Site icon IMLebanon

هوامش على هبّة تشرينيّة

 

التظاهرات في لبنان، منذ بدايتها، كانت «مختلفة» عن النمط الذي راج في البلد في السنوات العشرين الأخيرة. لم تكن حشداً طائفياً لمناصري أحزاب، ولا «حركة» نظّمها الناشطون المحترفون مع أصدقائهم في الإعلام، ولا أحد دعا اليها ويمتلك القدرة على التكلّم باسمها. التّظاهرات التي انطلقت ليلاً، وخارج عطلة الأسبوع، كانت مختلفة بمعنى أنّها «حقيقيّة» ولها أسباب واضحة: مواطنون من النصف الأفقر في المجتمع شعروا أخيراً بأنّ كلفة أزمة الدولة والفشل الاقتصادي قد وصلت الى عتبة بيوتهم. مزيدٌ من الرّسوم والضرائب ونذر انهيارٍ ماليّ سيدفعون هم ثمنه؛ وأنت أصلاً قد تم تجريدك – على طول العقود الماضية – من أي شبكة أمانٍ أو ضمان أو هامشٍ تتحايل به على الرأسمالية (كالأرض التي ورثتها في قريتك، أو ميزة تعليمٍ جيّدٍ ومجّاني)، فلم يظلّ أمام هؤلاء سوى الخروج والاحتجاج.

لهذه الأسباب، كانت التظاهرات – منذ بدايتها – أكبر بكثير من الغالبية العظمى للتظاهرات التي تمت الدعوة اليها في حراك 2015 (رغم كثافة «الرعاية الاعلامية» وكثرة «القادة» وارتفاع «السقف السياسي»)؛ وانتشرت الاحتجاجات مباشرة – للمرة الأولى في الذاكرة – في مناطق مختلفة وطرفيّة في آنٍ واحد، ولم تتركّز في بيروت. من هنا، ايضاً، أسّست التظاهرات، منذ لحظاتها الأولى، لأفعالٍ وسلطةٍ لم يقترب منها أيّ حراكٍ سابق. الجّانب «العملي» من الاحتجاجات، مثلاً، كان في إغلاق الطّرق والتقاطعات الرئيسيّة، وهو ما جرى بسرعةٍ وحزمٍ ومرّ من دون أن يتمكّن أحدٌ من اعتراضه (في الماضي، كان «امتياز» إغلاق الطرقات محصوراً بشباب المحلّة الحزبيين، حين يطلب منهم مسؤولهم النزول الى التّقاطع والتعبير عن «غضب الطائفة» عبر الاطارات المشتعلة). حين حطّم المتظاهرون متاجر فاخرة وأحرقوا مصالح تتبع لسياسيّين لم يجرؤ أحدٌ على تجريم المحتجّين أو سحب شرعية الاحتجاج منهم – كما حصل سابقاً على ما هو أقلّ بكثير – فالسياسيون فهموا أنّك، وبخاصة في تلك اللحظات الأولى، لست أمام مسرح تظاهرٍ إعلاميّ، بل أمام أناسٍ غاضبين يصنعون القواعد والقوانين في اللحظة، ولا يعترفون بناموسٍ قائم – وأنت، كسياسيّ، تعرف ألّا تستفزّ فئة كهذه في الأوقات الحرجة. قدّمت الحكومة، خلال أقلّ من 24 ساعة، «خطّة انقاذية» ليست كافية ولن تنقذ أحداً، لكن فيها تنازلات تفوق ما قدّموه على مدى سنواتٍ من الأزمة والتفاوض والعناد.

قبل هذا كلّه، تشكّل الاحتجاج في يومه الأوّل من خليطٍ طبقيّ حقيقيّ، امتزج بشكلٍ تلقائي وايجابي: شبابٌ فقراء سحقهم النظام يسيرون مع أفرادٍ من الطبقة الوسطى الدنيا، تتحسّس انحدارها الطبقيّ وأنها تنزلق بسرعةٍ الى الفقر. تعلّموا في الجامعات ولكنهم لم يجدوا وظائف، والأزمة الماليّة زعزعت عندهم أيّ شعورٍ بالأمان والاستقرار والثقة بالمستقبل. كان لديك في اليومين الأوّلين شبّانٌ جامعيّون يحتجّون خلال النّهار، ومعهم شبابٌ من الأحياء الفقيرة التي تحيط بوسط بيروت، يصطدمون مع القوى الأمنيّة في الليل وينقضّون على رموز الدّولة والمباني الفاخرة. كلّ هذا حصل من دون أن يخرج «قادة الثّورة» يستنجدون بالأمن لاخراج «المندسّين» الفقراء من السّاحة وتركها لهم ولأصدقائهم «النّظيفين» (وهو ما حصل، حرفيّاً، عام 2015). والأهمّ من هذا كلّه أنّنا – ايضاً للمرّة الأولى – لم نرَ المشهد السّمج لـ«قادة المجموعات» وهم يتداولون، جانباً بين بعضهم البعض، حول الاتّجاه الذي سيأخذون «النّاس» فيه وعن الخطاب الذي سيتلونه باسمهم (فيكون «الاحتجاج» و«الثورة»، من لحظاته الأولى، يفرز تراتبيّة ونخباً وزعماء طامحين).

ولكن هذا كلّه قد لا يعني شيئاً.

 

«الثورة» والمهرجان

اختبرتُ التظاهرات هذه المرّة، كما جرت في مدينة صيدا الجنوبيّة؛ وأيّام التظاهر في صيدا كانت تشبه المدينة نفسها: وادعة، مسالمة، ولا سياسيّة بشكلٍ عميق. مع أنّ التجمّع كان يجري في تقاطعٍ رئيسي تمّ اقفاله، الّا أنّ الجوّ كان وديّاً واحتفاليّاً وأشبه بالكرنفال، وسرعان ما نُصبت في المكان عرباتٌ تبيع الماء والمرطبات والمكسّرات والنراجيل. تشعر في تظاهرات صيدا – كما مع كثيرٍ من الأمور – بأنّك في «فرعٍ ثانٍ»، ثانوي، لشيءٍ حقيقيّ يجري في مكانٍ آخر (وهذه المرّة، لم يكن «الحدث» الحقيقي في الاحتجاجات، كالعادة، في بيروت، بل في الجنوب والشمال). بحلول ظهر السّبت، كانت الهتافات الاحتجاجيّة العموميّة قد تمّ استبدالها، مع حضور التجهيزات الصوتيّة الكبيرة، بأغانٍ بعضها يمجّد الجّيش، وبعضها الآخر يخبرك بأنك محظوظٌ لأنك لبناني، وأنك في أفضل وطنٍ في العالم (حضور التجهيزات الصوتيّة والمنصّة، في أي احتجاج عفوي، هو فألٌ سيء).

المسألة هي أنّ حدود الفعل «العفوي» والتنظيم الذاتي والغضب الموجّه قد وصلت الى ذروتها ليلة السّبت على أبعد تقدير، وما يجري بعد ذلك – ان لم تتحوّل الحركة الى فعل – هو الارتخاء والتشتّت ورجعة العادات القديمة واستيراد الأجندات من كلّ مكان. حين يستقرّ الحراك ويتّسع، وهو من دون عنوان ومطالب وأعداء واضحين، سرعان ما تنضمّ اليه مختلف الفئات، وتحضر معها أجنداتها، وسيلجأ كلٌّ الى سلطته الاجتماعيّة والماليّة لكي يبرز صوته في الساحة وفي الإعلام. وينضمّ النخبوي المترف الى حراك الفقراء، ثمّ يبدأ بالتكلّم باسمهم، ولا يشعر بأيّ حرجٍ (فهؤلاء لديهم نرجسيّة الطفل المدلّل، لا يقترب من شيء الا ويستحوذ عليه، لا يشارك الا كـ«واجهة» وقيادي، ولا ينزل الى مظاهرة أو يساهم في فعل سياسي من غير أن يستثمر «جهده» الى الحدّ الأقصى، ونعرف جميعاً به، ويتحوّل نزوله الى حدثٍ تاريخي – الشيء الوحيد الذي لا يمكننا تصوّره منهم هو أن يأخذوا مسافةً من حدثٍ ما من دون أن يتبنّوه ويقفزوا عليه، أو يعترفوا بأنّ مكانهم السياسي والطبقي لا يتماثل مع المحتجّين وأنّ واجبهم التواضع).

 

هناك نخب تفضل حراكاً فاشلاً يستهدف المقاومة على حراكٍ يغيّر ظروف النّاس

 

في لحظة مللٍ ونحن جالسين على الرّصيف في وقتٍ متأخر من ليل السبت في صيدا (ان كنت لا تدخّن النارجيلة، فأنت قد تشعر بالملل في تجمّعٍ كهذا بسرعةٍ نسبيّاً)، سألت صديقي الذي بجانبي، وهو مؤيّدٌ لتيار الحريري ويعمل في مصرف: «لماذا انت هنا بالضبط؟ ما الذي تأمل أن ينتج عن هذا الحراك بالمعنى العملي؟»، فأجابني بأنه يريد انتخابات مبكرة وهذا هو الهدف. وهل انتخابات جديدة هي الحلّ؟ وهل ستفرز واقعاً سياسياً واقتصادياً مغايراً؟ «ليس بالضرورة»، أجابني، «ولكنّ عون سيخسر». صديقٌ آخر متحمّسٌ للحراك لأنّه مقتنعٌ بأنّه، من أوّله الى آخره، عمليّة انقلاب خفيّة يقودها حزب الله من خلف الستار. ومع اليوم الثاني للتظاهرات وانضمام المجموعات النخبوية المعهودة الى السّاحة، جاء أمر العمليّات يوم السّبت الى الجوقة لكي توجّه كامل الحدث ضدّ حزب الله والمقاومة. هذا متوقّعٌ منهم، فالعداء للمقاومة هو هويتهم السياسية الحصريّة ووظيفتهم الى يوم يتقاعدون، والغريزة السياسية الوحيدة التي تحرّكهم هي الحقد على المقاومة. هذا نعرفه ويظهرونه في كلّ مناسبة، ولكنّك، حين تستغلّ حراك الفقراء لكي «تتذاكى» وتروّج لأجندتك وعداواتك ومصالح الفقاعة الفاسدة التي تعيش فيها، فأنت تحتقر آلام النّاس وتصادر معاناتهم وتعاديهم بالمعنى الفعلي، وهذه النخب تفضّل – حرفيّاً – أن يكون هناك حراكٌ فاشلٌ يستهدف المقاومة على حراكٍ يغيّر ظروف النّاس ويلغي تبعات الدّين العام عليهم. المشكلة، بعبارات مباشرة، هي أنّ استحضار تراث الناشطين وقاموسهم التقليدي، والدعوة الى اسقاط النّظام أو شتم حسن نصر الله أو «كلّن يعني كلّن» أو تعديل قانون الانتخاب، هذه كلّها مواضيع يمكن أن تختلف معها أو تتفق، ولكن لا علاقة لها بما خرج النّاس من أجله الأسبوع الماضي. وحين تتوقّف عن رفع قضيّة المحتجّين وتصادر صوتهم فهم سيتوقّفون عن الانضمام الى الساحة، وسرعان ما تجد نفسك – مجدّداً – وحيداً في التظاهرة، مع أصدقائك وباقي الناشطين.

 

«تغطية» المطالب

أجد أحياناً أنّ الكلام عن «الجماهير» و«الشعب»، ككتلة واحدة تخرج في الاحتجاجات وتنطق بلسانٍ سياسيٍّ واحد، كأن شعوبنا استثناء للقاعدة التاريخية حول القيادة والتنظيم، فيه شيء من «الاستشراق»؛ وقد يكون تكرّس بعد التغطية الغربيّة لأحداث «الربيع العربي». المعنى هنا هو أنّ الاعلام يستسهل تقديم الاحتجاجات العربيّة على أنّها بلا اسماء، لا تيارات فيها وتنظيمات، وفصائل وحشود لها وعي سياسي يذهب أبعد من الدّعم على الخبز أو «خلع الديكتاتور» (الذي تعاديه أميركا)؛ ولديها مواقف في السياسة الدولية ومن اميركا واسرائيل، ومن التنظيم الاقتصادي في المجتمع. في أفضل الأحوال، هم يقسّموننا الى طوائف بدائية تتقاتل. اللعبة ذاتها تدور على المستوى الدّاخلي حين يتواطأ الاعلام والنّخب على الكلام باسم «الشعب اللبناني» لأنّه، حين يكون بلا وجوه واسماء، يصبح من السهل أن تتكلّم باسمه وتستنطقه كما تريد. ايّاكم أن تنخدعوا بكلام التلفزيون عن «معاناة النّاس» وأنهم ينقلون «الصّرخة» (التعبير المفضّل لدى مراسلي القنوات التلفزيونيّة)، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كنت تجد في كلّ الصحافة المحافظة في الغرب، وتلك التي تملكها مصالح وثروات، صحافيّاً عمله أن يتفجّع باستمرار على حال الفقراء، وينقل بتأثّرٍ القصص المبكية من المجتمع، ويدبّج مقالات عاطفيّة عن البؤس الانساني، ولكن من دون أن يكون لها أي معنى سياسي. لهذا السّبب أنا لا أثق، ولا اتأثّر، بمن يستحضر المعاناة و«النّاس» من دون أن استخرج بوضوحٍ معنىً وهويةً سياسية مما يقول.

أعترف بأنّني، حين عملت في لبنان ودخلت مجال الصحافة، لم أتعلّم الكثير عن الصنعة بالمعنى المهني والتّقني، ولكن أهم ما تعلّمته هو أن تفهم كيف يُصنع الإعلام، ومن يقف خلف ماذا، وكيف يتمّ انتاج المراسلين والمراسلات وتصنيع النّجوم، وأن تفهم البنية التي تنتج كلّ هذه الأمور وتطبع التغطية بطابعها. حين تتعلّم شيئاً عن حقيقة الإعلام (ولبنان بلدٌ صغير جداً، تكون فيه هذه الأمور مشخصنة، وهي عن أناسٌ لا تفصلهم أكثر درجة من المعرفة عنك)، فإنّ الهوس الذي يسيطر عليك هو في أن تمنع شعبك من تصديق ما يرونه على الشّاشة أو التسليم بالشخصيات التي تقدمّها اليهم أو اعتبار القناة حليفاً لهم بأي معنى (فلنتكلّم على التلفزيون الآن، باعتبار أن تاثيره لا يقارن بالاعلام المكتوب). الحلّ هو ليس في أن تبتعد عن الاعلام أو أن تتجنّب الصورة، بل أن تفهم كيف يتمّ انتاجه وأنّه ليس صوتاً حياديّاً ولا خدمةً عامّة. شروط الطموح والتنافس و«اقتناص» الفرصة والمناسبة هي ما يحرّك الاعلامي قبل أيّ شيء، وحين نشاهد مشهداً سياسيّاً «مثيراًِ»، كالمواجهة التلفزيونية التي كانت بطلتها النائب بولا يعقوبيان مؤخراً، فيجب أن لا تأخذ المشهد – الكيتش كما هو، بل أن تتذكر دوماً أن الأبطال الحقيقيين هم ليسوا الضيوف، بل مالك المحطة والمذيع، ولولاهما لما رأيت شيئاً مما جرى.

المسألة، في العمق، هي أنّ أي نتيجةٍ لهذا الاحتجاج لا توجّه مباشرةً الى الدّين العام اللبناني، ولا تعيد النّظر بالملكية العامّة والخاصّة في لبنان (وبالتحديد تلك التي تراكمت من «نصبة الدّين العام»)، ستكون بلا قيمة، ولو رسم المتظاهرون مشاهد رائعة وأُعجب بنا كلّ العالم. خطّة «الانقاذ» التي يتمّ تداولها اليوم، وإن صدقت، ليست أكثر من كسبٍ للوقت وتأجيلٍ – قصيرٍ – للأزمة، وسنجد أنفسنا مجدّدا في المكان ذاته بعد أشهرٍ أو سنة. والخطّة، فوق ذلك، تنتهي بتخصيصٍ وبيعٍ لأملاكنا العامّة. المواجهة الفعليّة في الدّاخل هي حول طريقٍ رسمته لنا المنظمات الدولية وأميركا للخروج من «الأزمة»، وهي تتضمّن رفعاً للضرائب وتقليصاً للخدمات وبيعاً لأملاك الشعب من أجل دفع الدّيون. هذا ما أخرج الناس الى الشارع، والاستجابة الى رغباتهم لا تكون الّا برفض هذا الطريق، ودون ذلك خيارات صعبة وعنف، وإن توجّهت اليه فعلاً، فلن يقف معك مالك المحطّة ولا الناشط المترف ولا ابن المنظمات الغربيّة، بل سيكونون في مكان آخر تماما.

 

خاتمة: ساعة الحقيقة

هناك عنصران يجدر التذكير بهما في مثل هذه الأيّام الحسّاسة. أوّلاً، أنّنا لسنا في ميدانٍ سياسيٍّ رحبٍ مفتوح، فيه مجالٌ للمناورات والتأجيل والحلول الوقتيّة. هناك قطارٌ يسير بسرعةٍ باتّجاهنا، اسمه الدّين العام والأزمة الماليّة، ونحن نعيش على توقيت هذا الحدث وليس أيّ شيءٍ آخر. إن تجاهلته فهو لن يتجاهلك. من جهةٍ أخرى، فإنّ إعادة النّظر بمفهوم «الأزمة» من أصله، ومن يملك ماذا ومن سرق ومن يستحقّ ما جمع ومن يستأهل المصادرة، فهو خيارٌ في بلدٍ كلبنان – أو في أيّ بلدٍ – آخره على الأرجح الحرب. إن كنتم تعتقدون بأننا شاهدنا عنفاً في الأيّام الماضية، فصدّقوني بأنّ العنف الحقيقي، والأفعال الوسخة بحقّ، لن تبدأ لأنّ متظاهراً شتم زعيماً، أو بسبب خلافٍ سياسيّ، بل حين يشعر من نهب البلد لعقود بأنّ مركزه الاجتماعي يتمّ تهديده على نحوٍ جدّيّ. النخبة في لبنان مكوّنة أساساً من عددٍ هائلٍ من الأفراد وصلوا الى مواقعهم بوسائل «غير أخلاقيّة»، واستخدموها لمراكمة الثروة والسلطة، وهم حين يشعرون بأنّ محاسبةً قد تأتي حقّاً، فسيعملون كلّ ما يمكن تخيّله لمنع ذلك. من يخبرك بأن مصادرة الناهبين واسترداد مال الشّعب سيحصل بيسرٍ وعبر التظاهرات والاعتراض، وأن أمامنا خيارات سهلة، فهو يكذب عليك، ومن واجبك حين تعزم على أمرٍ أن تفهم كلفته وتعدّ العدّة له. من جهةٍ أخرى، الحرب في لبنان اليوم لن تشبه مثيلاتها في الماضي، فنحن في سياقٍ تاريخيٍّ مختلف تماماً، ولكنها تظلّ حرباً وعنفاً وتخرج أسوأ ما في النّاس والمجتمع. على ذلك، حين تفهم كلفة «السّلم» الذي يتمّ إعداده لنا، إن لم يستعد الشعب سيادته ممّن نهب بلاده، فإنّ الحرب قد لا تعود بالضرورة الخيار الأكثر جسامة.

 

من ملف : يوم الاختبار: السلطة أم الناس؟