بالرغم من مرور عشرين عاماً على جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم تنطفىء هالة، هذا الرجل الذي ترك انجازات واقعية كبيرة في مختلف المجالات، من اعادة جمع شمل اللبنانيين من جديد وتقريبهم من بعضهم البعض، وجمعهم حول اعادة اعمار ماهدمته الحرب الاهلية المشؤومة والحروب الإسرائيلية على لبنان، والنهوض بالدولة ورفع مستوى عيش اللبنانيين، من الحضيض إلى مستويات رفيعة، الى الاهتمام بفئة الشباب، وتوفير العلم لها بالداخل والخارج معا، واعادة لبنان إلى خارطة العالم.
يندر ان تمر على جسر حيوي، او طريق سريع، او حتى طريق عادي، او تطرق منشأة عامة، ان لا تستذكر أنها من انجازات واعمال وخطط الرئيس الشهيد، طوال تمرسه بالمسؤولية، ناهيك عن المرافيء عامة، و مطار بيروت الدولي الذي ضاق على استيعاب الاعداد المتصاعدة من المسافرين في الاوضاع العادية المزدهرة.
اليوم يعرف اللبنانيون أهمية تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي على الف وخمسمائة ليرة لبنانية، إبان فترة حكم رفيق الحريري، ومدى تاثيرها في انتظام الاوضاع الاقتصادية، وتحسين مستوى عيش اللبنانيين و الحفاظ على قيمة عملتهم الوطنية، بالرغم من انتقادات بعض الخبراء والمنظرين الماليين، ومحاولات بعض السياسيين التصويب على هذه السياسة المالية التي اتبعها، أملا في استهدافه سياسيا وشخصيا.
لم تقتصر انجازات الرئيس الشهيد على اعادة الاعمار وانعاش الاقتصاد الوطني والاهتمام بالشؤون الصحية والاجتماعية والتعليم العالي، باعادة بناء صرح علمي حديث للجامعة اللبنانية والمستشفى الجامعي، بل بلغ اهتمامه إلى حد كبير تشكيل مظلة أمان فوق لبنان، لتفادي توترات وفلتان السلاح غير الشرعي بالداخل، وتجنيب اللبنانيين ويلات هذا التفلت، وحصن البلد في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية التي لم تتوقف.
لذلك، لم تكن صدفة ان يطالب بعض السياسيين البارزين وفي مقدمتهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بمرشح لرئاسة الجمهورية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية بوقت قصير يتحلى بمواصفات الرئيس رفيق الحريري، لتضميد جراح لبنان من فواجع ونكبات الحرب الإسرائيلية العدوانية واعادة اعماره وتخطي تداعياتها ومؤثراتها الخطيرة، لانه مقتنع تماما، ان ما انجزه الحريري في مسيرته السياسية، يستحق أن يكون مثالاً يحتذى به، برغم التباينات السياسية معه في بعض الأحيان،في حين عجز باقي الطاقم السياسي عن القيام بالحد الادنى من هذه الانجازات، برغم مرور عشرين عاماً، على جريمة الاغتيال الإرهابية.
أوجد رفيق الحريري، من خلال مسيرته الحافلة، زعامة سياسية، بهالة مميزة وغير مسبوقة، ليس لاهل السنّة فحسب، وانما للبنانيين عموما وعلى مساحة الوطن كله، وتجاوزته إلى دول الجوار العربي، وتركت جريمة اغتياله البشعة، فراغاً في الزعامة السنّية والوطنية، يصعب ملؤها في المدى المنظور على الاقل.
