Site icon IMLebanon

هل استبدل “الحزب” الغطاء المسيحي بالسنّي – الدرزي؟

 

 

لن يغفر مناصرو «التيار الوطني الحر» لـ»حزب الله» قراره المشاركة في جلستي مجلس الوزراء اللتين دعا اليهما الرئيس نجيب ميقاتي. فالحزب وفق هؤلاء «كسر» التيار عندما قَبل المشاركة في الجلسة الاولى، ولكن كان يمكنه منع انعقادها لو أراد، وليس فقط الامتناع عن تأمين نصابها.

بالنسبة إلى الحجة التي «تذرّع بها الحزب»، تذكّر اوساط التيار أنّها مخالفة للأولويات التي تحدث عنها أمينه العام عندما تكلم عن الرئيس المطمئن، معتبراً وجوده وسلاحه اولوية، اما هموم المواطن ومكافحة الفساد فتأتيان لاحقاً، لكن الحزب ومن خلال تأمين نصاب الجلسة الحكومية، متذرعاً بقضايا الناس الملحّة، تخطّى الاولويات التي شدّد عليها امينه العام في أهم إطلالاته.

 

وتعليقاً على تلك المشاركة، ترى الاوساط نفسها، انّ التيار يحق له ايضاً الثبات على خياره بعدم المشاركة في الجلسات الحكومية، وذلك أيضاً بهدف حماية وجوده وكيانه وطبعاً الاولويات الرئاسية، والتي يعتبرها أساساً لمعركته. وعنها تقول اوساط التيار: «مثلما اختار الحزب وجوده أولوية، يحق للتيار ايضاً خوض معركة وجوده من دون ان يتخلّى عن معركته في مكافحة الفساد وتحصيل حقوق الناس المنهوبة».

 

وبناءً عليه، يكشف زوار رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، انّه يعتبر موافقة الحزب على المشاركة في الجلسة «الثانية» لمجلس الوزراء هي بمثابة «إمعان في الخطيئة».

 

من جهةٍ أخرى، ولطالما اعتبر التيار نفسه ممراً شرعياً وإلزامياً للحزب لتأمين الغطاء المسيحي الصلب، فإنّ السؤال المطروح اليوم هو: هل الحزب لم يعد عملياً في حاجة إلى هذا الغطاء المسيحي وبالتحديد غطاء «التيار الوطني الحر»؟ وهل تصح مقولة إنّ الحزب استبدل الغطاء المسيحي بالغطاء السنّي؟

 

اوساط متابعة تلفت إلى انّ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله قالها صراحة في إحدى إطلالاته ولم تعد سراً. واشارت إلى انّه ومنذ عام 1990 حتى 2006 كان «حزب الله» يؤمّن لنفسه غطاء سنّياً ـ درزياً في الداخل اللبناني تحت عنوان «شعب ـ جيش ـ ومقاومة»، وتناوبت بيانات الحكومات السابقة كافة على تبنّي هذا الشعار إلى حين اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عندها فقد الحزب الغطاء السنّي الذي استمر 16 عاماً، فعمل «لتأمين غطاء مسيحي يعوّض عليه الغطاء السنّي الذي خسره بعد اغتيال الحريري فكان «تفاهم مار مخايل»

 

بين الأمس واليوم

في الموازاة، ترى أوساط مطلعة، انّ الظروف اليوم مختلفة عن الأمس البعيد للأسباب الآتية:

1- السعودية تبني على مفاوضات مع ايران.

2- المحكمة الدولية الخاصة بالحريري أقفلت ابوابها.

3- تراجعت الحرب في سوريا، وثبّتت الدولة السورية نفسها في المعادلة.

٤- المنطقة متجهة إلى تسويات فيما الداخل السنّي مفكك وغير قادر على حسم خياره…

 

وعليه، في رأي تلك الاوساط، فإنّ الحزب لم يعد لديه الحاجة نفسها اليوم. متسائلة عمّا يمنعه من العمل على إعادة تركيب مظلة سنّية ـ درزية أسوة بالمرحلة السابقة، فيما تبدو المشهدية الداخلية مشجعة؟ فرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط واضح انّه مرتاح إلى تموضعه تحت غطاء الرئيس نبيه بري، فيما الاخير يبدو واثقاً من «الرفيق جنبلاط الذي لن يحيد عن الخط».

 

أما «حزب الله» فيبدو من جهته ممسكاً بوضوح بالقرار السنّي التنفيذي من خلال ميقاتي. وبالنسبة إلى البقية الباقية من القيادات السنّية، فتبدو مشرذمة تترقب الحسم السعودي الذي أعلن جهاراً النأي بالنفس عن التسمية الرئاسية. موضحاً أن ليس للسعودية مرشحين، وبذلك تبدو القيادة السنّية في الداخل بلا أفق.

وسط هذه المشهدية ترى الاوساط نفسها، انّ الحزب تمكّن من الاستحواذ على ربع القيادة السنّية، وهو ربما قادر على استحواذ اكثر من الربع، اذا ما تمّ ضمّ النواب السنّة المحسوبين عليه، أمثال النائبين: حسن مراد، فيصل كرامي.. وغيرهما، ويُضاف اليهما اليوم أداء رئيس الحكومة بما يمثل من سلطة تنفيذية.

 

وامام هذا الواقع القديم ـ الجديد، تتساءل الأوساط المطلعة، عمّا يمنع الحزب من الانسحاب تدريجاً ومن دون اعلان عن عدم حاجته بعد الآن إلى غطاء التيار، وهو بالأداء السنّي الحالي معطوفاً على الأداء الدرزي، يستغني شيئاً فشيئاً عن الغطاء المسيحي، أي العودة إلى مرحلة ما قبل الـ 2006!؟

 

وفي السياق، تلفت الأوساط المتابعة، انّه وبناءً على هذه المشهدية، يجدر بـ»التيار» مراجعة حساباته اذا اعتقد أنّ الحزب غير قادر على التخلّي عن الغطاء المسيحي.

 

اما خارجياً، فتجدر الإشارة إلى انّ السعودية وايران، وإن اعلنتا عن توقف الحوار في ما بينهما مرحلياً، فهما اليوم بالحدّ الأدنى في حالة هدنة سياسية، كما انّ المفاوضات التي بدأت في العراق وتوقفت، عادت واستؤنفت بنحو غير مباشر.

وفي السياق، تكشف المصادر المواكبة لتلك المفاوضات، أنّ السعودية ومن خلال وزارات وقيادات أمنية، بدأت مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الاسد بعلم ايران. كذلك تكشف انّ الاجتماع الباريسي الذي صوّب عليه السيد نصرالله «بالمعادلة الداخلية» بقول ما معناه، انّ ورقة الرئاسة اللبنانية ليست بيد ايران، لأنّها فوّضته. وهو ما اكّدت عليه كذلك مصادر ديبلوماسية ايرانية، وكذلك فعل وزير الخارجية الايرانية. وهذا يعني انّ ايران لن تدخل في معارك مع احد او لأجل أي احد. فيما تكشف المصادر المواكبة لاجتماع باريس الذي سينعقد الاثنين المقبل، انّ دولة قطر ستكون مشاركة فيه، لافتة إلى انّ الاخيرة لا تقطع شعرة من دون التنسيق مع الجانب الإيراني، بما معناه انّ الحزب سيكون على علم وتنسيق مسبق من خلال المشاركة القطرية.

 

وبالعودة إلى استبدال الغطاء المسيحي بالغطاء السنّي، تنتقل الحالة الشيعية – السنّية من مرحلة التشنج إلى مرحلة التناغم، فيما تعلّق على هذا التناغم أوساط الحريري الذي لامه أهل السنّة ذات يوم من فرط «تنازله» للحزب بالقول: «هم اليوم السبّاقون»، متسائلة عن مصير «نادي رؤساء الحكومات السابقين» وموقفه الصامت الذي يؤكّد المؤكّد!.