Site icon IMLebanon

مرحبا رئاسة في جمهورية الغلبة

 

ماذا بعدما قرأ الجميع في لبنان وخارجه “الرسالة” التي بعث بها “حزب الله” الى أكثر من عنوان وأراد لهم قراءتها بوضوح؟ أين تقع المناورة-العراضة العسكرية التي قامت بها المقاومة الإسلامية في عرمتى على خريطة التحولات الدراماتيكية الجارية في المنطقة والعالم؟ وأي خط ترسمه في لبنان المنهوب والمأزوم والمحكوم بالفراغ والمافيا؟

 

التوقيت والعلانية جزء من الرسالة التي عنوانها الكبير: القوة تتكلم. أما العناوين الفرعية، فإنها القول للبنانيين: الأمر لي في السياسة والرئاسة. القول للإسرائيليين: إنتظرونا، وإن كنا جاهزين لإنتظاركم بالصواريخ. والقول للقمة العربية في جدة: لا سلطة لقرار من ورق على سلاحنا، ولسنا ما ترفضون تشكيله من “ميليشيات مسلحة خارجة عن نطاق الدولة” بل نحن دولة القوة في لبنان. والقول للغرب: الأمر لإيران في المنطقة.

 

ذلك أن الفارق كبير بين الإستعداد لمواجهة أي إعتداء إسرائيلي على لبنان وبين ربط لبنان حاضراً ومستقبلاً بقضية فلسطين والمشروع الإيراني. فالمناورة العسكرية كانت هجومية لا فقط دفاعية. والكل يعرف الى أين نصل حين تصبح مهمة “لبنان مع غزة والضفة الغربية والجمهورية الإسلامية” تحرير فلسطين الذي فشل فيه العرب جميعاً منذ عام 1948 وأخطأوا القراءة في المعادلات الدولية، ثم ذهب معظمهم في طريق آخر، بصرف النظر عن الخطاب. وقد تعب اللبنانيون من تمنينهم بأنه “لولا المقاومة لما بقي لبنان”. فالوطن الصغير كان صاحب دور ورسالة في المنطقة قبل المقاومة وحروب إسرائيل وحرب لبنان المفروضة. أين لبنان الماضي الديمقراطي المزدهر سياسياً وإقتصادياً وثقافياً من لبنان الحالي المنهار الذي صار ديمقراطياً في الشكل ومحكوماً بالغلبة و”الشوكة” عملياً؟ ولماذا صار الشغور الرئاسي هو القاعدة، بحيث يدار المجلس النيابي الذي هو نظرياً مركز اللعبة الديمقراطية في الحياة السياسية بما فيها الإنتخابات الرئاسية بقوة المصلحة الشخصية والحزبية، فلا جلسة إنتخابية إن لم يتم تأمين الأصوات اللازمة لنجاح من يرشحه “الثنائي الشيعي”؟

 

الواقع أن الرئاسة في مثل هذه الحال هي مجرد تفصيل في لعبة كبيرة على الجمهورية. هي “ملحق” بسياسة “الثنائي الشيعي”. والمعادلة بالغة الخطورة: “حزب الله” يضع مع قوى أخرى حواجز قوية للحؤول دون مشروع بناء الدولة، ويبني “دولة” له بكل أركانها الجغرافية والسياسية والإقتصادية والمالية والديبلوماسية، لكنه ليس مستعجلاً لوراثة لبنان وإقامة دولته رسمياً لأن الكلفة كبيرة الآن، و”الستاتيكو” مريح له ومربح.

 

والمشكلة أكبر. فالتحولات من حول لبنان لافتة، ومن ضمنها المتغيرات غير الكاملة في لبنان. لكن القوى جميعاً أسرى قراءات ذاتية في الإتفاق السعودي-الإيراني وقمة جدة. لا بل أننا مصابون بمرض لا شفاء منه هو الرهانات على ما لا نعرفه، ولا نحيط بحركته، ولا نستطيع تقديره في تحولات لا تزال في حال سائلة.

 

في إحدى الوثائق من كتاب “لينين غير المعروف: من الأرشيف السري” الذي أصدرته جامعة ييل، قال لينين لرفاقه: “لماذا نزعج أنفسنا في الرد على كاوتسكي، فسوف يرد علينا ثم نرد عليه الى ما لا نهاية. يكفي أن نعلن أنه خائن للطبقة العاملة وكل شخص يفهم كل شيء”. أليس هذا هو السائد عبر سياسة التخوين بدل الحوار؟