طائفة أو مذهب معيّن. وفي حال لم يجد اللائحة التي تُمثّله فقد يُحجم عن التصويت، ما يوصل الممثّلين الفعليين عن الناخبين. وتعتقد الاوساط بأنّ المال السياسي قد يلعب دوره فيما يتعلّق بالصوت التفضيلي، غير أنّها نصحت رؤساء اللوائح أو القادة السياسيين الذين سيخوضون الإنتخابات بعدم دفع الأموال للفوز بهذا الصوت لأنّ هذا الأمر قد ينعكس سلباً على عملهم السياسي.

وبحسب معلومات الاوساط، المهم أن يعي المسؤولون في لبنان أهمية قبول الآخر وإشراكه في الحياة السياسية ليس فقط على قدر حجمه الذي سيظهر من خلال نتائج الإنتخابات النيابية، إنّما كشريك في الوطن والمواطنة لأنّ النتائج قد تتغيّر من دورة إنتخابية الى أخرى، خصوصاً إذا ما قرّر الشعب محاسبة النوّاب على أدائهم وفق القانون النسبي.