Site icon IMLebanon

فرص إنتاج ضائعة

 

نحتاج الى التفكير سريعاً بطرق لمنع الهجرة المتزايدة في لبنان، والتي وصلت الى أرقام مُقلقة بعد أن انعدمت فرَص العمل الجديدة بسبب الشلل الاقتصادي.

 

وأشدّد أولاً، انّ معالجة كافة مشكلاتنا الاقتصادية والسَير نحو التأسيس لاقتصاد منتج يخلق فرَص إنتاج جدية لن يحصل من دون تطبيق الشفافية الكاملة والبيانات المفتوحة، لأنّ الشفافية تنعكس على تحديث كافة الاجراءات الادارية المطلوبة لخلق اقتصاد تنافسي متطور.

 

علينا التفكير اليوم بعقلية مفتوحة، وعدم الاعتماد على سوقنا المحدود، بل اعتبار الاسواق العالمية كلها هدفاً محتملاً، وخصوصاً بعد تطور التكنولوجيا الرقمية والمواقع الاكترونية ومنصّات التواصل الاجتماعي.

 

وفي لبنان، نملك كثيراً من الـKnow how والحرفية، وكل ما نحتاجه هو طرق تنافسية لإيصال خدماتنا وبضائعنا الى العالم، وهذه النقطة الاساسية التي أعاقت تطور الأفكار الجديدة والصناعات الجديدة.

 

ونستطيع أن نعدد أفكاراً عدة، منها: تصليح هواتف إلكترونية، لوحات تحكم Drives and inverters، قطع صناعية لزبائن حول العالم يرسلونها الى الشركة اللبنانية وتعيدها الشركة بعد تصليحها، تصليح الساعات الفخمة وقطع المجوهرات واللبناني يملك مهارة مميزة في هذا القطاع، تصميم ملابس بحسب الطلب بعد ان اكتسب لبنان صيتاً مهماً في قطاع الموضة وباتَ اسم المصممين اللبنانيين يلمع عالمياً، بيع منتوجات زراعية بحسب الطلب لمناطق معروفة بإنتاجها الزراعي، بيع أشغال حرفية وأرتيزانا (مثلاً طاولة زهر مزخرفة محفور عليها اسم الشاري) وهذه صناعة مميزة تراجعت عبر السنوات الماضية لأنها اعتمدت على السوق اللبناني حصراً ولم يتم الترويج لها عالمياً، بيع أصناف المونة اللبنانية من زيت الزيتون المحلي، دبس الرمان وغيرها الكثير. هذه عيّنة عن الافكار المتعددة لمشاريع يمكن ابتكارها.

 

انّ تطوير هذا النوع من الاعمال يحتاج الى عدة عمل متطورة وتنافسية، أهمها خدمة البريد السريع التي تضمن إيصال السلع الى من يطلبها بسرعة وبأسعار تنافسية.

 

للأسف اليوم، إنّ أكلاف البريد السريع تحرم لبنان من هذه الفرص وغيرها، فخِدمته يمكن ان تشكّل معبراً أساسياً لعدد من الاعمال، ولذلك يجب الحرص على ان تكون فعّالة وتنافسية وبأكلاف مقبولة، لأنها ستفتح الباب أمام كثير من اللبنانيين لتأسيس أعمالهم الخاصة.

 

وعلى هامش الموضوع، انّ الشركة التي تُعرف باسم «ليبان بوست» كانت قد حصلت في آب 1998 على عقد حصري مع الدولة اللبنانية تحت اسم «بريد لبنان لتوزيع البريد ولتقديم خدمات للإدارات اللبنانية» مقابل حصة للدولة لا أحد يستطيع تقدير حجمها حتى الآن، بحجّة انّ هذه المعلومات سرية، علماً انّ الشركة، بالاضافة الى الحصرية، تستعمل مكاتب مَملوكة للدولة اللبنانية.

 

نذكر ذلك لنُبرهن انّ الشفافية تبقى العلاج الوحيد، فالشركة التي تستفيد من هذه الحصرية ومن أملاك الدولة، يجب أولاً أن تكون بياناتها مفتوحة في شكل تام، ليتمكّن المواطن من الاطلاع بوضوح على إيراداتها وعلى حصة الدولة.

 

وثانياً، يجب ان يحرص العقد الموقّع مع الدولة على ان تكون الاسعار تنافسية للمواطن اللبناني، حتى ولو جاء ذلك على حساب أرباح الدولة، لأنّ تأمين بريد بأسعار تنافسية، كما ذَكَرنا، ينعكس إيجاباً على الاقتصاد وفرَص العمل.