Site icon IMLebanon

إنقلاب برّي: من “الإيجابية” مع القطري إلى “تعقيدها” مع “الخُماسية”

 

كثّفت اللجنة الخُماسية نشاطها لمعالجة الأزمة الرئاسية. وتظهر الدوحة كأكثر العواصم نشاطاً في هذا المجال، إذ تتدخّل في التفاصيل وتحاول طرح الحلول، وتنتظر مبادرات إيجابية من أجل تحقيق الخرق المنشود. شهدت اجتماعات اللجنة الخُماسية الأخيرة اتفاقاً على توزيع الأدوار والتنسيق، وتحاول كلّ دولة المساعدة وفق قدرتها على حلّ معضلة الخلوّ الرئاسي. وتراقب الولايات المتحدة الأميركية الوضع عن كثب ورأسها «مشغول» بالصورة الكبرى، وهي الحرب الكبرى في غزة.

 

وما يُميّز الحراك القطري من الفرنسي هو مراعاة الدوحة الخصوصية اللبنانية وعدم محاولتها فرض مرشح، بل عملها الدؤوب من أجل إخراج مبدأ الاسم الثالث. وخرق لقاء سفراء الدول الخمس مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الأجواء الرئاسية، وقد حضّرت قطر الأجواء الإيجابية بفعل تواصلها مع برّي ووعده لها بالتعاون.

 

وتنتظر القوى السياسية عودة الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني إلى لبنان لقيادة جولة مفاوضات جديدة ومحاولة إيجاد نقاط مشتركة بين القوى السياسية المتخاصمة. ولا يعني عدم حضور الموفد القطري شخصياً إلى لبنان غياباً قطرياً عن المشاورات، إذ أبقى جاسم بن فهد خطوط الاتصال مفتوحة مع جميع القوى، مباشرةً أو عبر وسطاء.

 

وكانت قطر من أكثر الدول حماسةً للخيار الثالث، وفي الجلسة الأخيرة التي عُقدت بين جاسم بن فهد ومرشح «الثنائي الشيعي» رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، راهن جاسم بن فهد على سحب فرنجية ترشيحه، لكنّه تفاجأ بتأكيده هذا الترشيح، ما دفع الموفد القطري إلى مغادرة بنشعي مُحبطاً.

 

لكنّ التطوّر الأهمّ حصل أخيراً بعد التواصل بين جاسم بن فهد ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، وتشير المعلومات إلى أنّ الدوحة أبلغت عدداً من القوى السياسية اتفاقها مع برّي على عدد من المبادئ الرئاسية الأساسية، التي تتمثّل باقتناع برّي باستحالة وصول فرنجية بسبب عدم وجود احتضان مسيحي له، ولا رضى عربيّ وغربيّ، وبالتالي الذهاب إلى خيار ثالث هو الأفضل. وروّج القطري أنّ بري لم يُبدِ رفضه هذا الأمر، وتمّ تداول عدد من الأسماء، ولم يضع برّي «فيتو» على أيّ اسم من الأسماء.

 

وأخبر القطري من يتواصل معهم عن موافقة برّي على عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس وإيجاد التخريجة الممكنة لهذا الأمر، فيما اتّصل الموفد القطري ببعض القوى المحلية لإقناعها بخيار المدير العام للأمن العام العميد الياس البيسري. وتؤكد المعلومات وجود تواصل بين الدوحة و»حزب الله» حول الملف الرئاسي، وقد عزّز هذا الأمر الموقف من حركة «حماس» وحرب غزة، ويُخبر القطري أنّه نال ضوءاً أخضر من واشنطن من أجل الولوج إلى حلّ رئاسي.

 

وتواصل القطري بعد التطمينات التي أخذها من برّي سابقاً مع كتلتَي «الاعتدال الوطني» و»اللقاء الديموقراطي» من أجل الاطّلاع على رأييهما، ولكي يضمن موافقتهما على أي تخريجة، ما يسهّل الحديث مع «القوات اللبنانية» وبقية أطراف المعارضة التي تملك الثلث المعطّل، لكن لم يصل الجواب بعد إلى الدوحة في ما خصّ الموافقة على أحد الأسماء المطروحة قطرياً.

 

وبعد تجمّع هذه المعطيات، كان القطري قد أخبر اللجنة الخماسية أنّ برّي مستعدّ للتعاون، فحصلت الزيارة لعين التينة حيث تمّ الإتفاق على المبادئ العمومية، لكن برّي أعاد طرح مبدأ الحوار، ما يُشكّل ضرباً لجلسات انتخاب الرئيس.

 

من يعرف شخصية الرئيس برّي، يعلم قدرته على المراوغة، فهو ليس من طبيعة صدامية ويتعامل بإيجابية مع المبادرات، وبالتالي حتّى لو وعد الدوحة والموفد جاسم بن فهد بالتعاون، إلّا أنه لا يتحرّك دون موافقة «حزب الله» ومن دون الحصول على معطيات عربية وأميركية تؤكد نضوج طبخة الرئاسة. وأتى مطلب الحوار لبرّي أمام سفراء الدول الخمس ليزيد التعقيد الرئاسي، وهذا المطلب كان قد طرحه وفد «حزب الله» الذي يحاور بكركي، حيث أكّد أنّ انتخاب الرئيس يحصل بعد الحوار.

 

وترفض بكركي ومعها «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» مبدأ الحوار على طريقة «الثنائي الشيعي»، أي الحوار لفرض فرنجية أو وضع شروط توافق «الثنائي». ويظهر واضحاً ذهاب كل وعود برّي للدوحة بالإيجابية والتعاون أدراج الرياح، بعدما قال «حزب الله» كلمته لبكركي، وبالتالي لا يستطيع برّي التحرّك بلا إشارة مرور من «الحزب» حتى لو وعد القطري أو الدول الخمس.