Site icon IMLebanon

التوطين

 

خطِرّ وخطيرٌ كلام جريد كوشنر المكلّف من الرئيس الأميركي دونالد ترامب «الحل» (؟) في المنطقة على قاعدة ما يُعرف بــ«صفقة القرن» التي بدأت بوادرها في مؤتمر المنامة. إنه خطير كونه على قدر كبير من الأهمية. وإنه خطر كونه يحمل قراراً بإنهاء قضية فلسطين بما يؤكد على السياسة الأميركية المنحازة، انحيازاً أعمى، الى جانب الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، ويهدد الكيان اللبناني بالانهيار.

 

وهو كلام لا يحمل أي ذرة من الشك أو التمويه.

 

إنه واضح في وقاحته المبنية على «استلشاق» ليس له حدود بالأمتين العربية والاسلامية. هاتان الأمتان اللتان لم يسبق أن كانتا في موت سريري كما هما اليوم، بالرغم من الثروات الخرافية (التي يعرف ترامب من أين تؤكل كتفها) والجحافل البشرية، والجغرافيا الممتدة على ملايين الكيلومترات المربعة!

 

وأكثر ما يؤذينا في لبنان، أن مستر كوشنر أبلغنا بالفم المليان تعصباً صهيونياً مقيتاً أنّ توطين الفلسطينيين في لبنان هو قدر محتوم. ولم يكتف بذلك، بل وجّه إلينا تأنيباً لأننا لا نعطي الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية الكاملة… ومع ذلك لم يتردد في أن ينافق علينا بتعبير كاذب ربّـما كان كلام حق من حيث المبدأ إلاّ أنه أراد به باطلاً من دون أدنى شك أو ريب.

 

من أقوال كوشنر أن «خطة السلام» تدعو الى توطين دائم للاجئين الفلسطينيين في الأماكن التي يقيمون فيها بدلاً  من عودتهم الى أراضٍ أصبحت الآن في إسرائيل…».

 

وماذا لو رفض العرب توطين الفلسطينيين في البلدان التي لجأوا إليها؟ اجاب كوشنر: «سيتم التعامل مع المسألة لاحقاً».

 

1 Banner El Shark 728×90

 

هكذا، ببساطة مذهلة، يمون الموفد الأميركي، ربيب البيت الأبيض، على العرب، وطبعاً على لبنانَ ولكن هذه «المونة» نخشى أن تكون  فاتحة لمآسٍ جديدة. خصوصاً أن لبنان لن يقبل التوطين، وأن الفلسطينيين بدورهم، يرفضونه.

 

وباصطناع الموضوعية وطيبة القلب قال كوشنر: «أعتقد أن الشعب اللبناني سيود أن يرى حلاً للقضية حلاً عادلاً. وأعتقد أيضاً أن اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في لبنان، المحرومين من الكثير من الحقوق والذين، كما تعلمون، لا يعيشون أفضل الظروف حالياً سيريدون أيضاً موقفاً يوفر لهم مساراً للحصول على مزيد من الحقوق وعيش حياة أفضل».

 

أليس هذا هو «السُمُّ في الدسم»؟!

 

وبعد، دستورنا يمنع التوطين، وأدبياتنا السياسية تعلن رفض التوطين. إلاّ أن ذلك كله لا يكفي. فبعد الكلام الأممي الذي أثار ضجة قبل أشهر حول توطين النازحين السوريين في البلدان التي انتقلوا إليها، يجيء الكلام على توطين الفلسطينيين في لبنان.

 

ونود أن نصارح الأطراف كلها العاجزة عن إقرار موازنة عامة للبلد، أننا لا نثق بادعاءاتها، وأنه آن لها أن توقف هذه الهمروجات المضحكة – المبكية… وأنه لم يعد مسموحاً لأحد أن يشكك في مخططات التوطين. والمطلوب تدارك جاد لهذه المخططات.